بسم الله الرحمن الرحيـــم
وصلى الله على نبيه محمد واله الميامين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
يقع البعض في شبهة مفادها أن الإسلام هو عينه الأيمان ، ويعتقد أن كل مسلم مؤمن وأن كل مؤمن مسلم ، وفي الحقيقة الواقعية نجد أن القرآن الكريم بين الفرق بين مفهومي "الإسلام" و"الإيمان" في قوله تعالى في سورة الحجرات الآية رقم 14 : ((قالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ )) .
وهنا بيان وتوضيح للفرق بين المفهومين فمن الآية الكريمة يتبين أن الاسلام هي مرحلة سابقة للإيمان وهي مقدمة اليه ، ولكن ليس من المعلوم أن من وصل الى مرتبة الاسلام بأنه سيصل الى مرتبة الإيمان ، فالأعراب هنا أسلموا ولكن الأيمان لم يدخل قلوبهم بعد ، فالإيمان إعتقاد سليم في القلب وطاعة للرحمن .
وهنا يبين لنا الإمام جعفر الصادق -عليه السلام- الفرق بين مفهومي (الإسلام) و ( الإيمان) ، فقد روي عنه عليه السلام نصوص متعددة ، وسأكتفي -ايها القارىء الكريم- بذكر بعضها :
منها : عن جميل بن صالح ، قال : قلت لأبي عبد الله -عليه السلام- أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان ؟
قال : ((إن الإيمان يشارك الإسلام ، والإسلام لايشارك الإيمان)) ، فقلت : فصفهما لي قال :(( الإسلام شهادة الا اله الا الله والتصديق برسول الله -صلى الله عليه واله- ، به حُقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس ، والإيمان الهدى وماثبت في القلوب من صفة الإسلام وماظهر من العمل والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة )) (1).
ومنها : عن عبد الرحيم القصير ، قال كتبت مع عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله -عليه السلام- أسأله عن الإيمان ماهو ؟
فكتب-عليه السلام- اليّ مع عبد الملك بن أعين :
(( سألت يرحمك الله عن الإيمان ماهو ؟ ، هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالأركان ، والإيمان بعضه من بعض ، وهو دار ، وكذلك الإسلام دار ، والكفر دار ، فقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا ، ولايكون مؤمنا حتى يكون مسلما ، فالإسلام قبل الإيمان وهو يشارك الإسلام ))(2).
ومنها : عن عبدالله بن مسكان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله -عليه السلام- قال : قلت له : ما الإسلام ؟ ، قال : (( دين الله اسمه الإسلام ، وهو دين الله قبل أن تكونوا حيث كنتم ، وبعد أن تكونوا ، فمن أقرّ بدين الله فهو مسلم ، ومن عمل بما أمر الله عزوجل فهو مؤمن)) (3).
وهنا-عزيزي القرىء- نلاحظ أن جميع ماذكرته قبل هذه النصوص الشريفة قد وجد تماما في هذه النصوص ، بمعنى أن هذه النصوص والتي رويت عن الامام جعفر الصادق عليه السلام هي أدلة واضحة ، على ثبوت مايلي :
أولا : الإسلام مرحلة متقدمة او سابقة للإيمان .
ثانيا : كل مؤمن مسلم ، والعكس ليس بصحيح ، فليس كل مسلم مؤمن .
ثالثا : يمكن أن نلخص مفهوم الإسلام بأنه ( شهادة الا اله الا الله والتصديق برسول الله -صلى الله عليه واله- ، به حُقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس) .
رابعا : يمكننا القول بأن مفهوم الإيمان هو (الهدى وماثبت في القلوب من صفة الإسلام وماظهر من العمل والإيمان) .وأخيرا نقول : الإيمان أرفع من الإسلام بدرجة .
ولنكتفِ بهذا القدر من التوضيح ..
والحمد لله رب العالمين .
***********
(1) الكافي : 2 /25 .
(2) الكافي : 2 / 27 .
(3) الكافي : 2 / 38 .
تعليق