إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حديث حول التوفيق الإلهيّ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حديث حول التوفيق الإلهيّ

    حديث حول التوفيق الإلهيّ



    بسم الله الرحمن الرحيم

    والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وخاتم النبيين، حبيب إله العالمين، أبي القاسم محمد، وعلى آله الأخيار الأبرار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

    اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، وأكرمنا بنور الفهم، وافتح علينا أبواب رحمتك، وانشر علينا خزائن علومك.

    لا غنى للمؤمن عن التوفيق

    يقول الإمام عليه السلام: (المؤمن يحتاج إلى توفيقٍ من الله، وواعظٍ من نفسه، وقَبولٍ ممن ينصحه)(1).

    ثلاث خصال لا يستغني عنها مؤمن- مهما كان موقعه، ومهما كانت مرتبته، فهو غير مستغنٍ عن هذه الخصال الثلاث-: أن يوفقه الله -عز وجل-، وأن يكون له واعظٌ من نفسه، فيستشعر الذنب ويؤنِّب نفسه على ارتكابه، ويتأمَّل، ويتأَد، ويتأنَّى كلما خشي أن يقع في محذور، ثم إنَّ له ناصحاً ينصحه فيقبل نصيحته.

    لماذا لا يستغني الإنسان عن التوفيق؟

    نقف أولاً على الفقرة الأولى من كلام الإمام -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-، وهي التوفيق.

    كيف يحتاج الانسان إلى التوفيق، ولا يمكن أن يستغني عنه؟ ذلك يُعرف بعد معرفة معنى التوفيق.

    الجواب يكمن في معرفة معنى التوفيق

    التوفيق: يُطلق في مقابل الخذلان، والمراد من الخذلان: هو عدم النُّصرة، وعدم الإعانة، وذلك حين يُترك الإنسان وشأنه. فأنْ تخذلَ أخاك، فهذا لا يعني أن تَضرَّه، وإنما أن تتركه وشأنه في ظرفٍ هو بحاجةٍ إليك، فهذا هو الخذلان.

    الخذلان: أن يتركك الله وشأنك. والتوفيق: هو ما يقابله، وهو أن يُعينك على ما تقصد، ويعينك على ما ترغب، ويعينك على الوصول إلى ما فيه صلاحك، هذا هو التوفيق.

    كثيرٌ من الناس يتوهَّم أنه مهديٌّ برشده وعقله، أو أنَّه إنَّما حصل على هذا المال بجهده وعنائه وكدِّه وكدحه، وأنَّه إنَّما وصل إلى هذا الموقع لأنه قد بذل ما حقق الوصول إليه، أو إنه إنما أصبح عابداً كثير الصلاة، لأنه أهلٌ لذلك! ويغفل كلُّ هؤلاء عن أنه لا يتيسر ذلك للإنسان إلَّا بعونٍ من الله -عز اسمه وتقدس-.

    استشعار التوفيق ومبدأ التعلق بالغيب

    كلُّ شي نحصل عليه، ينبغي أن نستشعر أنَّه بتوفيقٍ من الله -عز اسمه وتقدس-. أراد الله عز وجل، وأراد الرسول الكريم وأهل بيته (ع)، أن يتعلَّق الإنسان دائماً بالغيب، فلا يعتمد على الأسباب الظاهرية والمادية فحسب، بل لا بدَّ من أن يستشعر أنَّ ثمَّة أمراً غيبياً، له دخلٌ فيما حصل عليه، لاحظوا إنَّ القرآن أكَّد: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾( 2). إذا استشعر الإنسان الحاجة إلى التوفيق الالهي، كان ارتباطه بالله أوثق. أمَّا إذا استشعر الإستقلال، أُصيب بالكِبْر، وأصيب بالعُجْب، ولم يستشعر الحاجة إلى التوكُّل، وإلى اللجوء إلى الله، وإلى الدعاء.

    استشعار التوفيق فاروق الإيمان

    يعني بتعبير آخر: مدار الأمور التي تفصل بين المؤمن وغير المؤمن، هو أن يعتقد المؤمن أنَّ كلَّ ما لديه لم يكن ليحصَل عليه لولا التوفيق. أما غير المؤمن، فيستشعر أنَّه مُستقلّ، وأنَّ ما حصل عليه كان لأسبابٍ مادية ظاهرية اقتضت ذلك، وما لم يحصل عليه كان لموانع مادية وظاهرية اقتضت ذلك.

    التوفيق، حاجةٌ دائمةٌ في كلِّ الأمور

    هناك الكثير من الحالات التي يغفل فيها الإنسان عن هذه الجنبة -الإلتفات إلى توفيق الله تعالى- وحينئذ يُبتلى بكثير من الأمراض.
    الكِبْر من أسوء الأمراض النفسية، والعجب من أسوء الأمراض النفسية، وعدم استشعار التوكُّل، وعدم استشعار الحاجة، كلُّ هذه الأمور التي تُنتج -في الواقع- البعد عن الله -عز وجل-، إنما يقع فيها الإنسان نتيجة الغفلة عن الحاجة إلى التوفيق الإلهيّ. لذلك يجب أن يستشعر المؤمن، ويلقِّن نفسه -بشكل دائم- أنه بحاجة إلى المعونة الإلهية سواء كان ذلك في عظائم الأمور، أم في صغائرها ومحقَّرَاتها،
    ملح طعام، خذ قليلاً من الملح واجعله في الطعام، هذا أمر ميسور . أهل البيت (ع) يقولون: حتى في هذا الأمر ينبغي ان تدعو الله -عز وجل- حتى تتوثَّق علاقتنا مع الله تعالى، كلُّ شي ستقوم به فإنك تحتاج إلى توفيق من الله، ستجلس، ستنام، ستذهب للعمل، أنت ترى الأمور كلَّها مهيأة للوصول إلى هذه الغاية أو تلك، فتتفاجأ بأنها لا تحصل، أو أنك لا تصل، لماذا؟ لأن هذه المقدمات وهذه الوسائل كلها تحتاج إلى مُتمِّم وهو التوفيق الإلهيّ الذي يستشعره المؤمن، وتُشرق به نفسه، ويغفلُ عنه الكافرون.
    . نحن نريد أن نشير إلى مايسلب التوفيق عند الإنسان.

    مناشئ الخذلان وسلب التوفيق:

    بعض الأحيان يسلب المؤمن التوفيق -لا أقل في بعض شؤونه-، يُسلب التوفيق فلا يستشعر اللذة في دعائه ومناجاته، يُسلب التوفيق فيرتكب معصيةً ما، ويسلب التوفيق فلا يأتي بطاعةٍ من الطاعات، ويسلب التوفيق فيُحرم من رزقه، ويسلب التوفيق فيُصاب بغمٍّ وهمّ، أمور كثيرة تنشأ نتيجةَ سلب التوفيق. ونحن نركز على سلب التوفيق المرتبط بالهِداية المرتبط بالطاعة، المرتبط بالعبادة، وهو الذي ركّز عليه أهل البيت عليهم السلام، وإلا فشؤونات الحياة قد تكفَّل الله -عز وجل- بتدبيرها لكلِّ الناس، ولكن هناك أمور ترتبط بالمؤمن فقط.

    الإمام الحجة -عليه السلام- يقول في دعائه: (اللهم ارزقنا توفيق الطاعة)( 3). الطاعة لا تحصل دون توفيق، وقد يحصل ركوعٌ وسجودٌ ولقلقة لسان، ولكنها ليست الطاعة التامة. الطاعة التامة تحتاج إلى التوفيق، بل حتى الطاعة الظاهرية تحتاج إلى توفيق، (اللهم ارزقنا توفيق الطاعة وبعد المعصية).

    الابتعاد عن المعصية يحتاج إلى توفيق، والطاعة أيضاً تحتاج إلى توفيق من الله عز -اسمه وتقدس-. ثمَّة أمور تُساهم في سلب التوفيق، وهذا ما نريد أن نشير إليه في نهاية حديثنا.

    أولاً: اقتحام الشُّبهات

    هناك مجموعة من الأمور، أهمها هو: اقتحام الشُّبهات، فضلا عن المحرَّمات. الإنسان الذي يداوم على مُواقعة الشُّبهة، فيأكل ما هو مشتبه، ويدخل فيما فيه شُبهة، ويقول عن غير معرفة، ويقف موقفاً دون وضوح، يشرب ما لا يعلم حلِّيته، ويأكل ما لا يعلم إباحته...، هذا الذي يقع في الشبهات، هذا يُسلب التوفيق إلى ترك المحرمات، بل يقع في المحرمات، (من حام حول الحمى كاد أن يقع فيه). ومن ترك الشُّبهات نجى من المحرمات، أما من ارتكب الشبهات، وقع في المحرمات. لذلك لا بد أن يعصم الإنسان نفسه ما استطاع عن الوقوع في الشبهات؛ حتى لا يقع في المحرمات، ويُحرم من الطاعات.

    ثانياً: الخلود للدنيا

    ومن المناشيء التي ينشأ عنها الخذلان، هو الخلود للدنيا . الإنسان تكون علاقته علاقة حب، علاقة حرص على الدنيا وزخارفها، وزينتها، ومتعها، وشهواتها. هذا الحب يُعمي ويُصمّ، من أحبَّ شيئاً أعشى بصره، وأمات قلبه. فالإنسان إذا أحب الدنيا حبّاً شديداً، وأحبَّ المال حُباً جمّاً ، هذا الإنسان يبدأ بالغفلة عن الكثير من الأمور، حتى يعصي الله معصيةً فيغضب الله عليه، فيتركه وشأنه، يعني يُصاب بالخذلان، فإذا تركه وشأنه، بدأ هذا الإنسان بالنزول التدريجيّ.

    ثالثاً: المعصية

    المعصية والذنب هي من الأمور التي ينشأ عنها الخذلان الإلهي ، وإذا حصل الخذلان تدرَّج الإنسان في الوقوع في المعاصي، وفي الدَّركات، حتى يهوي إلى أدنى وأسفل درك من الضلال، فلذلك تسوء خاتمته -والعياذ بالله-.

    رابعاً: التقاعس عن قضاء حاجة المؤمن

    هناك أمر أخير، هو الترفع عن قضاء حوائج المؤمنين -رغم القدرة-، وكثيراً ما حذرت الروايات من ذلك، أيها الأخوة المؤمنون. ففي الرواية: (من جاءه مؤمنٌ في حاجةٍ، وكان قادراً على قضائها، فلم يقضها له، خذله الله عز وجل)، أنت خذلت هذا المؤمن، فالله يخذلك. وخذلان الله ليس معناه أن يُنزل عليك العذاب، بل معناه أنّ الله تعالى يسلب عنك التوفيق، وإذا سُلب عنك التوفيق، بدأت في العدِّ التنازليّ، حتى تكون في أدنى درجات الضلال-المستجار بالله-.


    والحمد لله رب العالمين..

    ______________


    1- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 4 ص 3598.

    2- سورة البقرة آية رقم 3.

    3- المصباح - الكفعمي - ص 280.


    التعديل الأخير تم بواسطة منتظرة المهدي ; الساعة 05-07-2014, 12:49 AM. سبب آخر:

  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله
    قال الله تعالى في كتابه الحكيم "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا" )"الفرقان-23"
    ("وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة" )"البينة -5"
    و(قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له".)"الأنعام :162"
    وقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: ("إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" )
    (فالناس كلهم هلكى إلا العالمين ، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملين، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصين، والمخلصون على خطر عظيم، )كما جاء عن اهل البيت صلوات الله عليهم
    نعم ان مما يقابل الاخلاص من العبد تجاه خالقه،مكافئة العبد بالتوفيق الالهي ،فالله تعالى حساباته دقيقة ،وكل شئ عنده بمقدار ،وهو الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء....
    فالاخلاص يصعد من الارض ،والتوفيق ينزل من السماء،فالعدل الالهي هو اصل من اصول ديننا الحنيف.
    كما ان من دواعي التوفيق الالهي ،هو بر الوالدين،وخصوصا الام ،ورضاها عن ولدها ،ودعائها له.
    اللهم صل على محمد واله الطيبين وارزقنا توفيق الطاعة وبعد المعصية

    الاخت المباركة(منتظرة المهدي )احسنت وفقك الله تعالى لكل خيرمشاركة قيمة نامل المزيد

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      وصلى الله على محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
      وعليكم السلام ورحمة الله
      اسعدني مرورك الطيب اختي الكريمة
      ام احمد جعلها الله في ميزان اعمالكم

      تعليق


      • #4
        اللهم صل على محمد وال محمد

        أحسنتي أختي "منتظرة المهدي" على هذه المشاركة المتميزة ، والكثير من مشاركاتكي تمتاز بالتميز وحسن الابادع..


        رمضان كريم..

        تعليق


        • #5

          بسم الله الرحمن الرحيم
          وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
          احسن الله اليكي اختي الكريمة
          رونق الصباح على هذا المرور الطيب
          جزاك الله خير الجزاء
          رمضان مبارك على الجميع يارب
          التعديل الأخير تم بواسطة منتظرة المهدي ; الساعة 07-07-2014, 01:51 AM. سبب آخر:

          تعليق

          يعمل...
          X