سهل بن حنيف الانصاري الجزء الثالث

[قرة عين المرتضى]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد

على البصرة وامرت ام المؤمنين عائشة بقتله قال: والله لان هممتم بذلك لابعثن الى اخي سهل بالمدينة فلا يبقي منكم احدا فتوقفوا عن قتله واكتفوا بنتف شعر وجهه كاملا حتى رموش عينيه ومما ينبغي ذكره في حياة سعد انه تعرض في زمن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بعين من قبل بعض المسلمين فأوجب بذلك غضب من النبي (صلى الله عليه واله وسلم) على صاحب العين وسارع الى اغاثة سهل متأخرا في مسيره حتى شفي وقد نقل في القصة بعدة وجوه نذكر بعضها . ففي اسد الغابة يقول ابن الاثير :ان سهل ابن حنيف كان مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في غزاء فمر بنهر فأغتسل فيه وكان رجلا حسن الجسم فمر به رجل من الانصار فقال: ما رأيتك اليوم ولا جلد مخباة أي (كجلد المرأة المتسترة ) وتعجب من خلقته فلبط به فصرع فحمل الى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فقال: ما يمنع احدكم اذا رأى من اخيه ما يعجبه في نفسه او حاله ان يبرك أي (ان يقول تبارك الله او يبرك عليه) فان العين حق وروى الرواية الحاكم في المستدرك بسنده قال: اغتسل سهل بن حنيف فنزع جبة كانت عليه يوم حنين حين هزم الله العدو وعامر بن ربيعة ينظر فقال: وكان سهل رجلا ابيض حسن الخلق فساق الرواية التي ذكرنها ولم يبرح النبي (صلى الله عليه واله وسلم) حتى شفي سهل وقد تشرف سهل بان كان رسولا من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الى مكة وحدث عن نفسه فقال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (انت رسولي الى مكة فأقرئهم السلام وقل لهم ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يأمركم بثلاث لا تحلفوا بأبائكم واذا خلوتم فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولا تستنجوا بعظم ولا بعر ) . اما مع امير المؤمنين (عليه السلام) فأن سهل بن حنيف كان من الذين استعصموا مع الامام علي (عليه السلام) يوم السقيفة ولم يبايعوا حتى بايع الامام علي (عليه السلام) وبقي على منهاج نبيه مدركا بعمق حق الامام علي (عليه السلام) على الامة وكان له كلام في المسجد النبوي يظهر فيه حجة امير المؤمنين (عليه السلام) حتى قال فيه الفضل بن شاذان انه من السابقين الذين رجعوا الى امير المؤمنين ومن الباقين على منهاج نبيهم من غير تبديل ولا تغيير وقد عده البرقي مع اخيه عثمان بن حنيف من شرطة الخميس وروى ما يدل على انهما من اهل الجنة وقد ولاه امير المؤمنين حين بويع ولاية الشام فمنعه اصحاب معاوية من تسلم ولايته فولاه امير المؤمنين المدينة حين انصرف الى البصرة ولما اراد الامام (عليه السلام) التوجه الى صفين دعا اليه من كان معه من المهاجرين والانصار فأستشارهم فقال الانصار بعضهم لبعض: ليقم رجل منكم فليجب امير المؤمنين (عليه السلام) عن جماعتكم فقالوا: قم يا سهل بن حنيف . فقام سهل فحمد الله واثنى عليه ثم قال:يا امير المؤمنين نحن سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت ورأينا رأيك ونحن كف يمينك وقد راينا ان تقوم بهذا الامر في اهل الكوفة فتأمرهم بالشخوص وتخبرهم بما صنع الله لهم في ذلك الامر فأنهم هم اهل البلد وهم الناس فان استقاموا لك استقام لك الذي تريد وتطلب واما نحن فليس عليك منا خلاف متى دعوتنا اجبناك ومتى امرتنا اطعناك ويكشف هذا النص على تسليم مطلق لمقام الامامة وبصيرة نافذة في جهاد العدو واصطفاف كامل وراء الحق ولذا كان على ميسرة الامام علي (عليه السلام) يوم صفين وفي بعض الروايات انه كان على اهل المدينة كلهم بما فيهم من الصحابة والتابعين وقد رووا في صلاة الامام علي (عليه السلام) على جنازة سعد جملة من الروايات تدل على كرامة باهرة لهذا الرجل وخصيصة بارزة فقد حدث الامام الصادق (عليه السلام) انه أي الامام علي (عليه السلام) كفن سهل بن حنيف ببرد احمر حبرا . وعن الحسن بن زيد قال: كبر علي بن ابي طالب (عليه السلام) على سهل بن حنيف سبع تكبيرات وكان بدريا وقال: لو كبرت عليه سبعين لكان اهلا . وذكر الكشي في رجاله عن الحلبي عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: كبر علي على سهل بن حنيف وكان بدريا خمس تكبيرات ثم مشى به ساعة ثم وضعه وكبر عليه خمس تكبيرات اخرى فصنع به ذلك حتى بلغ خمس وعشرين تكبيرة ويتضح سبب تكرار التكبير من خبر ابي البصير عن جعفر الصادق (عليه السلام) قال: كبر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) على حمزة سبعين تكبيرة وكبر علي عندكم على سهل بن حنيف خمس وعشرين تكبيرة كلما ادركه الناس قالوا: يا امير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل فيضعه ويكبره حتى انتهى الى قبره خمس مرات. ويوضح ذلك اكثر خبر عقبة عن الصادق (عليه السلام) قال: اما بلغكم ان رجلا صلى عليه علي (عليه السلام) فكبر عليه خمسا حتى صلى خمس صلوات قال: انه بدري عقبي احدي من النقباء الاثني عشر وله خمس مناقب فصلى عليه لكل منقبة صلاة والمناقب هي انه شهد بدرا وشهد احدا وبايع البيعتين وهو من النقباء الاثني عشر او ان المقصود بالمناقب هو شيء اخر لم تكشف عنه الروايات وبالخلاصة فان سهل بن حنيف شكل نموذجا مميزا للصحابي الذي صدق ما عاهد الله عليه في الدنيا سواء في زمن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) او بعد زمان رسول الله (صلى الله عليه واله ) .

[المحسن]

اللهم صل على محمد وال محمد


من لاحظ كتب السير والتاريخ وجد المؤمنين يتمتعون بأسمى الصفات النبيلة، ويتزينون بالأخلاق العالية، فهم الشجعان، وهم الكرماء، وهم أهل العفو، وهم أهل الفضل، إلى غير ذلك من المزايا الحسنة.


ويحتل الصحابي الكبير سهل بن حنيف رضوان الله عليه الصدارة في كتب التاريخ والسير بمواقفه البطولية بين يدي الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله). ففي يوم أحد وبعد أن انهزم المسلمون كان أحد القلّة الثابتة في حومة الحرب، المدافعة عن الإسلام والرسول، فمن حديث لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) مع أمير المؤمنين (عليه السلام): لقد صدق معك القتال اليوم سهل بن حنيف .


ويقول الشيخ المفيد عليه الرحمة: وثبت أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأبو دجانة، وسهل بن حنيف للقوم، يدافعون عن النبي (صلّى الله عليه وآله)، وكثر عليهم المشركون، ففتح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عينيه ونظر إلى أمير المؤمنين ـ وكان أغمي عليه ممّا ناله ـ فقال: يا علي ما فعل الناس؟ فقال: نقضوا العهد، وولوا الدبر، فقال: اكفني هؤلاء الذين قصدوا قصدي، فحمل عليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) فكشفهم، وأبو دجانة وسهل بن حنيف قائمان على رأسه، بيد كل واحد منهم سيفاً ليذب عنه، وثاب إليه من الصحابة المنهزمين أربعة عشر رجلاً .
ويقول الواقدي: إن سهل بن حنيف جعل ينضح بالنبل عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): نبّلوا سهلاً فإنه سهل.


ويقول ابن الأثير: شهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وثبت يوم أحد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لما انهزم الناس، وكان بايعه يومئذ على الموت، وكان يرمي بالنبل عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .


كما ذكرت المصادر ان قبيلة السهلانين ، والموجودة في العراق تعود اليه.

موضوع قيم أحسنتم وبارك الله بكم