إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آية الولاية 3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آية الولاية 3

    / الاعتراضات التي وردت على آية الولاية



    الاعتراض الأول /

    قال الفخر الرّازي ومتطرفون آخرون: أنّ عليّاً(عليه السلام) بما عرف عنه من خشوع وخضوع إِلى الله، بالأخص في حالة الصّلاة (إِلى درجة، أنّهم استلوا أثناء صلاته سهماً كان مغروزاً في رجله، دون أن يحس بالألم ) كما في (الرواية المعروفة) فكيف يمكن القول بأنّه سمع أثناء صلاته كلام السائل والتفت إِليه؟!
    الجواب/
    هذا الالتفات لم يكن من أمير المؤمنين إلى أمر دنيوي ، وإنّما كانت عبادة في ضمن عبادة. ولقد عُدّت هذه القضيّة عند الله ورسوله وسائر المؤمنين من مناقب أمير المؤمنين ، فلو كان لهذا الإشكال أدنى مجال لمّا عدّ فعله من مناقبه. وهذا موجود في حال أمير المؤمنين ، فأمير المؤمنين (عليه السلام) قد جمع في صفاته الأضداد، وإلاّ لم يكن متفرّداً بفضائله ومناقبه، وإلاّ لم يكن وصيّاً لرسول الله، وإلاّ لم يكن كفواً للزهراء البتول بضعة رسول الله .
    يقول الالوسي : قد سئل ابن الجوزي هذا السؤال، فأجاب بشعر، يقول :
    يسقي ويشربُ لا تلهيه سكرتهُ ... عن النديم ولا يلهو عن الناسِ
    أطاعَهُ سُكرُهُ حتّى تمكّن من ... فعلِ الصحاةِ فهذا واحدُ الناسِ
    هذا شعر ابن الجوزي الحنبلي، الذي نعتقد بأنّه متعصّب، لأنه في كثير من الموارد نرى أمثال ابن تيميّة والفضل ابن روزبهان وأمثالهما يعتمدون على كتب هذا الشخص في ردّ فضائل أمير المؤمنين ومناقبه ، أمّا في مثل هذا المورد يجيب عن السؤال بالشعر المذكور.
    وجاء في صحيح مسلم باب جواز حمل الصبيان في الصلاة 1 / 385 قال : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب وقتيبة بن سعيد قالا حدثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير ح وحدثنا يحيى بن يحيى قال قلت لمالك حدثك عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلي وهو حامل أمامه بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم ولأبي العاص بن الربيع فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها ؟ قال : يحيى قال : مالك نعم .

    الاعتراض الثاني /
    إنّ الآية أشارت بصيغة الجمع قائلة (الذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون) فكيف يمكن أن تكون هذه الآية في حق شخص واحد كعلي(عليه السلام)؟
    الجواب /
    الآية لم تستعمل الجمع في المفرد وإنما استعملت الجمع في الجمع وهو الأصل فالذين امنوا هم كل من آمن وأقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع فالآية تتحدث بالولاية عن كل من وجدت به هذه الصفات وبالتالي استعملت الذين امنوا في الجمع وهم الأئمة واعتبار أمير المؤمنين أول فرد من الجمع ، واستعمال الذين امنوا في الجمع استعمال حقيقي . وان استعملت الآية الجمع وأرادت به المفرد فرضا فأنّ هذا الاستعمال له نظائر كثيرة في القرآن الكريم ، وفي السنّة النبويّة ، وفي الاستعمالات الصحيحة الفصيحة ، ثم إن الروايات المعتبرة المتّفق عليها دلّت على أنّ المراد هنا خصوص علي (عليه السلام).
    و مجيء اللفظ بصيغة الجمع لابدّ وأن يكون لنكتة، تلك النكتة ذكرها الزمخشري الذي هو من كبار علماء العامّة صاحب الكشّاف وغير الكشّاف من الكتب الكثيرة في العلوم المختلفة ، يجيب عن هذا الإشكال : ( بأنّ الفائدة في مجيء اللفظ بصيغة الجمع في مثل هذه الموارد هو ترغيب الناس في مثل فعل أمير المؤمنين ، لينبّه أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على هذا الحد من الحرص على الإحسان إلى الفقراء والمساكين ، يكونون حريصين على مساعدة الفقراء وإعانة المساكين ، حتّى في أثناء الصلاة ، وهذا شيء مطلوب من عموم المؤمنين ، ولذا جاءت الآية بصيغة الجمع ) . وقالوا أيضا النكته هي التعظيم وهي إحدى وجوه استعمال الجمع في المفرد ، ويذكر كذلك إن الفرد الواحد إذا اجتمع فيه ما تفرق من كمالات من سائر الأفراد فأنه يكون من جهة الكمالات جماعة في الحقيقة قال تعالى (إن إبراهيم كان امة ) وأمير المؤمنين هو أكمل أفراد الذين امنوا وسيدهم ، وآية المباهلة نفسها أيضاً بصيغة الجمع، إلاّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء بعلي عليه السلام ، مع أنّ اللفظ لفظ جمع (أنفسنا وأنفسكم) وجاء بفاطمة عليها السلام والحال أنّ اللفظ لفظ جمع ( النساء ) .
    الاعتراض الثالث /

    أنّ كلمة (ولي) الواردة في الآية تعني الصديق والناصر وأمثالهما ، وليست بمعنى المتصرف أو المشرف أو ولي الأمر لان الوَلي مأخوذ من الوَلاية ويعني المحبة والنصرة بينما ما هو مطلوب هو الوِلاية التي بمعنى السلطان والآية جاءت بلفظ الوَلي فالآية بصدد بيان النصرة والمحبة

    الجواب /
    جاء في ( مختار الصحاح ) ( قال ابن السِّكِّيت: الوِلاية بالكسر السُّلطان والوَلاية والوِلاية بالفتح والكسر النُّصْرة. وقال سيبَوَيْهِ: الوَلايَةُ بالفتح المصدر وبالكسر الاسمُ. وقَوْلُهم: أَوْلَى لَكَ تَهْديدٌ وَوَعيدٌ. قال الأَصْمَعِيّ: مَعْناه قارَبَه ما يُهْلكه أي نَزَل به. قال ثَعْلَب: ولم يَقُلْ أَحدٌ في أَوْلَى أَحْسَن ممَّا قالَه الأَصْمَعي. وفلانٌ أَوْلَى بكذا أي أَحْرَى به وأَجْدَرُ. ويقال هو الأَوْلَى وفي المرأة هي الوُلْيَا) .
    وفي البخاري ( حدثني إسحاق حدثنا ابن نمير أخبرنا هشام . وحدثني محمد قال سمعت عثمان بن فرقد قال سمعت هشام بن عروة يحدث عن أبيه : أنه سمع عائشة رضي الله عنها تقول { ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف } . أنزلت في والي اليتيم الذي يقيم عليه ويصلح في ماله إن كان فقيرا أكل منه بالمعروف )
    وجاء في البخاري أيضا استعمال الولي بمعنى الخليفة ( ......ثم توفي النبي صلى الله عليه و سلم فقال أبو بكر فأنا ولي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل به رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنتم حينئذ فأقبل على علي وعباس وقال تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان والله يعلم إنه فيه لصادق بار راشد تابع للحق ؟ ثم توفي الله أبا بكر فقلت أنا ولي رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي بكر فقبضته سنتين من إمارتي أعمل فيه بما عمل رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر والله يعلم أني فيه صادق بار راشد تابع للحق ؟.....) وقد يكون هذا الاختلاف هو نتيجة اختلاف اللهجات أي اختلاف في لغات العرب بالإضافة إلى أن كلمة (ولي) الواردة في الآية لا يمكن أن تكون بمعنى الصديق أو الناصر ، لأنّ الولاية التي هي بمعنى الحب أو النصرة لا تنحصر في من يؤدون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون و قد ثبتت شموليتهما لكل المسلمين المؤمنين ، وليستا منحصرتين بالمؤمنين المذكورين في الآية والذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة أثناء الركوع ، أي أن الصداقة والنصرة حكمان عامان ، بينما الآية موضوع البحث تهدف إِلى بيان حكم خاص بشخص واحد .
    الاعتراض الرابع /
    قال البعض ادعاء الإجماع في نزول هذه الآية في أمير المؤمنين غير صحيح .
    الجواب /
    إذا كان المقصود من الإجماع ورود أخبار عند السنة وعند الشيعة فبالإمكان أن نثبت نزول الآية في أمير المؤمنين وفي مصادر الفريقين من خلال طرق متعددة منها السيوطي والالوسي وغيرها أما إذا كان المقصود من الإجماع إن كل علماء السنة اتفقوا مع علماء الشيعة فهو غير صحيح ، كما لا يوجد ملازمة بين نزول الآية في أمير المؤمنين وعدم الإجماع .
    الاعتراض الخامس /
    ذكر الآلوسي في تفسيره ( استدل الشيعة بها على إمامته كرم الله تعالى وجهه ، ووجه الاستدلال بها عندهم أنها بالإجماع أنها نزلت فيه كرم الله تعالى وجهه ، وكلمة { إِنَّمَا } تفيد الحصر ، ولفظ الولي بمعنى المتولي للأمور والمستحق للتصرف فيها ، وظاهر أن المراد هنا التصرف العام المساوي للإمامة بقرينة ضم ولايته كرم الله تعالى وجهه بولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فثبتت إمامته وانتفت إمامة غيره وإلا لبطل الحصر هذا الدليل كما يدل بزعمهم على نفي إمامة الأئمة المتقدمين كذلك يدل على سلب الإمامة عن الأئمة المتأخرين كالسبطين رضي الله تعالى عنهما وباقي الاثني عشر رضي الله تعالى عنهم أجمعين ) .
    الجواب /
    إن هذا الاعتراض يشتمل على خطأ منهجي وهو أن الاعتراض حول عدم إمامة الأئمة بعد أمير المؤمنين لا يكون إلا بعد اعتقاده بإمامة أمير المؤمنين فيكون محل النزاع هو إمامة وولاية أمير المؤمنين كما أن القاعدة المتفق عليها الأصوليون هو أن دلالة المفهوم لا تعارض دلالة المنطوق والمنطوق مقدم إذا وقع تنافي بدوي بين المنطوق والمفهوم أي أن الجملة الواحدة تؤدي مفادين كما في قولنا ( إذا جاء محمد في أول الوقت أعطوه كتابا ) ( فإذا ما جاء في أول الوقت لا يعطى كتابا ) وفي محل البحث حيث إن الحصر ينافي إمامة الأئمة بعد أمير المؤمنين مستفاد من مفهوم الآية أما النصوص الشرعية دلت على إمامتهم بالمنطوق ، ولو فرضنا وقع التعارض فتتقدم دلالة المنطوق على دلالة المفهوم ، وفي الحقيقة لا تعارض أصلا لأن إمامة الأئمة عليهم السلام في طول إمامة أمير المؤمنين عليه السلام والآية تنفي إمامة من تقع إمامته في عرض إمامة أمير المؤمنين فالآية حصرت الإمامة بأمير المؤمنين ثم الأئمة عليهم السلام لأن الإمامة واحدة وليست متجزئة ويضاف إلى ذلك ما ورد في الأحاديث الشريفة أن هذه الآية نزلت في الأئمة كلهم ( الذين امنوا ) هم الأئمة ومنها :
    ما ورد في الكافي الكليني باب النوادر 1/ 213 بعض أصحابنا، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الوهاب بن بشر، عن موسى ابن قادم، عن سليمان، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل: " وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " قال: إن الله تعالى أعظم وأعز وأجل وأمنع من أن يظلم ولكنه خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته، حيث يقول: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " يعني الأئمة منا.
    وما ورد في الكافي الكليني باب فرض طاعة الأئمة 1/277 أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: ذكرت لأبي عبد الله عليه السلام قولنا في الأوصياء أن طاعتهم مفترضة قال: فقال: نعم، هم الذين قال الله تعالى: ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم ) وهم الذين قال الله عزوجل: ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) .
    ما وردفي الكافي الكليني باب ما نص الله عز وجل ورسوله على الأئمة 1 / 277 الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محمد الهاشمي، عن أبيه، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) قال: إنما يعني أولى بكم أي أحق بكم وبأموركم وأنفسكم وأموالكم ، الله ورسوله والذين آمنوا يعني عليا وأولاده الأئمة عليهم السلام إلى يوم القيامة، ثم وصفهم الله عز وجل فقال: ( الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) .
    ما ورد في الكافي الكليني باب المباهلة 2/ 702 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، عن أبي مسروق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: إنا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول الله عز وجل: ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم ) فيقولون: نزلت في أمراء السرايا، فنحتج عليهم بقوله عز وجل: ( إنما وليكم الله ورسوله ) إلى آخر الآية فيقولون: نزلت في المؤمنين، ونحتج عليهم بقول الله عز وجل: ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) فيقولون: نزلت في قربى المسلمين، قال فلم أدع شيئا مما حضرني ذكره من هذه وشبهه إلا ذكرته، فقال لي إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة، قلت: وكيف أصنع؟ قال: أصلح نفسك ثلاثا وأظنه قال: وصم واغتسل وأبرز أنت وهو إلى الجبال فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه، ثم أنصفه وابدأ بنفسك وقل: ( اللهم رب السماوات السبع ورب الارضين السبع، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، إن كان أبو مسروق جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما ) ثم رد الدعوة عليه فقل: ( وإن كان فلان جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما ) ثم قال لي: فانك لا تلبث أن ترى ذلك فيه، فو الله ما وجدت خلقا يجيبني إليه
    الاعتراض السادس /
    إن التّفسير موضوع البحث لا يتناسب أو لا يتلاءم مع سياق الآيات الواردة قبل وبعد هذه الآية، لأن تلك الآيات جاءت فيها كلمة ( الولاية ) بمعنى المحبة .
    الجواب /
    إن الآيات القرآنية بسبب نزولها بصورة تدريجية، وبحسب الوقائع المختلفة تكون دائماً ذات صلة بالأحداث التي نزلت الآيات في شأنها، فلا يصح الاحتجاج بالسياق القرآني فالآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) نزلت قبل حجة الوداع بينما آية الولاية نزلت بعد حجة الوداع أي أنّ الآيات الواردة في سورة واحدة أو الآيات المتعاقبة، ليست دائماً ذات مفهوم مترابط، كما لا تشير دائماً إِلى معنى واحد، ولذلك يحصل كثيراً أن تروى لآيتين متعاقبتين حادثتان مختلفتان أو سببان للنزول، وتكون النتيجة أن ينفصل مسير واتجاه كل آية ـ لصلتها بحادثة خاصّة ـ عن مسير الآية التّالية لها لاختلاف الحادثة التي نزلت بشأنها، وبما أنّ آية (إِنّما وليكم الله ...) بدلالة سبب نزولها جاءت في شأن تصدق الإِمام علي(عليه السلام) أثناء الركوع، أمّا الآيات السابقة واللاحقة لها فقد نزلت في أحداث أُخرى، لذلك لا يمكن الاعتماد ـ هنا كثيراً على مسألة ترابط المفاهيم في الآيات.
    وهناك نوع من التناسب بين الآية ـ موضوع البحث ـ والآيات السابقة واللاحقة لها، لأنّ الآيات الأُخرى تضمنت الحديث عن الولاية بمعنى النصرة والإِعانة، بينما الآية ـ موضوع البحث ـ تحدثت عن الولاية بمعنى القيادة والتصرف، وبديهي أنّ القائد والزعيم والمتصرف في أُمور جماعة معينة، يكون في نفس الوقت حامياً وناصراً وصديقاً ومحباً لجماعته، أي أن مسألة النصرة والحماية تعتبر من مستلزمات وشؤون الولاية المطلقة .
    الاعتراض السابع /
    لو قلنا بأن علياً(عليه السلام) هو الخليفة بعد النّبي مباشرة، فهذا لا يعني أن يكون علي(عليه السلام) ولياً في زمن الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّ ولايته في زمن النّبي لم تكن ولاية فعلية، بل كانت ولاية بالقوة، وأن ظاهر الآية موضوع البحث يدل على الولاية الفعلية.

    الجواب /
    ان إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ثابتة بعد وفاة النبي بالنص بعد النبي بالإضافة للحصر في الآية بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام فتكون الشرعية ثابتة لأمير المؤمنين لكن ولايته عليه السلام في طول ولاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم فولايته سارية من حين نزول الآية على الجميع باستثناء النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى ( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) (142) ( الأعراف ) وكثيراً ما يقع في الكلام وكذلك في النصوص الأدبية ـ إطلاق اسم معين أو صفة خاصّة على أفراد لا يتمتعون بمزاياها الفعلية، بل يمتلكون المزية أو المزايا بالقوة، مثل أن يوصي إنسان في حياته ويعين لنفسه وصياً وقيماً فيكون الشخص الثّاني فور إقرار الوصية من قبل الشخص الأوّل وصياً وقيماً، ويدعي بهذين العنوانين حتى لو كان الإِنسان الموصي باقياً على قيد الحياة.
    وورد في الرّوايات التي نقلت في أسانيد الشّيعة والسنّة عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)بحقّ علي(عليه السلام) أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) دعا علياً: وصيه وخليفته والقرآن المجيد أيضاً يشتمل على مثل هذه التعابير، ومن ذلك ما ورد عن (زكريا) الذي توسل إِلى الله بقوله: (... هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب ...)
    الاعتراض الثامن /
    لماذا لم يصرّح الله سبحانه وتعالى باسم علي في القرآن الكريم
    مقدمة
    القران عادة إذا أطلق لفظه يراد منه الكتاب المقدس المكتوب ، وللقران أربعة وجودات كما نص نفس المصحف على ذلك ، الأول وجوده في اللوح المحفوظ (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)
    ) ووجود آخر بعده هو وجوده في قلب النبي الأعظم ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) ( الشعراء) ووجود آخر هو الوجود ألكتبي المادي (كتاب القران الكريم ) ووجود آخر للقران هو الوجود التفسيري أي السنة على لسان النبي أو احد المعصومين عليهم السلام (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) ( النحل ) فالسنة النبوية وحي مفسر للقران وبنص القران الكريم (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64) ( النحل ) فمن يريد أن يلتزم بالقران القران يرجعه إلى السنة فما فسره النبي هو على حد سواء في الحجية مع القران (ما أتاكم الرسول ) فصارت السنة قران لأنها وحي و صارت طاعة النبي طاعة الله ومعصيته معصية لله فما جاء به النبي من ألفاظ هو القران (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( الحشر ) ونفس السنة ذكرت ذلك ( كما جاء في الحديث في حاشية السندي : فعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ, أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ,) والصحابة أيضا تعاملوا وتعاطوا مع الحديث النبوي على انه هو القران و اسندوا ما جاء عن النبي إلى الله تعالى والقران وفي هذا المعنى حديث ابن مسعود في صحيح البخاري (الآتي ) ومن كبار العامة ذكر البربهاري في شرح السنة ( وقال بشر بن الحارث السنة هي الإسلام والإسلام هو السنة )
    وذكر الألباني في ( منتهى الأماني ) ( لا سبيل لفهم القران إلا بالسنة ) ، ( السنة تقضي على الكتاب )
    وذكر في كتاب صفة صلاة النبي ( لن تستطيع ذلك ولو كنت سيبويه زمانك ) أي فهم القران
    الجواب الأول /
    مجموعة من أصول الدين لم تذكر في القران منها : قدم القران الكريم ، عدد الأنبياء ، أسماء الأنبياء ، المهدي ، وجاء في الصواعق ( وفي الفتاوى البديعية من أنكر إمامة أبي بكر رضي الله عنه فهو كافر وقال بعضهم وهو مبتدع والصحيح أنه كافر وكذلك من أنكر خلافة عمر في أصح الأقوال ) ولم يرد ذكرهما في القران .
    و ذكر الألباني في ( منتهى الأماني ) مجموعة من الأمثلة والمسائل الاعتقادية لم تذكر في القران الكريم في صدد من لم يأخذ بالسنة منها : نبوة ادم عليه السلام وغيره من الأنبياء و أفضلية النبي صلى الله عليه وآله وسلم على غيره و شفاعة النبي وصفات النبي وغيرها

    الجواب الثاني /
    إن أصل الإمامة موجود في القران الكريم كما هو الحال في وجود أصل النبوة قال تعالى في كتابه الكريم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) النساء
    (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) ( المائدة )
    (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) البقرة
    أما أسماء الأئمة عليهم السلام وتشخيصهم فقد جاء عن طريق السنة النبوية وبالنص عليهم
    قال بن مسعود في صحيح البخاري (4886 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ . فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِى أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ . فَقَالَ وَمَا لِى لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ هُوَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَتْ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ . قَالَ لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ ، أَمَا قَرَأْتِ ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) . قَالَتْ بَلَى . قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ . قَالَتْ فَإِنِّى أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ . قَالَ فَاذْهَبِى فَانْظُرِى . فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا ، فَقَالَ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعَتْنَا . أطرافه
    وجاء في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ( أنبأنا عبد الله بن علي بن محمد بن بشران أنبأنا علي ابن عمر الحافظ حدثنا ضمرة بن ربيعة القرشي عن ابن شوذب عن مطر الوراق عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب فقال: " ألست ولي المؤمنين؟ " قالوا بلى يا رسول الله قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه " فقال عمر بن الخطاب بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم فأنزل الله: " اليوم أكملت لكم دينكم " المائدة 3 ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهراً وهو أول يوم نزل جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة )
    وعلى هذا يكون اسم أمير المؤمنين عليه السلام قد ذكر في القران الكريم هذا بالإضافة إلى الآيات الواردة في أمير المؤمنين عليه السلام وهي آيات الغدير قال تعالى
    ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )
    ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
    ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ )

    ما هي الحكمة من عدم ذكر اسم أمير المؤمنين في القران الكريم
    الأول / الخوف على القران من التحريف لو جاء اسمه بصراحة وبكلّ وضوح في القرآن الكريم لحذف المنافقون اسمه و وقع التصرّف في القرآن، وقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يحفظ القرآن (وإنّا له لحافظون) .وحفظ القران جاء وفق الأسباب الطبيعية وليس بالأسباب التكوينية ومن الأسباب الطبيعية هو عدم ذكر اسمه عليه السلام

    الثاني / إن الوصف ابلغ من العلم لان العلم مشترك لفظي فان الكثير من الاعلام ذكرت في القران ووقع فيها الخلاف مثل يوسف ويعقوب
    الثالث / إن ذكر الأسماء في الكتاب العزيز لا يحل الإشكال والخلاف الواقع فان الإمامة ذكرت في القران الكريم و بالنص لكن عليها الخلاف ، ومن جهة أخرى انه قد يدعي غيره الاسم لا سيما أن الأمامية تشترط في الإمامة النص على شخص الإمام وليس اسمه فقط
    الرابع / الحفاظ على الأئمة من القتل والسجن وعدم اتهام الشيعة في وضعه في القران
    وقد أجاب الأئمة عليهم السلام على عدم ذكر اسم أمير المؤمنين عليه السلام في القران الكريم فقد جاء في( الكافي ) (باب ما نص الله عز وجل ورسوله على الأئمة عليهم السلام واحدا فواحدا )
    ( علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس وعلي بن محمد، عن سهل ابن زياد أبي سعيد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام ، فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا وأهل بيته عليهم السلام في كتاب الله عز و جل؟ قال: فقال: قولوا لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا اسبوعا حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم) - ونزلت في علي والحسن والحسين - فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: في علي: من كنت مولاه، فعلي مولاه، وقال صلى الله عليه وآله اوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي، فإني سألت الله عزوجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك وقال: لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة، فلو سكت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يبين من أهل بيته، لادعاها آل فلان وآل فلان، لكن الله عزوجل أنزله في كتابة تصديقا لنبيه صلى الله عليه وآله ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فكان علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام، فأدخلهم رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الكساء في بيت أم سلمة، ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت ام سلمة: ألست من أهلك؟ فقال: إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحدا من ولده إذا لقال الحسن والحسين: إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك وبلغ فينا رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي عليه السلام كان الحسن عليه السلام أولى بها لكبره، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك والله عزوجل يقول: ( واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك وبلغ في رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين عليه السلام لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الامر عنه ولم يكونا ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين عليه السلام فجرى تأويل هذه الآية ( واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله ) ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي عليه السلام.
    وقال: الرجس هو الشك، والله لا نشك في ربنا أبدا ) .

    الاعتراض التاسع /
    إن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن غنيا لتجب عليه الزكاة إذ المعروف عنه انه كان فقيرا ومن أين له بالخاتم ولم يكن معروفا آنذاك التختم عند العرب ولو سلمنا بوجود الخاتم فهو لا يسقط عنه الزكاة الواجبة يضاف إلى أن أدائها في الصلاة يعني انه قد أخرها عن وقت التعلق ولو قلنا بأنّ المراد في الآية هو الصداقة المستحبة فهي لا تسمى زكاة
    الجواب /
    الزكاة و النماء و الزيادة نظائر في اللغة و قال صاحب العين الزكاة زكاة المال و هو تطهيره ولقد أطلق القرآن الكريم في كثير من الحالات كلمة الزّكاة على الصدقة المستحبة، وبالأخص في السور المكية، حيث وردت هذه الكلمة للدلالة على الصدقة المستحبة، لأنّ وجوب الزّكاة كان قد شرع بعد هجرة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إِلى المدينة، كما في الآية 3 من سورة النمل ( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) ، والآية 39 من سورة الروم ( وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ) ، والآية 4 من سورة لقمان ( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) ، والآية 7 من سورة فصلت ( الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) وغيرها
    ومن جهة أخرى انه لا مانع من أن يكون لأمير المؤمنين أموالا تجب فيها الزكاة في وقت من الأوقات و مما لا إشكال فيه دفع القيمة عن العين الزكوية فدفع الخاتم لا يتنافى من كون المدفوع هو زكاة كما انه لا علاقة بتقدم صيغة الأمر على الزكاة لتكون الزكاة في الآية واجبة إذ لا أمر في الآية يسبق الزكاة وإنما قال تعالى (و يؤتون الزكاة ) فالآية في مورد الوصف لا الأمر كما أن الأمر لا يدل دائما على الوجوب كقوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ )البقرة ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (9) ( الجمعة )
    وذكر صاحب الميزان (و أما قولهم: إن الصدقة بالخاتم لا تسمى زكاة، فيدفعه أن تعين لفظ الزكاة في معناها المصطلح إنما تحقق في عرف المتشرعة بعد نزول القرآن بوجوبها و تشريعها في الدين، و أما الذي تعطيه اللغة فهو أعم من الزكاة المصطلحة في عرف المتشرعة و يساوق عند الإطلاق أو عند مقابلة الصلاة إنفاق المال لوجه الله كما يظهر مما وقع فيما حكاه الله عن الأنبياء السالفين كقوله تعالى في إبراهيم و إسحاق و يعقوب: "و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة": "الأنبياء: 73"، و قوله تعالى في إسماعيل: "و كان يأمر أهله بالصلاة و الزكاة و كان عند ربه مرضيا": مريم: 55" و قوله تعالى حكاية عن عيسى (عليه السلام) في المهد: "و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا": "مريم: 31" و من المعلوم أن ليس في شرائعهم الزكاة المالية بالمعنى الذي اصطلح عليه في الإسلام.
    و كذا قوله تعالى: "قد أفلح من تزكى و ذكر اسم ربه فصلى": الأعلى: 15" و قوله تعالى: "الذي يؤتي ماله يتزكى": "الليل: 18" و قوله تعالى: "الذين لا يؤتون الزكاة و هم بالآخرة هم كافرون": "حم السجدة: 7" و قوله تعالى: "و الذين هم للزكاة فاعلون": "المؤمنون: 4، و غير ذلك من الآيات الواقعة في السور المكية و خاصة السور النازلة في أوائل البعثة كسورة حم السجدة و غيرها، و لم تكن شرعت الزكاة المصطلحة بعد فليت شعري ما ذا كان يفهمه المسلمون من هذه الآيات في لفظ الزكاة.
    بل آية الزكاة أعني قوله تعالى: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها و صل عليهم إن صلاتك سكن لهم": "التوبة: 130، تدل على أن الزكاة من أفراد الصدقة، و إنما سميت زكاة لكون الصدقة مطهرة مزكية مطلقا، و قد غلب استعمالها في الصدقة المصطلحة.
    فتبين من جميع ما ذكرنا أنه لا مانع من تسمية مطلق الصدقة و الإنفاق في سبيل الله زكاة.... )
    أما مسالة عدم كون الخاتم معروفا آنذاك يتنافى مع ما جاء في صحيح البخاري (حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ لَمَّا أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ ، قِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا . فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ ، فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِى يَدِهِ ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ )
    الاعتراض العاشر /
    لماذا لم يعتمد علي(عليه السلام) على هذا الدليل الواضح للدفاع عن حقّه؟
    الجواب /
    أن هذا الحديث قد نقل في كتب عديدة عن الإِمام علي(عليه السلام) نفسه، ومن ذلك ما جاء في مسند ( ابن مردويه ) و( ابن الشّيخ) و( كنز العمال ) ( عن علي قال : نزلت الآية على رسول الله صلى الله عليه و سلم في نعته ( إنما وليكم الله ورسوله . ) إلى آخر الآية خرج النبي صلى الله عليه و سلم فدخل المسجد وجاء الناس يصلون بين راكع وساجد وقائم يصلي فإذا سائل فقال : يا سائل هل أعطاك أحد شيئا ؟ قال : لا إلا ذاك الراكع - لعلي بن أبي طالب - أعطاني خاتمه) وهذا بذاته دليل على استدلال الإِمام علي(عليه السلام) بهذه الآية الشريفة.
    ونقل في كتاب (الغدير) عن كتاب (سليم بن قيس الهلالي) حديث مفصل مفاده أنّ عليّاً(عليه السلام) حين كان منشغلا بحرب صفين، تحدث في ميدان الحرب امام جمع من الناس مستدلا بدلائل عديدة في إثبات حقّه، وكان من جملة ما استدل به الإِمام(عليه السلام) هذه الآية الكريمة و جاء في كتاب (غاية المرام) نقلا عن أبي ذر(رضي الله عنه) أنّ عليّاً(عليه السلام) استدل في يوم الشورى بهذه الآية

    الاعتراض الحادي عشر /
    إن الواو في ( وهم راكعون ) حالية حسب تقرير الشيعة إلا أن احتمال أن تكون الواو عاطفة إن لم نقول هي الأرجح وهو الأصل في الواو فلا استدلال في الآية
    الجواب الأول /
    بحسب قواعد الأعراب
    أولا / إن الجملة الاسمية تعطف على الاسمية والفعلية على الفعلية وهو ( التناسب ) وفي الآية عطفت الاسمية على الفعلية فلا تكون الواو عاطفة فالعطف ملغي بمقتضى عدم التناسب فتكون الواو حالية
    ثانيا / الواو الحالية لها مواضع تتعين بها ولا تحمل إلا على الحالية ونص على ذلك الغلاييني في جامع الدروس قال : تجبُ واو الحال في ثلاثِ صُوَرٍ
    1- الأولى أن تكونَ جملةُ الحالِ إسميَّةً مجرَّدةً من ضمير يَربطُها بصاحبها، نحو ( جئت والناس نائمون ) ، ومنه قوله تعالى { كما أخرجكَ ربُّك من بيتكَ بالحق، وإنّ فريقاً من المؤمنين لكارهونَ } ، وقولهُ { أَيأكلُهُ الذئبُ ، ونحنُ عُصبةٌ } ، وتقول ( جئتُ وما الشمسُ طالعةٌ ) .
    2- أن تكون مُصدَّرَةً بضمير صاحبها، نحو ( جاء سعيدٌ وهو راكبٌ ) ، ومنه قولهُ تعالى { لا تَقرَبوا الصلاة وأنتم سُكارى } .
    3- أن تكون ماضيَة غيرَ مُشتملةٍ على ضمير صاحبها، مُثبتةً كانت أو مَنفيَّةً. غير أنه تجب ( قَدْ ) معَ الواوِ في المثبتةِ ، نحو ( جئتُ وقد طلعت الشمسُ ) ، ولا تجوز مع المنفيّةِ، نحو ( جئتُ وما طلعتِ الشمسُ ) .
    وفي الآية مورد البحث تكون داخلة في المورد الثاني الذي تكون الواو فيه متعينة حالية
    ثالثا / تصريح أهل الإعراب
    جاء في مشكل إعراب القران ( قَوْله { وهم رَاكِعُونَ } ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي يُؤْتونَ أَي يُعْطون مَا يزكيهم عِنْد الله فِي حَال ركوعهم أَي وهم فِي صلَاتهم فالواو وَاو الْحَال وَالْآيَة فِي على هَذَا الْمَعْنى نزلت فِي عَليّ رَضِي الله عَنهُ )
    وفي التبيان في إعراب القران ( قَالَ تَعَالَى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (55) .
    قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ) : صِفَةٌ لِلَّذِينِ آمَنُوا. (وَهُمْ رَاكِعُونَ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُؤْتُونَ) .
    رابعا / الأحاديث التي بينت نزول هذه الآية إن هذه الواو حالية


    الاعتراض الثاني عشر /
    لا يوجد عند الشيعة حديث صحيح رجاله ثقات يقول إن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام )
    الجواب /
    1- اتفق العلماء ان الحديث المتواتر لا يبحث في اسانيده ولا يدخل في الجرح والتعديل ، وذكر هذا المعنى ابن حجر في ( نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ) ( والمُتواتِرُ لا يُبْحَثُ عَنْ رجالِهِ ، بل يجبُ العملُ بهِ مِن غيرِ بَحْثٍ ) .
    2- الحديث في ( تفسير علي بن ابراهيم القمي ) ( فانه حدثني ابي عن صفوان عن ابان بن عثمان بن ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر عليه السلام قال بينما رسول الله صلى الله عليه وآله جالس وعنده قوم من اليهود فيهم عبدالله بن سلام، إذ نزلت عليه هذه الآية فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المسجد فاستقبله سائل، فقال هل اعطاك احد شيئا؟ قال نعم، ذاك المصلي فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فاذا هو علي أمير المؤمنين عليه السلام )
    الاعتراض الثالث عشر /
    ذكرت الآية الركوع ( وهم راكعون ) وهو الخضوع فهي مدح لمن بذل المال وهو في حال الركوع وقد حملتم الزكاة على المعنى اللغوي وحملتم الركوع على المعنى الشرعي .
    الجواب /
    لا إشكال من حمل الركوع على المعنى اللغوي أو الشرعي فهو سواء وهو الخضوع ، كما أن المدح في الآية لفعل التصدق بدون قيد الركوع وإنما ذكرت الآية القيد لتشخيص وتعيين أمير المؤمنين عليه السلام .


    المصادر /
    1- القران الكريم
    2- تفسير الأمثل
    3- تفسير الميزان
    4- تفسير الفخر الرازي
    5- تفسير الالوسي
    6- تفسير الطبري
    7- تفسير ابن أبي حاتم
    8- الكشاف للزمخشري
    9- صحيح البخاري
    10- صحيح مسلم
    11- عمدة القاريء
    12- معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري
    13- لباب النزول للسيوطي
    14- الكافي للكليني
    15- حاشية السندي
    16- شرح السنة
    17- منتهى الاماني للالباني
    18- الصواعق المحرقة
    19- السلسلة الصحيحة للالباني
    20- الغدير للشيخ الأميني
    21- نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر
    22- الكامل في الضعفاء
    23- تهذيب التهذيب
    24- الضعفاء والمتروكين
    25- زاد المسير






    الفهرس

    المقدمة


    الفصل الأول / اعراب و بيان الفاظ الآية الكريمة

    الفصل الثاني / شهادة الأحاديث والمفسّرين أن المراد هو علي أمير المؤمنين عليه السلام

    الفصل الثالث / الاستدلال بالاية الكريمة

    الفصل الرابع / الاعتراضات التي وردت على آية الولاية

    المصادر


    الفهرس
يعمل...
X