بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله محمد
الجرح / الشهادة
اللهم صل على محمد واله محمد
الجرح / الشهادة
وانتهى من الخوارج ، وتاب منهم من تاب وهرب من هرب .
فإذا بأشقى الاولين والآخرين يستل سيفه المسموم ويضرب به رأسه الشريف ، وهو قائم في المحراب يصلي في مسجد الكوفة .
واختلف الرواة في تناول الحدث ومن دبر له ، ومنهم من يرى ان جماعة من الخوارج تكاتفوا فيما بينهم واتفقوا على قتل ثلاثة ، علي ومعاوية وعمرو بن العاص ، واتفقوا على يومٍ واحد تنفذ قيه المؤامره .
فكان عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعلي ، والحجاج بن عبد الله لمعاوية الذي غاب تلك الليلة عن الصلاة ، وعمرو بن بكر التميمي لابن العاص الذي أصيب بقفاه .
وهناك من يقول ان المؤامرة دبرها الاشعث بن قيس الكندي ، واتفق مع ابن ملجم على تنفيذها ، ويستند هذا الرأي الى حديث ابي الفرج الاصفهاني نقله بين علي وابن الاشعث بعد ان اغلظ امير المؤمنين عليه .
فعرض الاشعث انه سيفتك به فقال له علي(علته السلام) (بالموت تخوفني وتهددني فوالله ما ابالي وقعت على الموت ام وقع الموت علي)) .
والذي كشف عن هذا ما فعله ابن ملجم بعدما استجار بالاشعث فقال له الاشعث (النجاة النجاة ، قد فضحك الصبح)) ، فسمع ذلك حجر بن عدي فقال (قتلته يا اعور)) .
ومن قول ان معاوية من دبر ذلك واوعز للاشعث وبعث له ابن ملجم .
ومهما كان المخطط ، فهذا العمل كان هدفاً ومطلناً لكل اهل البغي والنفاق ومن خرج على امام زمانه ، وانتشر خبر تعرض الإمام للضربة ، واصيب اهل الكوفة بذهول قائلين لابن ملجم (يا عدو الله ماذا صنعت لقد اهلكت امة محمد وقتلت خير الناس بعد رسول الله)) .
وجمعوا له الاطباء على رأسهم اثير بن عمرو بن هاني ، فلما نظر الى الجرح قال لأمير المؤمنين(عليه السلام) (إعهد عهدك يا أمير المؤمنين فإنضربة اللعين قد وصلت الى ام رأسك)) .
وراح يوصي اهله واصابه ، ومما جاء في وصيته لولده (الله الله في الفقراء والمساكين فاشركهم في معايشكم ، الله الله فيما ملكت ايمانكم فإن الرسول الله(صلي الله عليه واله وسلام) قال اوصيكم بالضعيفين مما ملكت ايمانكم ، وقولوا للناس حسناً ، ولا تتركوا الأمر بالمعروف ولاالنهي عن المنكر ، فيتولى ذلك غيركم ، وتدعون فلا يستجاب الكم . وعليكم بالتواضع والتباذل ، واياكم والتقاطع والتفرق ، وتعاونوا على البر والتقوى ولا وتعاونوا على الاثم والعدوان)) .
وكان من جملة ما اوصى به من غسل وكفن وتحديد مكان الدفن في نجف الكوفة وان يكون الدفن ليلاً وتخفى معالم القبر ، وقد بقي قبره مخفياً حتى زمن دولة بني العباس .
وقد اوصى ولديه الحسن والحسين(عليهما السلام) (اوصيكما بتقوى الله وان لا تبغيا الدنيا وإن بغتكما ، ولا تأسفا على شيء منها زوي عنكما قولا الحق واعملا اللأجر ، وكونا للضالم خصماً وللمظلوم عوناً ، اوصيكم بتقوى الله ونظم امركم وصلاح ذات بينكم ، فإني سمعت رسول الله جدكما يقول ((صلاح ذات البين افضل من عامة الصلاة والصيام)) الله الله في الايتام وفي الجيران وفي الصلاة والحج والجهاد..)) .
الى ان يقول ويقصد ابن ملجم (اذا مت من ضربتي هذه فاضربوه ضربة بضربة ولا يمثل بالرجل)) .
واستشهد(عليه السلام) بعد ليلتين من الألم ومكابدةالجرح ،وكان ذلك ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة اربعين للهجرة ، وله من العمر ثلاث وستون سنة ، وهكذا فاز ورب الكعبة وليد الكعبة وشهيد المحراب ، وحامل اللواء ، ومن افتتن الناس به فهلك من غالى وهلك من عادى وفاز من والى .
كنا قد اشرنا الى انه اوصى بدفنه في نجف الكوفة في مكان حدده لولديه الحسن والحسين ، وقد بقي القبر مخفياً ولعله خشية ان تقدم بنو امية على هتكه بعد ان امروا بسبه ولعنه على المنابر .
وتقول الروايات ان اول من كشف عن القبر هو الإمام جعفر الصادق لما قدم العراق وزاره .
وهذا لا ينافي المروي ان هارون اراد في رحلة صيدلهان يصاد غزالاً كلما شد عليه لاذ ولجاً الى مكان القبر وامتنعت الخيل من الجبل من الاقتراب منه اولاً وثانياً وثالثاً حتى عدل عنه فشغل باله ما كان من امر الغزال والمكان .
وامر ان يبني هناك قبة دون ان يعلم صاحب القبر.
وقد بلغ علي بن ابي طالب حداً جعل كل اهل فن يفتخرون به ، فافتخر به اهل الحرب ، والقتل ، فكان إمامهم وقدوتهم ، وقد رسمت بعض الامم صوراً له على سيوفهم .
وافتخر به اهل الادب والفصاحة فكان افضل من نطق بالضاد وسيد البيان ، وكذلك فعل اهل الطب والفلك وغيرهم
وكان اول من وضع اسس العمل السياسي وادارة شوؤن الامة ، وما عهده للاشتر حين ولاه مصر إلا قبس من ذلك النور ، وذهب في الزهد مذهباً كقوله ليس الزهد ان لا تملك شيئاً بل بأن لا يملكك شيء .
فكان اول الزاهدين والعابدين والمتقين ، حتى بالغ بذلك الكمال البشري والتفاني في خدمة الناس ، منذ كان فتى وحتى آخر ايامه .
وقد مر الحديث في ولادته كيف حكم وعدل في الرعية ، وكان بعيش الشوق للقاء الاحبة رسول الله وفاطمة ومن سبقه وكان ينظر الى السماء ويقول بفرح (والله انها الليلة التي وعدني بها رسول الله(صلي الله عليه واله وسلام) حتى اذا ضربه اللعين قال فزت ورب الكعبة)) .
تعليق