اولا:
حديث الغدير أحد الأدلة التي يستند إليها الشيعة في إثبات النص على الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وأنه خليفةٌ وإمامٌ للأمة ووليٌّ على المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وآله، وقد ألّف العديد من العلماء كتباً مستقلة في هذا الحديث، ومنهم العلامة الأميني رحمه الله، حيث ألّف كتاباً ضخماً من أحد عشر مجلداً باسم (الغدير في الكتاب والسنة والأدب).
وليت عثمان الخميس عندما أراد أن يرد استدلال الشيعة بهذا الحديث، نقل كيفية استدلال علمائهم به، مثل العلامة الأميني، وفند قوله ورد عليه، ولكنه لم يفعل ذلك، بل اكتفى في رده على استدلال الشيعة بهذا الحديث بكلام لا يسمن ولا يغني، سبق لعلماء الشيعة أن ردوه.
وقد شحن رده هذا بالكثير من المغالطات والتدليسات، حتى صار أوهن من بيت العنكبوت .
ثانياً: مسلم كعثمان الخميس بتر حديث الغدير!
إن عثمان الخميس يعلم بحكم اطلاعه على الحديث أن الرواية التي نقلها مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحه هي رواية مبتورة لحادثة غدير خم، وعدم رواية مسلم لهذه الحادثة كما رواها غيره من أصحاب الصحاح والمسانيد والسنن، نوع من العناد مع الحق، فحديث الغدير حديث متواتر
رواه الجمع الغفير، وقد صرح بتواتره العديد من علماء السنة، وهو على شرطه وشرط البخاري كما قال الحاكم النيسابوري عند إخراجه لهذا الحديث في كتابه المستدرك على الصحيحين، وكذلك الشيخ الألباني في صحيحته، (انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني: 4/330، وما بعدها) وغيرهما.
ثم إن عدم رواية البخاري أو مسلم لهذا الحديث لا يعني ضعفه أو وضعه ولا يوهن من صحته قط، كما صرح العديد من علماء أهل السنة بذلك، فقد صرحوا بأن الأحاديث الصحيحة لا تنحصر فيما رواه البخاري ومسلم، وأن صحيحي البخاري ومسلم لم يستوعبا كل الأحاديث الصحيحة.
ثالثاً: تحريف عثمان الخميس في رواية مسلم
لقد حرَّف هذا الشيخ في رواية مسلم فحذف منها العبارة التي قالها زيد ابن أرقم وهي: (نساؤه من أهل بيته؟!) ووضع مكانها لفظة: (نعم)!
ونص الرواية في صحيح مسلم هو:
(حدثني يزيد بن حيان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يازيد خيراً كثيراً، رأيت رسول الله (ص) وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله (ص) قال: يا ابن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت
أعي من رسول الله (ص) فما حدثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله (ص) يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال:
أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي.
فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟
قال: نساؤه من أهل بيته؟! ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده.
قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.
قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم). انتهى .
وأرجو أن يلاحظ القارئ المنصف سؤال الحصين لزيد بن أرقم: ومن أهل بيته يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته؟! ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده... الخ).
والذي فعله عثمان الخميس أنه حذف قول زيد بن أرقم: (نساؤه من أهل بيته؟!) لأنها استفهام استنكاري على الحصين الذي جعل نساؤه من أهل بيته!
.
ولم يكتف الخميس بحذفها بل وضع بدلها كلمة (نعم)!! فصار الإستنكار إيجاباً وتأييداً لقول إن نساءه من أهل بيته!! فهل رأيتم تزويراً كهذا؟!!.
ولا بد أن عثمان الخميس المتخصص في الحديث بزعمه يعرف أن زيداً ابن أرقم قد نفى أن نساء النبي صلى الله عليه وآله من أهل بيته، فقد قرأ صحيح مسلم، وقرأ فيه ما قاله زيد بصراحة في المجلد 3/1874:
(فقلنا من أهل بيته نساؤه؟ قال: لا، وأيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده)!! انتهى.
فإذا كان عثمان الخميس ونحن في القرن العشرين، يرتكب التحريف والكذب والتدليس في رواية ينقلها من صحيح مسلم، ولا يستحي ولايخجل من ذلك! والكتاب مطبوع منشور في أيدي الناس! فهل تريدون من أسلافه المخالفين لأهل البيت عليهم السلام أن يستحوا؟!.
تعليق