بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين
القناعة وعلاقتها بالزهد
حدّ القناعة هو الرضا بما دون الكفاية ، والزهد : الاقتصار على الزهيد ، أي القليل ، وهما متقاربان ، وفي الاغلب إنما الزهد هو رفض الامو ر الدنيوية مع القدرة عليها ، وأما القناعة فهي إلزام النفس الصبر عن المشتهيات التي لا يقدر عليها ، وكل زهد حصل عن قناعة فهو تزهد ، وليس بزهد ، وكذلك قال بعض الصوفية : القناعة أول الزهد ، تنبيها على أن الانسان يحتاج أولا إلى قدع نفسه وتخصصه بالقناعة ليسهل عليه تعاطى الزهد ، والقناعة التي هي الغنى بالحقيقة ، لان الناس كلهم فقراء من وجهين : احدهما لافتقارهم إلى الله تعالى كما قال : [يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ][1] .
والثاني: لكثرة حاجاتهم فأغناهم لا محالة أقلهم حاجة ، ومن سدّ ما يفتقر اليه بالمقتنيات فما في انسدادها مطمع ، وهو كمن يرقع الخرق بالخرق ، ومن يسدها بالاستغناء عنها بقدر وسعه والاقتصار على تناول ضرورياته فهو الغنى المقرب من الله سبحانه ، كما اشار إليه في قصة طالوت : [إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ][2]، قال أصحاب المعاني والباطن: هذه إشارة إلى الدنيا .
وسُئل أحد الأئمة عليه السلام عن قول الله عز وجل (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)[3]، فقال : هي القناعة .
لا ريب أن الحياة الطيبة هي حياه الغنى ، وقد بينا أن الغنى هو القنوع ، لأنه إذا كان الغنى عدم الحاجة فأغنى الناس أقلهم حاجة إلى الناس ، ولذلك كان الله تعالى أغنى الاغنياء لأنه لا حاجة به إلى شيء ، وعلى هذا دل النبي بقوله صلى الله عليه وآله : (ليس الغنى بكثرة العرض ، إنما الغنى غنى النفس)[4] .
وقال الشاعر :
فمن أشرب اليأس كان الغني ومن أشرب الحرص كان الفقيرا .
وقال الشاعر :
غنى النفس ما يكفيك من سد خلة فان زاد شيئا عاد ذاك الغنى فقرا وقال بعض الحكماء : المخير بين أن يستغني عن الدنيا وبين أن يستغني بالدنيا كالمخير بين أن يكون مالكا أو مملوكا ، ولهذا قال علي عليه السلام : (تعس عبد الدينار والدرهم... تعس فلا انتعش ، وشيك فلا انتقش)[5] .
وقيل لحكيم لم لا تغتم ؟ قال : لأنى لم أتخذ ما يغمني فقده .
وقال الشاعر :
فمن سره ألا يرى ما يسوءه فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا .
وقال أصحاب هذا الشأن : القناعة من وجه صبر ، ومن وجه جود ، لان الجود ضربان : جود بما في يدك منتزعا ، وجود عما في يد غيرك متورعا ، وذلك أشرفهما ، ولا يحصل الزهد في الحقيقة إلا لمن يعرف الدنيا ما هي ، ويعرف عيوبها وآفاتها ، ويعرف الاخرة وافتقاره إليها ، ولا بد في ذلك من العلم ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ)[6]. ولأن الزاهـــد في الدنــيا راغـــب في الاخرة وهو يبيـــعها بها ، كما قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ...)[7] ، والكيس لا يبيع عينا بأثر ، إلّا إذا عرفهما وعرف فضل ما يبتاع على ما يبيع .
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين
القناعة وعلاقتها بالزهد
حدّ القناعة هو الرضا بما دون الكفاية ، والزهد : الاقتصار على الزهيد ، أي القليل ، وهما متقاربان ، وفي الاغلب إنما الزهد هو رفض الامو ر الدنيوية مع القدرة عليها ، وأما القناعة فهي إلزام النفس الصبر عن المشتهيات التي لا يقدر عليها ، وكل زهد حصل عن قناعة فهو تزهد ، وليس بزهد ، وكذلك قال بعض الصوفية : القناعة أول الزهد ، تنبيها على أن الانسان يحتاج أولا إلى قدع نفسه وتخصصه بالقناعة ليسهل عليه تعاطى الزهد ، والقناعة التي هي الغنى بالحقيقة ، لان الناس كلهم فقراء من وجهين : احدهما لافتقارهم إلى الله تعالى كما قال : [يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ][1] .
والثاني: لكثرة حاجاتهم فأغناهم لا محالة أقلهم حاجة ، ومن سدّ ما يفتقر اليه بالمقتنيات فما في انسدادها مطمع ، وهو كمن يرقع الخرق بالخرق ، ومن يسدها بالاستغناء عنها بقدر وسعه والاقتصار على تناول ضرورياته فهو الغنى المقرب من الله سبحانه ، كما اشار إليه في قصة طالوت : [إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ][2]، قال أصحاب المعاني والباطن: هذه إشارة إلى الدنيا .
وسُئل أحد الأئمة عليه السلام عن قول الله عز وجل (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)[3]، فقال : هي القناعة .
لا ريب أن الحياة الطيبة هي حياه الغنى ، وقد بينا أن الغنى هو القنوع ، لأنه إذا كان الغنى عدم الحاجة فأغنى الناس أقلهم حاجة إلى الناس ، ولذلك كان الله تعالى أغنى الاغنياء لأنه لا حاجة به إلى شيء ، وعلى هذا دل النبي بقوله صلى الله عليه وآله : (ليس الغنى بكثرة العرض ، إنما الغنى غنى النفس)[4] .
وقال الشاعر :
فمن أشرب اليأس كان الغني ومن أشرب الحرص كان الفقيرا .
وقال الشاعر :
غنى النفس ما يكفيك من سد خلة فان زاد شيئا عاد ذاك الغنى فقرا وقال بعض الحكماء : المخير بين أن يستغني عن الدنيا وبين أن يستغني بالدنيا كالمخير بين أن يكون مالكا أو مملوكا ، ولهذا قال علي عليه السلام : (تعس عبد الدينار والدرهم... تعس فلا انتعش ، وشيك فلا انتقش)[5] .
وقيل لحكيم لم لا تغتم ؟ قال : لأنى لم أتخذ ما يغمني فقده .
وقال الشاعر :
فمن سره ألا يرى ما يسوءه فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا .
وقال أصحاب هذا الشأن : القناعة من وجه صبر ، ومن وجه جود ، لان الجود ضربان : جود بما في يدك منتزعا ، وجود عما في يد غيرك متورعا ، وذلك أشرفهما ، ولا يحصل الزهد في الحقيقة إلا لمن يعرف الدنيا ما هي ، ويعرف عيوبها وآفاتها ، ويعرف الاخرة وافتقاره إليها ، ولا بد في ذلك من العلم ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ)[6]. ولأن الزاهـــد في الدنــيا راغـــب في الاخرة وهو يبيـــعها بها ، كما قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ...)[7] ، والكيس لا يبيع عينا بأثر ، إلّا إذا عرفهما وعرف فضل ما يبتاع على ما يبيع .
تعليق