بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبينا وسيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
(( وَإِن مِّنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمَاً مَّقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّى الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً ))[1]وصلى الله على نبينا وسيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
لو قرأنا هذه الآية المباركة لوجدنا في ظاهرها أن كل إنسان لابد أن يدخل ويرد على النار ومن الناس طبعاً الانبياء والأئمة والصالحين فهل يعني ذلك ورود المؤمنين والأئمة والأنبياء إلى النار؟
فلا بد لنا من التأمل فيها لنصل إلى المراد من الآية ويتوقف فهم الآية على خصوص لفظة " واردها " ، هناك اختلاف بين المفسّرين في معنى الورود وكيفيته ، ففسّره بعضهم بالإشراف على النار ، بينما حمله آخرون على الجواز على الصراط ، وأن الناس يتفاوتون في العبور وفي سرعته. وقد يستثني البعض المعصومين من ذلك[2] .
ولكن ظاهر كثير من الاخبار المستفيضة ان المؤمن الموالي لا يدخل النار الكبرى ، وهذه الاخبار ينافي يظاهرها الآية المباركة فان الآية صريحة في أنه لا يبقى بر ولا فاجر إلا يدخلها .
قلت : الورود غير الدخول ، كما تدل عليه صحيحة الحسين بن ابي العلاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) في هذه الآية ، حيث قال(عليه السلام) أما تسمع الرجل يقول : وردنا ماء بني فلان ، فهو الورود ولم يدخله[3] .
ويشيده قوله تعالى : « ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون »[4] فانه ـ عليه السلام ـ ورد الماء ولم يدخله .
وعن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ سئل عن المعنى ، فقال : ان الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد ويجمع عليها الخلائق ، ثم ينادي المنادي ان خذي اصحابك وذري اصحابي ، فوَ الذي نفسي بيده لهي اعرف بأصحابها من الوالدة بولده[5] .
قيل : والفائدة في ذلك ما روي في بعض الاخبار ، ان الله تعالى لا يدخل احداً الجنة حتى يطلعه على النار وما فيها من العذاب ، ليعلم تمام فضل الله عليه ، وكمال لطفه وإحسانه اليه ، فيزداد بذلك فرحاً وسروراً بالجنة ونعميها . ولا يدخل احداً النار حتى يطلعه على الجنة وما فيها من انواع النعيم والثواب ، ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها[6] .
فإذن التأمل والتدبر في الآية المباركة وبعد معرفة المعنى اللغوي لكلمة الورود يرتفع الاشكال بالآية الكريمة .
والحمد لله ربِّ العالمين ...
[1] . سورة آية مريم : 71 – 72 .
[2] . مراجعات قرآنية ، السيد رياض الحكيم ، ص 210 .
[3] . تفسير القمي ، ج 2 ، ص 52 .
[4] . سورة القصص : آية 23 .
[5] . مجمع البيان ، ج 6 ، ص ، 395 .
[6] . الدرر الملتقطة في تفسير الآيات القرآنية ج 9 ، ص 2 .
تعليق