بسم الله الرحمن الرحيـــم
وصلى الله على نبيه محمد واله الميامين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
إنطلاقا من قوله تعالى : (( ونفس وماسواها فألهمها فجورها وتقواها )) ، ومن المعلوم أن الله تعالى زود الإنسان بالعقل والذي به يثاب وبه يعاقب ، ومن هنا فإن الإنسان قد يستخدم طاقاته في الخير وقد يستخدمها في الشر ، وقد يكون مستعدا ولأجل الوصول لغايات واهداف غير صالحة ولكنه يرغب أو يحلم في تحقيقها في أ يستعمل المكر والحيلة ويخدع الآخرين مستثمرا بذلك كل الظروف المحيطة به من الظروف الاجتماعية او الاقتصادية والسياسية وغيرها .
وبعد هذه المقدمة العامة -ايها القارىء الكريم - فإن المعتدين وكما وصفهم عز وجل في كتابه بأنهم (( يمكرون )) فهم ماكرون محتالون ، وهذا مايذكره الواقع وماذكرته المئات من المصادر من قصص المعتدين وحيلهم ومكرهم ، وكمثال على ذلك ما كان يستخدمه كفار ومشركوا قريش واليهود من بني النظير وبني قينقاع من المكر والحيلة والخداع للنبي صلى الله عليه واله لغرض تحقيق انتصار مزعوم لهم كما يصور لهم الشيطان ذلك ، ولاجل النيل من النبي صلى الله عليه واله وابطال دعوته للإسلام الحنيف ، وكذلك مااستخدمه أعداء الامام علي عليه السلام من مختلف اساليب الخداع وعلى رأسها التظاهر بالدين وتقمص لباس الدين والتقى والصلاح والورع لأجل خداع الرأي العام ، وتحشيد الناس على الإمام علي عليه السلام وعلى الأقل إيقاع الفتن بين صفوف جيش الامام علي عليه السلام لأجل شعل نيران التفرقة وتفتييت أواصر الوحدة ، وخير مثال على ذلك هو حدث (التحكيــــم) ، وكذا الحال فيماتعرض له إمامنا الحسن المجتبى عليه السلام من مكر وحيل واشاعات حتى تمكنوا من وقوع الفتنة بين صفوف جيش الامام الحسن عليه السلام ، وهكذا الحال بإن يتعرض أهل الحق الى حيل واشاعات اهل الباطل .
وماذا اليوم ؟؟
وأما اليوم فإن العراق العزيز أيضا يتعرض لإشاعات والى سيل هادر من الفتن ومخططات المكر والحيل ، والتي من شأنها أن تفتت نسيج الوحدة بين مكوناته وطوائفه لأجل تحقيق هدف المعتدين من الدواعش وهو السيطرة والاستيلاء على العراق العزيز وعلى خيراته وثرواته ، وتحقيق مآربهم المشؤومة ، ومن هنا -ايها القارىء الكريم- على المواطن العراقي أن يستفيد مما حدث في الماضي من المواقف المشابهة وأن يأخذ الحذر من مخططات الاعداء واساليبهم الماكرة ولاسيما اسلوب الاشاعات المحرق لأواصر الوحدة ، فبحمد الله تعالى فإن العراقيين يمتلكون من الخبرات الكثير من المواقف التي حدثت في الماضي وكيفية الاستفادة من التجارب السابقة في المواقف القادمة.
ولكي نثبت أن اسلوب المكر والحيلة والخداع واسلوب المؤامرة هو أقوى وأمض اسلحة العدو سأذكر المثال التالي وهوالحيلة التي استخدمها الوالي يوسف بن عمر ، فلو تأملت-ايها القارىء الكريم- اسباب فشل القيام الذي قام به زيد الشهيد رضوان الله تعالى عليه بعد أن حقق تلك الإنتصارات الكبيرة ، واشاع الخوف والرعب في حكام الجور وجنودهم المعتدين فإنك ستجد أن تلك الانتصارات توقفت تماما وقتل زيد الشهيد عليه رضوان الله تعالى بسبب سؤال واحد يتكون مكن كلمات لايتجاوز عددها عدد اصبع اليد ، حيث ذكر صاحب كتاب تأريخ الأمم والملوك أن بعض من ان يهوى هشاما- أي هشام بن عبد الملك - دخل على زيد الشهيد رضوان الله تعالى عليه وسأله : ماتقول في أبي بكر وعمر ؟! ، فقال زيد : رحم الله ابا بكر وعمر صاحبيّ رسول الله ثم قال: أين كنتم قبل اليوم ؟ (1) .
ومن هنا تجدا أن هذا السؤال بحد ذاته رغم قلت عدد كلماته كان سلاحا قويا واسلوبا ماكرا إذ كان زيد عليه رضوان الله تعالى بين أمرين إما أن يترحم عليهما أو يذكرهما بعكس ذلك بأن يتبرأ منهما ، وبحسب الاحتمال الثاني فإن ذلك سيؤدي الى تحشيد الرأي العام ضد زيد الشهيد ، وأما بحسب الإحتمال الأول فإن صفوف جيش زيد الشهيد ستتعرض للشك ومن ثم التفرقة أو الإنقلاب ، وقد اختار زيد الشهيد عليه السلام ماهو الاقل ضررا من الأمرين إلا أن الكثير ممن يجهل التورية أو يجهل التقية أو يجهل المغالطة قد تفرق عن زيد الشهيد مما سبب لتفتيت جيش زيد الشهيد ومن ثم تقدم الأمويون وانتصارهم والتمكن من قتل زيد رضوان الله عليه ، فهنا تحققت المؤمرة ونجحت بإمتياز لصالح الأمويين .
ومن هنا نجد اليوم أن اعداء العراق العزيز يحملون السلاح ذاته وهو سلاح المؤامرة والفتنة بأن يوقعوا الحرب الطائفية بين السنة والشيعة بذريعة أنهم من أهل السنة والجماعة فالوقت الذي استغاثت ايديهم من كثرة تلطغها بدماء المواطنين من الطائفة السنية ، وكما يحاولون ايقاع الفتنة بين العرب والأكراد وهكذا هم يسيرون على ماسار عليه أسلافهم وأجدادهم من اسلوب المؤامرة والفتنة ، ومن هنا نجد ان المرجعية الدينية العليا تعبر عن السنة بقولها (( السنة أنفسنا )) إذ أنها في هذه العبارة استطاعت ان تبطل كيد أعدء العراق العزيز من ان يحققوا اهدافهم الفاسدة وكما أنها زادت من أواصر السلم والسلام والألفة والمحبة بين مكونات الشعب العراقي الأصيل.
فحقيق على المواطن العراقي بأن يأخذ حذره من سلاح الأعداء وهو سلاح المؤامرة وسلاح الإشاعات وسلاح الفتنة وأن يؤمن بأن هذه الاسلحة الفتاكة لايمكن مواجهتتها بالاسلحة الحربية وإن كانت متطورة بل يجب مقاومتها بسلاح الفطنة والتحلي بأعلى درجات الإنضباط والتمسك بالوحدة ومحاربة اهل الفتن والخداع والاشاعات المغرضة ، فالدين لله والعراق للجميع (( وأن هذه أمتكم أمة واحة وانا ربكم فأعبدون)) .
ونسأل الله تعالى أن يمن على العراق واهله النصر والغلبة
والحمد لله رب العالمين.
*************
(1) تأريخ الأمم والملوك : 8 /277 .
تعليق