إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عَبْدُ اللهِ بْن بديل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عَبْدُ اللهِ بْن بديل

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلم

    عَبْدُ اللهِ بْن بديل

    لْيكنْ حديثنا الليلة عَنْ بطل مِنْ الأبطال، ومؤمِنٍ رائعِ الإيمان ومجاهدٍ بين يَدَي الإمام عليٍّ (عليه السلام) سجّل تأريخه بأنصع صفحةٍ.

    هو: عبد الله بن بديل بن ورقاء بن عبد العزيز بن ربيعة الخزاعي..

    سيّدٌ مِنْ سادات خزاعة، وبطلٌ مِنْ صفّين، وصحابيٌّ رافق القائد الأوّل، رسولَ الله في بعض غزواته: كحُنَيْن، والطائف وتبوك.. وهو لمْ يتخطَّ عتبة الشباب إلاّ بقليلٍ، فقد حمل السلاح مجاهداً بين يدي الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثُمّ انحاز إلى ابن عمِّه عليّ بن أبي طالبٍ، يُتَابِعُهُ متابعةَ الظلّ.

    حتّى كان يوم صفّين، وابن بديل فارسٌ مُعلَّم لا يخفى أثره، فإنّ إيمانه بقضيته كانتْ أكبر مِنْ كلِّ شيءٍ لديه، فلا يَهُمّه إذ لو تعرّض لمخاطر الحرب، أو تعرّض للموت، ما دام هو الحقّ.
    وقبل أنْ تَلتَحِم الجيوش، وتلمع السيوف، وقف هذا الرجل المجاهد خطيباً في قومه، وسيفه مشهورٌ في يده:
    (ألا إنّ معاوية ادعى ما ليس له، ونازع الأمر أهلَه، ومَنْ ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحقّ، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب، وزيّنَ لهم الضلالة، وزرع في قلوبهم حبّ الفِتنة، ولبّس عليهم الأُمور، وزادهم رِجساً إلى رِجسهم، وأنتم والله على نورٍ، وبرهانٍ مبينٍ.. قاتِلوا الطغاة الجفاة، قاتلوهم ولا تَخْشَوهم، وكيف تخشوهم، وفي أيديكم كتابُ ربِّكم ظاهرٌ مبينٌ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ * قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ )..
    لقد قاتَلْتُهُم مع النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والله ما همْ في هذه بأزكى ولا أتقى، ولا أَبَرَّ، انهضوا إلى عدوِّ الله، وعدوِّكم..).
    كانَ معاوية وصَحْب معاوية، وفي مقدَّمتهم عمرو بن العاص، على علمٍ أنّهم على الباطل، ولكنّ الدنيا، وعليها يتكالب المتكالِبون.
    فقد نقلتْ الرواية: إنّ معاوية طلب إلى ابن العاص أنْ يُسَوِّي صفوفَ أهل الشام، فقال له عمرو: على أنَّ لي حكمي، إنْ قَتَلَ اللهُ ابن أبي طالب، واستوثقت لك البلاد. فقال معاوية: أليس حكمك في مصر؟ قال ابن العاص: وهل مصر تكون عِوَضَاً عَنِ الجنّة، وقتل ابن أبي طالب ثمناً لعذاب النّار، الذي( لاَ يُفَتّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ )؟ فقال معاوية: إنّ لك حُكْمَكَ أبا عبد الله إنْ قُتِلَ ابن أبي طالب، رويداً لا يسمع أهل الشام كلامك).
    وهذا الحوار الذي يحتوي المقايضة بين معاوية وابن العاص، ويعطينا صورةً واضحةً عَنْ مدى إيمان الرجلين بقضيَّتِهم المُفْتَعَلَةِ، ألا وهي الثأر لعثمان، فلم يكنْ موضوع عثمان إلاّ جسراً نَصَبَهُ معاويةُ وبِطَانَتُهُ، مِنْ أجل البلوغ إلى أهدافهم، ومطامعهم الدنيويّة.
    في حين أنّنا نلمَسُ في أصحاب الإمام عليٍّ الإيمانَ الصحيح، والصدق والإخلاص في أقوالهم، وأفعالهم، وهمْ مِنْ أجل هذا لا يبالون، أَوَقَعَ الموتُ عليهم، أَمْ وقعوا على الموتِ..
    وابن بديل، عندما يندفع هذا الاندفاع لم يكنْ إلاّ مثلاً حياً لأصحاب عليٍّ (عليه السلام) الذي عَرَفوا أبا الحسنين حقّ معرفتِه، وأنّ القتال إلى جانبه واجبٌ، لأنّه إمامُ زمانِهِم، وبيعتُهُ في رَقَبَتِهِم.
    بالإضافة إلى أنّ هذه الصفوة مِنْ أصحاب عليٍّ (عليه السلام) كانوا ـ في الحقيقة ـ مِثالاً رائعاً في وفائهم، وإيمانهم، ونستطيعُ أنْ نلمسَ الصورةَ الرائعةَ، التي أبرزها أحد أصحاب عليٍّ ـ وأيضاً ـ في صِفّين.
    ذلك هو: أثال بن حجل بن عامر المذحجي، فقد نادى الأشتر يوماً مِنْ أيّام صِفِّين في أصحابه: أَمَا مِنْ رجلٍ يَشْرِي نفسَه لله؟. فخرج أثال بن حجل بن عامر، فنادى بين العسكريين: هل مِنْ مُبَارِز؟.
    فدعا معاوية ـ وهو لا يعرفه ـ أباه حجل بن بن عامر ـ وكان مِنْ أصحابه، فقال: دونك الرجل.. فبرز كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحبه، فبدره الشيخُ بِطَعْنَةٍ، وطعنه الغلامُ، وانتسبا فإذا هو ابنه، فنزلا، فاعتنق كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه وبَكَيَا، فقال له الأبُ: يا بُنَي، هَلُمَّ إلى الدنيا ؟ فقال له الغلام: يا أبي هَلُمَّ إلى الآخرة.. ثُمّ قال: يا أبتِ، والله لو كان مِنْ رأيي الانصراف إلى أهل الشام، لوجب عليك أنْ يكون مِنْ رأيك لي أنْ تَنْهاني، وَاسَوْأَتَاه. فماذا أقول لعليٍّ وللمؤمنين الصالحين ؟ كُنْ على ما أنت عليه، وأنا على ما أنا عليه.
    فانصرف حجل إلى صفِّ الشام، وانصرف ابنُه أثال إلى أهل العراق، فَخَبَّرَ كلُّ واحدٍ منهما أصحابه.
    وكلّ أصحاب عليٍّ (عليه السلام) على وتيرةٍ واحدةٍ، لا فرق بين الصغير والكبير منهم، فإذا ما رأينا أثال، وهو غلام يافع، كما تشير الرواية إلى ذلك، فلا نستغرب بعد ذلك على ابن بديل ـ وهو الصورة المثلى للإنسان المجاهد، وهو القائد لجيش المشاة لعليٍّ (عليه السلام) ـ أنْ يضجر مِنْ طول الانتظار للقتال، وأخوه عبد الرحمن إلى جانبه، فيُكَلِّم الإمام في البراز فيوافق، وبرز وزحف ومَنْ مَعَهُ مِنْ جيشه، وعليه درعان، ويحمِلُ سَيْفَيْنِ .
    وحمل ابن بديل ومعه الأبطال الذين بايعوه على الموت يشقون الصفوف يطلبون معاوية، وهو يدفع بإخوانه المقاتلين إلى حيث معاوية، يبغي قتله، وشعر ابنُ أبي سفيان بالخطر فصاح بالجموع المحتشِّدة حوله: ويْلَكُم، الصخر والحجارة إذا عجزتم عَنِ السلاح. فَرَضَخَهُ الناسُ بالصخر والحجارة، حتّى أثخنوه فسقط ، فأقبلوا عليه بسيوفهم فقتلوه.
    وجاء معاوية ووقف عليه، وأراد أنْ يُمثِّل به، ومنعه بعضُ مَنْ رافقه، فقال: اكشفوا عَنْ وجهه،فأنّا لا نُمثِّل به قد وهبناه، فكشفوا عَنْ وجهه، فقال معاوية: هذا كبش القوم وربِّ الكعبة، اللهمّ اظفرني بالأشتر.
    وَمَسْحَةٌ مِنْ إعجابً وذهولً رَفَّتْ على سُحْنَة معاوية، وعيناه مَشْرُوْدَتَانِ إلى ابن بديل، وقد مزّقَتْهُ السيوف والحجارة، ثمّ
    انكفأ، وهو يقول: إنّ نساء خزاعة، لو قدرتْ على أنْ تقاتلني ـ فضلاً عن رجالها ـ لفعلت، فكيف بهذا البطل!!
    وبلغ النبأ إلى الإمام علي (عليه السلام)، فأسرع إلى ساحة المعركة يكشف المحاربين عَنْ طريقه، حتّى وصل إلى جثمان ابن بديل ووقف عليه متاثِّراً، وهو يشدّ جراحه، واحدةً تلو الأُخرى ثمّ قال:
    (جَزَاكُمْ اللهُ خَيْرَاً، أَدَّيْتُمْ مَا عَلَيْكُمْ، وَبَقِيَ مَا عَلَيْنَا).
    وإلى جانب آخر مِنَ المعركة كان أخوه عبد الرحمن بن بديل قد وقع قتيلاً في تلك الحملة.
    وهكذا تلاقتْ أرواحهما، متعانِقةً تصعد إلى بارئها راضيةً مرضيَةً، وهو جزاء المجاهدين..
    وسكتَ المتحدِّث، حيث انقضى مِنَ الليل أكثره، وتعرف السامرون، ولكنّ ذكرى ابن بديل بقِيَتْ كضوء القمر، ينعش الليل بأنواره مِنَ الدهور.


    المصدر : بتصرف
    المكتبة الالكترنية المختصة بامير المؤمنين

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد


    الأخ الكريم والمبدع ( ضياء الحفار )

    دمت مبدعاً ومتألقاً

    أحسنتم النشر .. ووفقكم الله لكل خير

    رزقكم الله خير الدنيا والآخرة

    تقبلوا مروري
    ودمتم بخير سالمين
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    وارحمنا بهم واجعل عواقب امورنا الى خير

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم صل على محمد وال محمد
      الاخ الفاضل (ضياء الحفار)وفقكم الله
      موضوع جميل واختيار موفق
      شكرا لكم على هذه المواضيع
      رحم الله عبد الله بن بديل
      فان في حياته عبرة للشباب المومن
      حيث يجسد ثبات الايمان وعلو الهمة
      في محاربة اعداء الله
      نامل المزيد من ابداعكم
      تقبلوا مروري ودعائي لكم

      تعليق

      يعمل...
      X