بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله محمد
ولادةالإمام الجواد(عليه السلام)
هو تاسع ائمة اهل البيت (عليهم السلام) .اللهم صل على محمد واله محمد
ولادةالإمام الجواد(عليه السلام)
عاش مع ابيه الرضا(عليه السلام) فترة قصيرة فقد تركه في المدينة وعندما ذهب الى خرسان . وجاء في الرويات ان الإمام الرضا(عليه السلام) حج تلك السنة قبل ان يتوجه الى خرسان وصحب معه الى مكة ولده ابا جعفر الجواد ، فقد جاء في اعيان الشيعة ان امية بن علي قال ))كنت مع ابي الحسن الرضا(عليه السلام) بمكة تلك السنة التي حج فيها عندما اراد السفر الى خرسان ، ومعه ولده ابو جعفر . فودع الرضاالبيت وعدل الى المقام فصلى عنده ، وكان ابو جعفر على عنق احد غلمانه يطوف به له من العمر ست سنوات ، فنزل عن عنقه وجلس في حجر ابراهيم واطال ، فقال له موفق قم جعلت فداك فامتنع عليه وقال (لاابرح من مكاني هذا إلا ان يشاء الله)) ، واستبان في وجهه الغم . فجاء موفق الخادم الى الإمام الرضا واخبره بما كان من امر ابي جعفر ، فقال اليه بنفسه وقال له (قم يابني)) فامتنع عليه ، وقال (لا ابرح مكاني هذا وكيف اقوم وقد ودعت البيت وداعاً لا رجوع بعده)) فقد ادرك الجواد رغم صغر سنه مافعله ابوه الرضا(عليه السلام)) .
وقد اشار الرضا الى امامته وهو ابن ثلاث سنين .
عن صفوان بن يحيى انه قال (قلت للرضا(عليه السلام) لقد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك ابا جعفر فكنت تقول يهب الله لي غلاماً ، وقد وهبه الله لك واقر عيوننا به فلا رآنا الله يومك فإن كان فإلى من ؟)) .
فأشارالرضا (عليه السلام) الى ولده ابي جعفر الجواد وهو قائم بين يديه فقالت له (ما يضره من ذلك وقد قام عيسى بالحجة وهو ابن اقل من ثلاث سنين)) . وتسلم الامر بعد وفاة ابيه الرضا في خراسان ، وهو ابن تسع او عشر سنوات وقيل اكثر .
ولقد اراد المأمون ان يكمل مخططه تجاه اهل البيت(عليه السلام) لذلك نراه عندما جاء بغداد وقد ارسل خلف الإمام الجواد ليزوجه من ابنته ام الفضل وكان ذلك سنه 204 .
وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على سياسة المأمون الماكرة في محاولة الاستفادة بالتقرب من أئمة اهل البيت حتى يخمد الصوت العلوي الهاشمي المعارض .
ولأن اكثر الانتفاضات كانت من الهاشميين ، وقد لاحظنا ان المأمون لم تعترضه انتفاضات هاشمية كما حصل مع سلفه وخلفه ، فقد سكت الصوت المعارض تقريباً بعدما شكل استقطاباً واسعاُ كمعارضة ضد العباسيين ، ويبدو ان هذا ما كان يهدف اليه المأمون من تولية الرضا ومن ثم تزويجه ابنته ام الفضل للجواد(عليه السلام) .
وها هم بنو العباس وقد جاؤوا المأمون وقالوا (الا تخاف ان يخرج عناً امراً قد ملكناه وتنزع عنا عزاً قد البسناه ... فقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم آل علي قديماً وحديثاً)) .
فيجيبهم المأمون بكلام يعرب فيه عن عدم ندمه من تولية الرضا ، وقد اراد تبريز الجواد على كافة اهل الفضل في العالم رغم صغر سنه.
فسألوه كيف يزوج ابنته صغيراً لم يتفقه ، واتفقوا على مناظرته ، وقد اختاروا يحيى بن اكثم وكان وقتها قاضياً للدولة .
وسأله يحيى (ما تقول في محرم قتل صيداً؟)) .
فقال الإمام الجواد(عليه السلام) كما يذكر ابن الجوزي في تذكرته (قتله في حل او حرم ، عالماً او جاهلاً ، عمداً او خطاً ، حراً كان او عبداً، صغيراً كان او كبيراً ، مبتدئاً بالقتل او معيداً ، من ذوات الطير كان الصيد ام من غيرها ، من صغار الصيد ام كباره ، مصراً على ما فعل او نادماً ، في الليل كان قتله للصيد في اوكارها ام نهاراً وعياناً محرماً كان للعمرة او للحج ؟)) .
فتحير يحيى وبان في وجهه العجز .
وبهذا بهت آل العباس ، وتم زواج الجواد من ام الفضل على مهر الزهراء(عليه السلام) .
وقد اراد المأمون اخراج يحيى فطلب من الإمام ان يسأل يحيى القاضي سؤالاً ، فسأله الإمام الجواد قائلاً (اخبرني عن رجل نظر الى امرأة في اول النهار ، فكان نظره اليها حراماً عليه ، فلما ارتفع النهار حلت له ، فلما زالت الشمس حرمت عليه ، فلما دخل الوقت العصر حلت له ، فلماغربت الشمس حرمت عليه ، فلما دخل وقت عشاء الآخرة حلت له ، فلما انتصف الليل حرمت عليه، وبطلوع الفجر حلت ، فما حال هذه المرأة ، وبما حلت له وحرمت عليه ؟)) .
فقال يحيى بن اكثم (والله لا اهتدي لجوابك ولا اعرف الوجه في ذلك ، فإن رأيت ان تفيدنا)) .
فقال الجواد(عليه السلام) (هذه امة لرجل من الناس نظر اليها اجنبي من اول النهار فكان نظره حراماً عليه ، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له ، فلما كان الظر اعتقها فحرمت عليه ، فلما كان العصر تزوجها فحلت له ، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها حرمت عليه(والظهار ان يقول الرجل لزوجته انت علي كظهر امي اي حرام) ، وهو لا يجوز ولو فعلها تحرم عليه زوجته حتى يكفر . فلما كان وقت العشاء الآخرة كفر عن الظهار فحلت له ، فلما كان نصف الليل طلقها فحرمت عليه ، فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له)) .
فقال المأمون (ويحكم ان اهل هذا البيت خصوا من بين الخلق بما ترون من الفضل ، وان صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال)) .
وعاد الجواد الى المدينة ومعه ام الفضل ، وقيل انه استأذن للحج ومنها ذهب الى المدينة ، وقد تفرغ لرعاية امور امته وشيعته والإجابة على مسائلهم كما ينقل مهزيار .
ويشار اليه بأبي جعفر الثاني تمييزاً عن الاول الباقر(عليه السلام) .
وقد حاول يحيى بن اكثم في اسئلته عن ابي بكر وعمر والاحاديث الواردة فيهما والادعاءات بذلك ، كمحاولة لزج الإمام او النقل عنه ما يزيد التفرقة بين المسلمين فنرى الإمام دقيقاً في بيانه حتى يفوت الفرصة عليهم .
وقال له رجل اوصني يا بن رسول الله ، قال(او تقبل؟)) .
قال(نعم)) ،
قال(عليه السلام) (توسد الصبر واعتنق الفقر ورفض الشهوات وخالف الهوى واعلم بأنك لم تخل من عين الله فانظر كيف تكون)) ،
وقال(عليه السلام) (من اصغى الى ناطق ينطق فقد عبده ، فإن كان الناطق عن الله وإن كان الناطق ينطق عن لسان ابليس فقد عبد ابليس)) .
وهكذا قضى حياته الشريفة حتى توفي المأمون فبدأ معه عصر الظلمات من حكام بني العباس وسيأتي ذلك في مناسبة الوفاة .
تعليق