إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عليّ الاَكبر شبيه المصطفى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عليّ الاَكبر شبيه المصطفى

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين

    في يوم العاشر من محرم الحرام هبّت أبناء الاَسرة النبوية كالاَسود الضارية للدفاع عن ريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والذبّ عن عقائل النبوة ومخدّرات الرسالة ، وأول من تقدّم إلى البراز منهم شبيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خلقاً وخُلقاً عليّ الاَكبر ( عليه السلام ) فقد آثر الموت وسخر من الحياة في سبيل كرامته ، ولا يخضع لحكم الدعيّ ابن الدعيّ ، ولما رآه الاِمام أخذ يطيل النظر إليه ، وقد ذابت نفسه أسىً وحسرات ، وأشرف على الاحتضار ، فرفع شيبته الكريمة نحو السماء وراح يقول بحرارة وألم ممض:
    « اللهمّ اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس برسولك محمّد ( صلى الله عليه وآله ) خلقاً وخُلُقاً ومنطقاً ، وكنّا اذا اشتقنا إلى رؤية نبيّك نظرنا إليه... اللهمّ امنعهم بركات الاَرض وفرقهم تفريقاً ، ومزّقهم تمزيقاً ، واجعلهم طرائق قددا ولا ترضي الولاة عنهم أبداً ، فانّهم دعونا لينصرونا ، ثم عدّوا علينا يقاتلوننا... ».
    لقد تجسّدت صفات الرسول الاَعظم النفسية والخلقية بحفيده عليّ الاَكبر ( عليه السلام ) ، وأعِظم بهذه الثروة التي ملكها سليل هاشم وفخر عدنان ، وقد تقطع قلب الاِمام ( عليه السلام ) على ولده ، فصاح بابن سعد:
    « مالك قطع الله رحمك ، ولا بارك لك في أمرك ، وسلّط عليك من يذبحك بعدي على فراشك ، كما قطعت رحمي ، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم تلا قوله تعالى: (ان الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذريّة بعضها من بعض والله سميع عليم)(1).. ».
    وشيّع الاِمام ( عليه السلام ) فلذة كبده وهو غارق بالاَسى والحسرات وخلفه عقائل النبوة ، وقد علا منهنّ الصراخ والعويل على شبيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الذي ستتناهب شلوه السيوف والرماح وبرز الفتى مزهواً إلى حومة الحرب ، لم يختلج في قلبه خوف ولا رعب ، وهو يحمل هيبة جدّه الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وشجاعة جدّه الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وبأس حمزة عمّ أبيه ، واباء الحسين ، وتوسّط حراب الاَعداء ، وهو يرتجز بفخر وعزّة قائلاً:
    أنا عليّ بن الحسين بن علي ... * ... نحن وربّ البيت أولى بالنبيّ
    تالله لا يحكم فينا ابن الدعي(2)
    أجل ـ يا بن الحسين ـ فخر هذه الاَمة ، ورائد نهضتها وكرامتها ، أنت وأبوك أحقّ بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) وأولى بمركزه ومقامه من هؤلاء الاَدعياء الذين حوّلوا حياة المسلمين إلى جحيم لا يطاق.
    وأعلن عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) في رجزه عن عزمه الجبّار وإرادته الصلبة ، وانّه يؤثر الموت على الذلّ والخنوع للدعي ابن الدعيّ ، وقد ورث هذه الظاهرة من أبيه سيّد الاَباة في الاَرض ، والتحم فخر هاشم مع أعداء الله ، وقد ملاَ قلوبهم رعباً وفزعاً ، وقد أبدى من الشجاعة والبسالة ما يقصر عنه الوصف ، ويقول المؤرّخون: انّه ذكرهم ببطولات جدّه الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الذي هو أشجع إنسان خلقه الله ، فقد قتل فيما يقول المؤرّخون مائة وعشرين فارساً(4) سوى المجروحين ، وألحّ عليه العطش ، واُضر به الظمأ فقفل راجعاً إلى أبيه يطلب منه جرعة من الماء ، ويودعه الوداع الاَخير واستقبله أبوه بأسى ، فبادر عليّ قائلاً:
    « يا أبة العطش قد قتلني ، وثقل الحديد قد أجهدني ، فهل الى شربة ماء من سبيل أتقوّى بها على الاَعداء ، .. ».
    والتاع الاِمام كأشدّ ما تكون اللوعة ألماً ومحنة ، فقال له بصوت خافت ، وعيناه تفيضان دموعاً:
    « واغوثاه ، ما أسرع الملتقى بجدّك ، فيسقيك بكأسه شربة لا تظمأ بعدها أبداً.. ».
    وأخذ لسانه فمصّه ليريه ظمأه فكان كشقّة مبرد من شدّة العطش ودفع إليه خاتمه ليضعه في فيه(5).
    لقد كان هذا المنظر الرهيب من أقسى ما فجع به ريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لقد رأى فلذة كبده وهو في ريعان الشباب وغضارة العمر كالبدر في بهائه قد استوعبت الجراحات جسمه الشريف ، وقد اشرف على الموت من شدّة العطش ، وهو لم يستطع أن يسعفه بجرعة ماء ، يقول الحجّة الشيخ عبد الحسين صادق:
    يشكو لخير أب ظماه وما اشتكى * ظمأ الحشا الا الى الظامي الصدي
    كُلِّ حشاشته كصالية الغضا * ولسانه ظمأ كشقّة مبرد فانصاع يؤثره عليه بريقه * لو كان ثمة ريقة لم يجمد
    وقفل فخر هاشم إلى ساحة الحرب ، قد فتكت الجروح بجسمه الشريف وفتت العطش قلبه ، وهو لم يحفل بما هو فيه من آلام لا تطاق ، وانما استوعبت مشاعره وعواطفه وحدة أبيه يراه وقد أحيط به من كل جانب ومكان ، وجميع قطعات الجيش متعطشة إلى سفك دمه لتتقرب به إلى ابن مرجانة ... وجعل عليّ بن الحسين يرتجز أمام الأعداء :
    الحرب قد بانت لها حقائق * وظهرت من بعدها مصادق
    والله رب العرش لا نفارق * جموعكم أو تغمد البوارق (6)
    وجعل نجل الحسين يقاتل أشد القتال وأعنفه حتى قتل تمام المائتين (7) وقد ضج العسكر من شدة الخسائر الفادحة التي مُني بها ، فقال الرجس الخبيث مرة بن منقذ العبدي عليّ آثام العرب إن لم أثكل أباه (8) وأسرع الخبيث الدنس إلى شبيه رسول الله صلى الله عليه وآله فطعنه بالرمح في ظهره وضربة ضربة غادرة بالسيف على رأسه ، ففلق هامته فاعتنق الفتى فرسه ظنا منه أنه سيرجعه إلى أبيه ليودعه الوداع الأخير إلا أن الفرس حمله إلى معسكر الأعداء ، فأحاطوا به من كل جانب ، فقطعوه بسيوفهم إربا إربا تشفيا منه لما ألحقه بهم من الخسائر الفادحة ، ورفع الفتى صوته :
    « عليك مني السلام أبا عبدالله ، هذا جدي رسول الله صلى الله عليه وآله قد سقاني بكأسه شربة لا أظمأ بعدها ، وهو يقول : ان لك كأسا مذخورة ... ».
    وحمل الأثير هذه الكلمات إلى ابيه فقطعت قلبه ، ومزقت أحشاءه ففزع إليه وهو خائر القوى مهندّ الركن ، قد أشرف على الموت ، فوضع خدّه على خد ولده ، وهو جثة هامدة ، قد قطعت شلوه السيوف فأخذ يذرف أحرّ الدموع ، وهو يقول بصوت خافت قد حمل شظايا قلبه الممزق :
    « قتل الله قوما قتلوك ، يا بني ما أجرأهم على الله ، وعلى انتهاك حرمة الرسول على الدنيا بعدك العفا ... » (9) .
    وكان العباس عليه السلام إلى جانب أخيه ، وقد ذاب قلبه وذهبت نفسه حزنا وأسى على ما حل بهم من عظيم الكارثة وأليم المصاب ، لقد قتل ابن أخيه الذي كان ملء فم الدنيا في فضائله ومآثره ، فما أعظم رزيته ، وما أجلّ مصابه !!
    الهوامش
    ____________
    (1) سورة آل عمران: 33.
    (2) تأريخ ابن الاَثير 3: 293.
    (4 و5) مقتل الخوارزمي 2: 30.
    (6) حياة الامام الحسين 3 : 247 .
    (7) مقتل الخوارزمي 2 : 31 .
    (8) مقتل المقرم : 316 .
    (9) نسب قريش : 57 .
    قل للمغيب تحت أطباق الثرى إن كنت تسمع صرختي و ندائيا
    صبت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا
    ************
    السلام عليكِ يا أم أبيها

  • #2
    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرج قائم ال محمد يالله بارك الله بك آخي المحترم على هذا الموضوع القيم أسأل الله تعالى ان يحشرك مع جدي رسول الله صلى الله عليه واله وفقك ورعاك برعايته
    اللهم صلي على محمد وال محمد
    اللهم صلي على فاطمة وابيها وبعلها وبنيها
    والسر المستودع فيها بعدد مااحاط به علمك

    تعليق

    يعمل...
    X