النبوة
l والنبوة من أصول الدين والإسلام ومنكره كافر نجس العين .
l مقامات النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم :
فهو صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وأشرف الكائنات وأكمل المخلوقين ، الذي أقامه الله في جميع عوالمه مقامه فأدى عنه أحكامه وبلغ حلاله وحرامه { تبارك الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً } أطلعه على سره واسترعاه أمر خلقه وقرن طاعته بطاعته ، جعله آمراً وناهياً عنه إذ كان لا تدركه الأبصار ولا تحويه خواطر الأفكار ولا تمثله غوامض الظنون في الأسرار لا إله إلا هو العزيز الجبار. أودعه في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة لم يتطرق إليه نجس الشرك ولا خبث الجاهلية اخترعه من نور عظمته ، فولد طاهرا مطهرا معصوما عن الخطايا والذنوب ، منزها عن النقائص والعيوب .
: نسبه صلى الله عليه وآله وسلم :
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ( شيبة الحمد ) بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن نضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . عليه وآله وعلى آبائه وأجداده السلام .
موجبان لإرسال الأنبياء :
l الأول : معرفة الله سبحانه وتعالى :
كما سبق في مبحث التوحيد أن العلة الغائية لخلق الخلق معرفة الله عز وجل كما قال : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ليعرفون لأن العبادة فرع المعرفة ولا بد للمعرفة وكيفية العبادة من التعليم والتعلم . وهنا المعلم هو الخالق المعبود والمتعلم والعابد المخلوق ولا يمكن لعامة الخلائق الأخذ منه سبحانه لنقصهم وضعف قابلياتهم وعدم استعدادهم . فيختار الحكيم من باب اللطف من بين العباد الموجود الكامل ويشرفه برتبة النبوة والرسالة ، ويوحي إليه ما يشاء من التعاليم ويجعله واسطة بينه وبينهم ، فيعلمهم طريق المعرفة والعبادة { هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين }.
: الثاني : إتمام الحجة :
ان الله جامع الناس ليوم لا ريب فيه وهو يوم القيامة ، ليدخل السعداء الجنة والأشقياء النار ، ولا يكون ذلك إلا بعد إتمام الحجة وإرسال الرسل {... ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حَيَّ عن بينة ...} ولا يقول الشقي يا رب لماذا حرمتني من الثواب وأوجبت عليَّ العقاب ؟
فأرسل تبارك وتعالى : { رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ...}
فقام كل نبي في أمته ونهض في تعليمها وتربيتها ، فعرفها سبيل الرشاد وهداها إلى طريق النجاة { فأما من طغى . وآثر الحياة الدنيا . فإن الجحيم هي المأوى . وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى }
: النبي والرسول :
النبي : هو الذي يوحى إليه ، سواء أمر بإيصال ما يوحى إليه إلى من سواه أم لا بل هو نبي على نفسه .
والرسول : هو الذي أوحي إليه وأمر بإيصال ما أوحي إليه من الأحكام والأوامر إلى أمته ، ويخبر عن الله بغير واسطة بشر .
وقيل : إن النبي يسمع صوت الملك الحامل للوحي ويراه في المنام ولا يرى شخصه في اليقظة . والرسول : يرى شخص الملك وأمين الوحي في اليقظة والمنام ويسمع صوته . فكل رسول نبي ولا عكس ونبينا كما قدمنا نبي ورسول { ... محمد ... رسول الله وخاتم النبيين ...}
والأنبياء كما في الحديث مئة ألف وأربع وعشرون ألف ، والرسل منهم ثلاث مئة وثلاثة عشر .
: ستة من المرسلين أرباب الشرائع :
وهم آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم السلام . ولكل من هؤلاء الستة كتاب وشرع من قبل الله عز وجل ، فشرع آدم عليه السلام كان مستمرا إلى زمان نوح عليه السلام وشرع نوح إلى زمان إبراهيم عليه السلام ، وشريعة إبراهيم إلى عصر موسى عليه السلام وشريعة موسى إلى عصر عيسى عليه السلام ، وشريعة عيسى إلى زمان محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشرعه مستمر إلى يوم القيامة .
وكل متأخر منهم ناسخ لشريعة من تقدم ، وسائر الأنبياء كانوا يبلغون أحكام صاحب الشرع الذي من قبلهم .
: أولو العزم :
عزم بمعنى قاوم واستقام كما قال العزيز جل وعلا { فاستقم كما أمرت ...} ، { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ...} وأولو العزم خمسة من أصحاب الشرائع ، وأما آدم فقد قال الله في حقه {... ولم نجد له عزما } حيث أكل من الشجرة المنهية .
النبوة الخاصة والعامة :
بعض الأنبياء كانت نبوته على نفسه فقط ، وبعضهم على أهل بيته وبعضهم على أسرته وعشيرته ، وبعضهم على قريته وبلاده ، إلا نوح عليه السلام فكانت نبوته عامة وكان نبيا على كافة الناس ، كما أن طوفانه عم الديار والبلاد .
وأما نبينا صلى الله عليه وآله وسلم نبي على ما سوى الله ، من في السماوات والأرض من الجن والإنس وغيرهما : بسم الله الرحمن الرحيم { قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجبا . يهدي إلى الرشد فآمنا به ... } بسم الله الرحمن الرحيم { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا } .
ويمكن الاستدلال ببعض معاجزه على نبوته العامة وشريعته المستمرة
: معاجز الأنبياء محدودة :
معاجز الأنبياء كلها كانت محدودة بحدود الزمان والمكان ، مثل آيات موسى عليه السلام التسعة عصاه وسائر معاجزه وإحياء الموتى لعيسى عليه السلام وخلقه الخفاش وإبرائه الأكمه والأبرص ، وإخباره بما يأكل الناس وما يدخرون في بيوتهم ومعجزة إبراهيم عليه السلام قال تعالى : { قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم } وحتى طوفان نوح عليه السلام كان محدودا بزمانه على وجه الأرض .
: معاجز نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم :
وأما نبينا صلى الله عليه وآله كانت له معاجز وكرامات لا تعد ولا تحصى ، من تسبيح الحصى في كفه وإنطاق الحيوانات وشهادتها بنبوته وإطاعة الأشجار والنباتات له ، وعدم ظهور ظل له في الشمس، وأعظمها أخلاقه الجميلة الملكوتية التي جذبت نفوس الأشراف وسحرت قلوب المؤمنين ، وقال في حقه إله العالمين : { وإنك لعلى خلق عظيم
ولكن من جملتها غير محدودة بزمان ولا مكان بل عامة ومستمرة . منها : شق القمر فإنها آية سماوية ، ومنها المعراج فإنها عمت العوالم العلوية والسفلية ومنها قرآنه فإنه آية مستمرة باقية خالدة ما دامت السماوات والأرض نعمة غير مجذوذة . فنفوذ معجزاته في عامة الأزمنة والأمكنة إلى أعماق عالم الوجود دليل على عمومية نبوته وولايته
: ولايتهم عامة عليهم السلام :
وفي الحقيقة إذا لاحظنا الأحاديث النبوية والآثار العلوية والأخبار الإمامية ، لعلمنا أن نبوته لم تنحصر على زمانه وبعد زمانه وعلى الحجاز والمناطق العربية وغيرها من الأقاليم ، بل إنه رسول الله على ما سوى الله من دون استثناء موجود من ابتداء الوجود إلى يوم الخلود وهكذا ولايته وولاية أخيه وابن عمه ووصيه وخليفته الذي هو نفسه ونوره ، وولاية أهل بيته المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين عامة مطلقة نافذة محيطة لا يشذ عنها شيء لا في الأرض ولا في السماء ، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته التي أولها: (الحمد لله الذي جعل الحمد من غير حاجة إلى حامديه طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته ... " إلى أن قال " : ... استخلصه في القدم على سائر الأمم على علم منه ، انفرد عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس ، وانتجبه آمرا وناهيا عنه ، أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه إذ كان لا تدركه الأبصار ... " إلى أن قال " : ... وإن الله اختص لنفسه بعد نبيه من بريته خاصة ، علاَّهُم بتعليته وسما بهم إلى رتبته ، وجعلهم الدعاة بالحق إليه والأدلاء بالإرشاد عليه ، لقرن قرن وزمن زمن ،
إثبات نبوته صلى الله عليه وآله وسلم بطريق العقل :
: النبوة باختيار الله سبحانه وتعالى :
النبوة ليست بالإدعاء ولا باختيار الناس ولا بالرياضات النفسانية وغيرها ، بل باختيار من الله تبارك وتعالى : {... الله أعلم حيث يجعل رسالته .. ولكن لا بد للنبي والرسول من القابلية والاستعداد واللياقة الذاتية للسفارة الإلهية ، وأخذ الوحي وإيصال أحكام الله والصبر والتحمل لأعباء النبوة والرسالة ، والمقاومة العظيمة تجاه الأمم الوحشية الجاهلة { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } .
l ماذا دلنا عليه التاريخ ؟
لقد دلنا التاريخ وأخبرنا بوجود عباقرة ونوابغ ، قاموا وادعوا هذا المنصب العظيم وزعموا أنهم مرسلون من قبل الله ، كأمثال مسيلمة وسجاح وأتوا بسور وآيات (الفيل ما الفيل وما أدريك ما الفيل له خرطوم طويل ) . ولكن ما مرت عليهم وعلى داعيتهم أيام لا وفشلوا وافتضحوا وهلكوا { فَقُطِعَ دابرُ القومِ الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين }.
: الله يحق الحق :
نعم إن الله قد فرض على نفسه أن يحق الحق ويبطل الباطل ، وينصر رسله ويهلك الكاذبين ، لطفا منه على عباده وحفظا على ناموس توحيده { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد }
: الله أرسل الرسل :
هذا وقد بعث الله أنبياءه ورسله مبشرين ومنذرين ، فحفظهم بحفظه وأعطاهم من فضله وشجعهم بوحيه ونصرهم بملائكته ، حتى سجلوا توحيده ونشروا أحكامه ،وبلغوا عنه ما حملهم ، وأصبحوا على أعدائه ظاهرين . وعليك بمطالعة قصة إبراهيم عليه السلام ونمرود ، وموسى عليه السلام وفرعون وعيسى واليهود { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز }
: شريعة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم صالحة لجميع الأزمان :
وأما نبينا صلى الله عليه وآله فالأمر في حقه أشهر من الشمس وأبين من الأمس ، قد مضى على نبوته الظاهرة ورسالته البشرية أربعة عشر قرنا ( ألف وأربع مئة سنة ) هلالية ، ولم يزدد دينه إلا تقدما وشريعته إلا توسعا وأحكامه إلا تنورا ، وقد نفذت الإسلامية في أعماق الأقاليم السبع ورحب بها كل حر مستبصر من الأبيض والأسود ، واعترف فلاسفة الغرب بحقائقها وإنها ملائمة لجميع الأزمان والعصور ، حتى لعصرنا الذهبي عصر النور ، وأقروا بأن النبي الأمي المكي المدني سيد الأنبياء والمرسلين على رغم من قساوستهم المتعصبين وملوكهم الظالمين ، الذين قاموا من صدر الإسلام إلى عصور الحروب الصليبية حتى زماننا هذا ، ونهضوا وهموا وهجموا وجدوا واجتهدوا في إطفاء نور الإسلام ولكن { ... ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
(( تعريف النبوة ))
يجب على كل مكلف أن يعتقد بنبوة الأنبياء والمرسلين ، وأنهم خلفاء الله في أرضه وأمنآؤه على وحيه وحججه على عباده ومبلغو أحكامه ، وأنّ أولهم أبونا آدم وآخرهم نبينا الخاتم عليه وآله السلام، قد ختم الله به النبوة والرسالة وجعل شرعه مستمرا إلى يوم القيامة فمن ادعى من بعده ذلك المقام ووصول الوحي إليه ، فهو كافر مرتاب أو ساحر كذاب قد افترى على الله واستحق سخطه وخسر خسراناً مبيناً . l والنبوة من أصول الدين والإسلام ومنكره كافر نجس العين .
l مقامات النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم :
فهو صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وأشرف الكائنات وأكمل المخلوقين ، الذي أقامه الله في جميع عوالمه مقامه فأدى عنه أحكامه وبلغ حلاله وحرامه { تبارك الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً } أطلعه على سره واسترعاه أمر خلقه وقرن طاعته بطاعته ، جعله آمراً وناهياً عنه إذ كان لا تدركه الأبصار ولا تحويه خواطر الأفكار ولا تمثله غوامض الظنون في الأسرار لا إله إلا هو العزيز الجبار. أودعه في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة لم يتطرق إليه نجس الشرك ولا خبث الجاهلية اخترعه من نور عظمته ، فولد طاهرا مطهرا معصوما عن الخطايا والذنوب ، منزها عن النقائص والعيوب .
: نسبه صلى الله عليه وآله وسلم :
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ( شيبة الحمد ) بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن نضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . عليه وآله وعلى آبائه وأجداده السلام .
موجبان لإرسال الأنبياء :
l الأول : معرفة الله سبحانه وتعالى :
كما سبق في مبحث التوحيد أن العلة الغائية لخلق الخلق معرفة الله عز وجل كما قال : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ليعرفون لأن العبادة فرع المعرفة ولا بد للمعرفة وكيفية العبادة من التعليم والتعلم . وهنا المعلم هو الخالق المعبود والمتعلم والعابد المخلوق ولا يمكن لعامة الخلائق الأخذ منه سبحانه لنقصهم وضعف قابلياتهم وعدم استعدادهم . فيختار الحكيم من باب اللطف من بين العباد الموجود الكامل ويشرفه برتبة النبوة والرسالة ، ويوحي إليه ما يشاء من التعاليم ويجعله واسطة بينه وبينهم ، فيعلمهم طريق المعرفة والعبادة { هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين }.
: الثاني : إتمام الحجة :
ان الله جامع الناس ليوم لا ريب فيه وهو يوم القيامة ، ليدخل السعداء الجنة والأشقياء النار ، ولا يكون ذلك إلا بعد إتمام الحجة وإرسال الرسل {... ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حَيَّ عن بينة ...} ولا يقول الشقي يا رب لماذا حرمتني من الثواب وأوجبت عليَّ العقاب ؟
فأرسل تبارك وتعالى : { رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ...}
فقام كل نبي في أمته ونهض في تعليمها وتربيتها ، فعرفها سبيل الرشاد وهداها إلى طريق النجاة { فأما من طغى . وآثر الحياة الدنيا . فإن الجحيم هي المأوى . وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى }
: النبي والرسول :
النبي : هو الذي يوحى إليه ، سواء أمر بإيصال ما يوحى إليه إلى من سواه أم لا بل هو نبي على نفسه .
والرسول : هو الذي أوحي إليه وأمر بإيصال ما أوحي إليه من الأحكام والأوامر إلى أمته ، ويخبر عن الله بغير واسطة بشر .
وقيل : إن النبي يسمع صوت الملك الحامل للوحي ويراه في المنام ولا يرى شخصه في اليقظة . والرسول : يرى شخص الملك وأمين الوحي في اليقظة والمنام ويسمع صوته . فكل رسول نبي ولا عكس ونبينا كما قدمنا نبي ورسول { ... محمد ... رسول الله وخاتم النبيين ...}
والأنبياء كما في الحديث مئة ألف وأربع وعشرون ألف ، والرسل منهم ثلاث مئة وثلاثة عشر .
: ستة من المرسلين أرباب الشرائع :
وهم آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم السلام . ولكل من هؤلاء الستة كتاب وشرع من قبل الله عز وجل ، فشرع آدم عليه السلام كان مستمرا إلى زمان نوح عليه السلام وشرع نوح إلى زمان إبراهيم عليه السلام ، وشريعة إبراهيم إلى عصر موسى عليه السلام وشريعة موسى إلى عصر عيسى عليه السلام ، وشريعة عيسى إلى زمان محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشرعه مستمر إلى يوم القيامة .
وكل متأخر منهم ناسخ لشريعة من تقدم ، وسائر الأنبياء كانوا يبلغون أحكام صاحب الشرع الذي من قبلهم .
: أولو العزم :
عزم بمعنى قاوم واستقام كما قال العزيز جل وعلا { فاستقم كما أمرت ...} ، { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ...} وأولو العزم خمسة من أصحاب الشرائع ، وأما آدم فقد قال الله في حقه {... ولم نجد له عزما } حيث أكل من الشجرة المنهية .
النبوة الخاصة والعامة :
بعض الأنبياء كانت نبوته على نفسه فقط ، وبعضهم على أهل بيته وبعضهم على أسرته وعشيرته ، وبعضهم على قريته وبلاده ، إلا نوح عليه السلام فكانت نبوته عامة وكان نبيا على كافة الناس ، كما أن طوفانه عم الديار والبلاد .
وأما نبينا صلى الله عليه وآله وسلم نبي على ما سوى الله ، من في السماوات والأرض من الجن والإنس وغيرهما : بسم الله الرحمن الرحيم { قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجبا . يهدي إلى الرشد فآمنا به ... } بسم الله الرحمن الرحيم { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا } .
ويمكن الاستدلال ببعض معاجزه على نبوته العامة وشريعته المستمرة
: معاجز الأنبياء محدودة :
معاجز الأنبياء كلها كانت محدودة بحدود الزمان والمكان ، مثل آيات موسى عليه السلام التسعة عصاه وسائر معاجزه وإحياء الموتى لعيسى عليه السلام وخلقه الخفاش وإبرائه الأكمه والأبرص ، وإخباره بما يأكل الناس وما يدخرون في بيوتهم ومعجزة إبراهيم عليه السلام قال تعالى : { قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم } وحتى طوفان نوح عليه السلام كان محدودا بزمانه على وجه الأرض .
: معاجز نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم :
وأما نبينا صلى الله عليه وآله كانت له معاجز وكرامات لا تعد ولا تحصى ، من تسبيح الحصى في كفه وإنطاق الحيوانات وشهادتها بنبوته وإطاعة الأشجار والنباتات له ، وعدم ظهور ظل له في الشمس، وأعظمها أخلاقه الجميلة الملكوتية التي جذبت نفوس الأشراف وسحرت قلوب المؤمنين ، وقال في حقه إله العالمين : { وإنك لعلى خلق عظيم
ولكن من جملتها غير محدودة بزمان ولا مكان بل عامة ومستمرة . منها : شق القمر فإنها آية سماوية ، ومنها المعراج فإنها عمت العوالم العلوية والسفلية ومنها قرآنه فإنه آية مستمرة باقية خالدة ما دامت السماوات والأرض نعمة غير مجذوذة . فنفوذ معجزاته في عامة الأزمنة والأمكنة إلى أعماق عالم الوجود دليل على عمومية نبوته وولايته
: ولايتهم عامة عليهم السلام :
وفي الحقيقة إذا لاحظنا الأحاديث النبوية والآثار العلوية والأخبار الإمامية ، لعلمنا أن نبوته لم تنحصر على زمانه وبعد زمانه وعلى الحجاز والمناطق العربية وغيرها من الأقاليم ، بل إنه رسول الله على ما سوى الله من دون استثناء موجود من ابتداء الوجود إلى يوم الخلود وهكذا ولايته وولاية أخيه وابن عمه ووصيه وخليفته الذي هو نفسه ونوره ، وولاية أهل بيته المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين عامة مطلقة نافذة محيطة لا يشذ عنها شيء لا في الأرض ولا في السماء ، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته التي أولها: (الحمد لله الذي جعل الحمد من غير حاجة إلى حامديه طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته ... " إلى أن قال " : ... استخلصه في القدم على سائر الأمم على علم منه ، انفرد عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس ، وانتجبه آمرا وناهيا عنه ، أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه إذ كان لا تدركه الأبصار ... " إلى أن قال " : ... وإن الله اختص لنفسه بعد نبيه من بريته خاصة ، علاَّهُم بتعليته وسما بهم إلى رتبته ، وجعلهم الدعاة بالحق إليه والأدلاء بالإرشاد عليه ، لقرن قرن وزمن زمن ،
إثبات نبوته صلى الله عليه وآله وسلم بطريق العقل :
: النبوة باختيار الله سبحانه وتعالى :
النبوة ليست بالإدعاء ولا باختيار الناس ولا بالرياضات النفسانية وغيرها ، بل باختيار من الله تبارك وتعالى : {... الله أعلم حيث يجعل رسالته .. ولكن لا بد للنبي والرسول من القابلية والاستعداد واللياقة الذاتية للسفارة الإلهية ، وأخذ الوحي وإيصال أحكام الله والصبر والتحمل لأعباء النبوة والرسالة ، والمقاومة العظيمة تجاه الأمم الوحشية الجاهلة { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } .
l ماذا دلنا عليه التاريخ ؟
لقد دلنا التاريخ وأخبرنا بوجود عباقرة ونوابغ ، قاموا وادعوا هذا المنصب العظيم وزعموا أنهم مرسلون من قبل الله ، كأمثال مسيلمة وسجاح وأتوا بسور وآيات (الفيل ما الفيل وما أدريك ما الفيل له خرطوم طويل ) . ولكن ما مرت عليهم وعلى داعيتهم أيام لا وفشلوا وافتضحوا وهلكوا { فَقُطِعَ دابرُ القومِ الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين }.
: الله يحق الحق :
نعم إن الله قد فرض على نفسه أن يحق الحق ويبطل الباطل ، وينصر رسله ويهلك الكاذبين ، لطفا منه على عباده وحفظا على ناموس توحيده { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد }
: الله أرسل الرسل :
هذا وقد بعث الله أنبياءه ورسله مبشرين ومنذرين ، فحفظهم بحفظه وأعطاهم من فضله وشجعهم بوحيه ونصرهم بملائكته ، حتى سجلوا توحيده ونشروا أحكامه ،وبلغوا عنه ما حملهم ، وأصبحوا على أعدائه ظاهرين . وعليك بمطالعة قصة إبراهيم عليه السلام ونمرود ، وموسى عليه السلام وفرعون وعيسى واليهود { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز }
: شريعة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم صالحة لجميع الأزمان :
وأما نبينا صلى الله عليه وآله فالأمر في حقه أشهر من الشمس وأبين من الأمس ، قد مضى على نبوته الظاهرة ورسالته البشرية أربعة عشر قرنا ( ألف وأربع مئة سنة ) هلالية ، ولم يزدد دينه إلا تقدما وشريعته إلا توسعا وأحكامه إلا تنورا ، وقد نفذت الإسلامية في أعماق الأقاليم السبع ورحب بها كل حر مستبصر من الأبيض والأسود ، واعترف فلاسفة الغرب بحقائقها وإنها ملائمة لجميع الأزمان والعصور ، حتى لعصرنا الذهبي عصر النور ، وأقروا بأن النبي الأمي المكي المدني سيد الأنبياء والمرسلين على رغم من قساوستهم المتعصبين وملوكهم الظالمين ، الذين قاموا من صدر الإسلام إلى عصور الحروب الصليبية حتى زماننا هذا ، ونهضوا وهموا وهجموا وجدوا واجتهدوا في إطفاء نور الإسلام ولكن { ... ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
تعليق