بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في كتابه العزيز
(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين
إن آية المباهلة محل البحث قد وقعت ضمن آيات تتعلق بزوجات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي من الآيات القرآنية التي يستدل بها على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام لذا لابد من بيان من هم أهل البيت في الآية الكريمة وبيان عصمتهم عليهم السلام من الدلالة المستفادة من إذهاب الرجس عنهم وإرادة الله سبحانه وتعالى التكوينية وذكر الأقوال التي قالت إن الآية نزلت في غيرهم وعرض بعض الإيرادات التي وردت على الآية الكريمة
الباب الأول وفيه فصول :
الفصل الأول / المخاطب بأهل البيت من هم
ا ن المقصود من أهل البيت في الآية الكريمة هم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام لمّا نزلت هذه الآية المباركة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، جمع أهله أي جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين وألقى عليهم كساءً وقال : ( اللهمّ هؤلاء أهل بيتي )
ويؤيد أن الآية نزلت في النبي صلى الله عليه وآله وسلم و علي و فاطمة و الحسن والحسين عليهم السلام خاصة لا يشاركهم فيها غيرهم ما ورد في أسباب النزول من روايات كثيرة وردت منها من طرق أهل السنة و منها من طرق الشيعة وقد روتها أهل السنة بطرق كثيرة عن أم سلمه و عائشة و أبي سعيد الخدري و سعد و وائلة بن الأسقع و أبي الحمراء و ابن عباس و ثوبان مولى النبي و عبد الله بن جعفر و علي و الحسن بن علي عليهما السلام في قريب من أربعين طريقا.
و روتها الشيعة عن علي و السجاد و الباقر و الصادق و الرضا عليهما السلام و أم سلمه و أبي ذر و أبي ليلى و أبي الأسود الدؤلي و عمرو بن ميمون الأودي و سعد بن أبي وقاص في بضع و ثلاثين طريقا .
وقد اشتمل لفظ الحديث في أكثر طرقه على أنّ أُم سلمه أرادت الدخول معهم تحت الكساء ، فجذب رسول الله الكساء ولم يأذن لها بالدخول ، وقال لها ( وإنّك على خير ) أو ( إلى خير) والحديث أيضاً وارد عن عائشة كذلك .
واشتمل بعض ألفاظ الحديث على جملة أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسل إلى فاطمة ، وأمرها بأن تدعو عليّاً والحسن والحسين عليهم السلام وتأتي بهم إلى النبي ، فلمّا اجتمعوا ألقى عليهم الكساء وقال : ( اللهمّ هؤلاء أهل بيتي ) ممّا يدل على أن النبي كانت له عناية خاصة بهذه القضيّة ، ولمّا أمر رسول الله فاطمة بأن تأتي هي وزوجها وولداها ، لم يأمرها بأن تدعو أحداً غير هؤلاء ، وكان له أقرباء كثيرون ، وأزواجه في البيت عنده ، وحتّى أنّه لم يأذن لاُمّ سلمه أن تدخل معهم تحت الكساء وقضيّة لا تعمّ مثل أُمّ سلمه تلك المرأة المحترمة المعظّمة المكرّمة عند جميع المسلمين تدلّ هذه القضية على أمر وشأن عظيم .
وقد جاء في روح المعاني للالوسي في المراد من أهل البيت
( الحديث فإن الاستدراك بعد جعله النساء من أهل بيته صلى الله عليه وسلم ظاهر في أن الغرض بيان المراد بأهل البيت في الحديث الذي حدث به عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وهم فيه ثاني الثقلين فلأهل البيت إطلاقان يدخل في أحدهما النساء ولا يدخلن في الآخر وبهذا يحصل الجمع بين هذا الخبر والخبر السابق المتضمن نفيه رضي الله تعالى عنه كون النساء من أهل البيت .
وقال بعضهم : إن ظاهر تعليله نفي كون النساء أهل البيت بقوله : أيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها يقتضي أن لا يكن من أهل البيت مطلقاً فلعله أراد بقوله في الخبر السابق نساؤه من أهل بيته أنساؤه الخ بهمزة الاستفهام الإنكاري فيكون بمعنى ليس نساؤه من أهل بيته كما في معظم الروايات في غير «صحيح مسلم» ويكون رضي الله تعالى عنه ممن يرى أن نساءه عليه الصلاة والسلام لسن من أهل البيت أصلاً ولا يلزمنا أن ندين الله تعالى برأيه لا سيما وظاهر الآية معنا وكذا العرف وحينئذٍ يجوز أن يكون أهل البيت الذين هم أحد الثقلين بالمعنى الشامل للأزواج وغيرهن من أصله وعصبته صلى الله عليه وسلم الذين حرموا الصدقة بعده ولا يضر في ذلك عدم استمرار بقاء الأزواج كما استمر بقاء الآخرين مع الكتاب كما لا يخفى اه ، وأنت تعلم أن ظاهر ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم : " إني تارك فيكم خليفتين وفي رواية ثقلين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " يقتضي أن النساء المطهرات غير داخلات في أهل البيت الذين هم أحد الثقلين لأن عترة الرجل كما في «الصحاح» نسله ورهطه الأدنون ، وأهل بيتي في الحديث الظاهر أنه بيان له أو بدل منه بدل كل من كل وعلى التقديرين يكون متحداً معه فحيث لم تدخل النساء في الأول لم تدخل في الثاني . وفي النهاية أن عترة النبي صلى الله عليه وسلم بنو عبد المطلب . وقيل أهل بيته الأقربون وهم أولاده وعلي وأولاده رضي الله تعالى عنهم ، وقيل : عترته الأقربون والأبعدون منهم اه . والذي رجحه القرطبي أنهم من حرمت عليهم الزكاة ، وفي كون الأزواج المطهرات كذلك خلاف قال ابن حجر : والقول بتحريم الزكاة عليهن ضعيف وإن حكى ابن عبد البر الإجماع عليه فتأمل ، ولا يرد على حمل أهل البيت في الآية على المعنى الأعم ما أخرج ابن جرير . وابن أبي حاتم . والطبراني ) .
و على ما تقدم تصير لفظة أهل البيت اسما خاصا بالخمسة و هم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم و علي و فاطمة و الحسنان عليهم السلام و لا يطلق على غيرهم، و لو كان من أقربائه الأقربين و إن صح بحسب العرف العام إطلاق أهل البيت عليهم
قال الله تعالى في كتابه العزيز
(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين
إن آية المباهلة محل البحث قد وقعت ضمن آيات تتعلق بزوجات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي من الآيات القرآنية التي يستدل بها على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام لذا لابد من بيان من هم أهل البيت في الآية الكريمة وبيان عصمتهم عليهم السلام من الدلالة المستفادة من إذهاب الرجس عنهم وإرادة الله سبحانه وتعالى التكوينية وذكر الأقوال التي قالت إن الآية نزلت في غيرهم وعرض بعض الإيرادات التي وردت على الآية الكريمة
الباب الأول وفيه فصول :
الفصل الأول / المخاطب بأهل البيت من هم
ا ن المقصود من أهل البيت في الآية الكريمة هم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام لمّا نزلت هذه الآية المباركة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، جمع أهله أي جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين وألقى عليهم كساءً وقال : ( اللهمّ هؤلاء أهل بيتي )
ويؤيد أن الآية نزلت في النبي صلى الله عليه وآله وسلم و علي و فاطمة و الحسن والحسين عليهم السلام خاصة لا يشاركهم فيها غيرهم ما ورد في أسباب النزول من روايات كثيرة وردت منها من طرق أهل السنة و منها من طرق الشيعة وقد روتها أهل السنة بطرق كثيرة عن أم سلمه و عائشة و أبي سعيد الخدري و سعد و وائلة بن الأسقع و أبي الحمراء و ابن عباس و ثوبان مولى النبي و عبد الله بن جعفر و علي و الحسن بن علي عليهما السلام في قريب من أربعين طريقا.
و روتها الشيعة عن علي و السجاد و الباقر و الصادق و الرضا عليهما السلام و أم سلمه و أبي ذر و أبي ليلى و أبي الأسود الدؤلي و عمرو بن ميمون الأودي و سعد بن أبي وقاص في بضع و ثلاثين طريقا .
وقد اشتمل لفظ الحديث في أكثر طرقه على أنّ أُم سلمه أرادت الدخول معهم تحت الكساء ، فجذب رسول الله الكساء ولم يأذن لها بالدخول ، وقال لها ( وإنّك على خير ) أو ( إلى خير) والحديث أيضاً وارد عن عائشة كذلك .
واشتمل بعض ألفاظ الحديث على جملة أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسل إلى فاطمة ، وأمرها بأن تدعو عليّاً والحسن والحسين عليهم السلام وتأتي بهم إلى النبي ، فلمّا اجتمعوا ألقى عليهم الكساء وقال : ( اللهمّ هؤلاء أهل بيتي ) ممّا يدل على أن النبي كانت له عناية خاصة بهذه القضيّة ، ولمّا أمر رسول الله فاطمة بأن تأتي هي وزوجها وولداها ، لم يأمرها بأن تدعو أحداً غير هؤلاء ، وكان له أقرباء كثيرون ، وأزواجه في البيت عنده ، وحتّى أنّه لم يأذن لاُمّ سلمه أن تدخل معهم تحت الكساء وقضيّة لا تعمّ مثل أُمّ سلمه تلك المرأة المحترمة المعظّمة المكرّمة عند جميع المسلمين تدلّ هذه القضية على أمر وشأن عظيم .
وقد جاء في روح المعاني للالوسي في المراد من أهل البيت
( الحديث فإن الاستدراك بعد جعله النساء من أهل بيته صلى الله عليه وسلم ظاهر في أن الغرض بيان المراد بأهل البيت في الحديث الذي حدث به عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وهم فيه ثاني الثقلين فلأهل البيت إطلاقان يدخل في أحدهما النساء ولا يدخلن في الآخر وبهذا يحصل الجمع بين هذا الخبر والخبر السابق المتضمن نفيه رضي الله تعالى عنه كون النساء من أهل البيت .
وقال بعضهم : إن ظاهر تعليله نفي كون النساء أهل البيت بقوله : أيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها يقتضي أن لا يكن من أهل البيت مطلقاً فلعله أراد بقوله في الخبر السابق نساؤه من أهل بيته أنساؤه الخ بهمزة الاستفهام الإنكاري فيكون بمعنى ليس نساؤه من أهل بيته كما في معظم الروايات في غير «صحيح مسلم» ويكون رضي الله تعالى عنه ممن يرى أن نساءه عليه الصلاة والسلام لسن من أهل البيت أصلاً ولا يلزمنا أن ندين الله تعالى برأيه لا سيما وظاهر الآية معنا وكذا العرف وحينئذٍ يجوز أن يكون أهل البيت الذين هم أحد الثقلين بالمعنى الشامل للأزواج وغيرهن من أصله وعصبته صلى الله عليه وسلم الذين حرموا الصدقة بعده ولا يضر في ذلك عدم استمرار بقاء الأزواج كما استمر بقاء الآخرين مع الكتاب كما لا يخفى اه ، وأنت تعلم أن ظاهر ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم : " إني تارك فيكم خليفتين وفي رواية ثقلين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " يقتضي أن النساء المطهرات غير داخلات في أهل البيت الذين هم أحد الثقلين لأن عترة الرجل كما في «الصحاح» نسله ورهطه الأدنون ، وأهل بيتي في الحديث الظاهر أنه بيان له أو بدل منه بدل كل من كل وعلى التقديرين يكون متحداً معه فحيث لم تدخل النساء في الأول لم تدخل في الثاني . وفي النهاية أن عترة النبي صلى الله عليه وسلم بنو عبد المطلب . وقيل أهل بيته الأقربون وهم أولاده وعلي وأولاده رضي الله تعالى عنهم ، وقيل : عترته الأقربون والأبعدون منهم اه . والذي رجحه القرطبي أنهم من حرمت عليهم الزكاة ، وفي كون الأزواج المطهرات كذلك خلاف قال ابن حجر : والقول بتحريم الزكاة عليهن ضعيف وإن حكى ابن عبد البر الإجماع عليه فتأمل ، ولا يرد على حمل أهل البيت في الآية على المعنى الأعم ما أخرج ابن جرير . وابن أبي حاتم . والطبراني ) .
و على ما تقدم تصير لفظة أهل البيت اسما خاصا بالخمسة و هم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم و علي و فاطمة و الحسنان عليهم السلام و لا يطلق على غيرهم، و لو كان من أقربائه الأقربين و إن صح بحسب العرف العام إطلاق أهل البيت عليهم