بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على محمد وآل محمد
قال تعالى : ( الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ *)وصلّى الله على محمد وآل محمد
ـ لماذا الإشارة إلى البعيد في قوله تعالى " ذلك الكتاب لا ريب فيه ؟ مع أن القرآن الكريم في أيدي الناس .
" ذلك " لفظة يشار بها إلى ما بَعُدَ و " هذا " إلى ما قَرُبَ و الاسم من " ذلك " " ذا " و الكاف زيدت للخطاب و لا حَظَّ لها من الإعراب و اللام تزاد للتأكيد و كسرت لالتقاء الساكنين و تسقط معها هاء تقول ذاك و ذلك و هذاك و لا تقول هذالك[1] .
نعلم أن كلمة (ذلك) إشارة إلى البعيد في لغة العرب. وقرب القرآن من أيدي النّاس يقتضي أن تكون الإشارة للقريب . والسبب في استعمال اسم الإشارة للبعيد يعود إلى بيان سموّ القرآن ورفعته ، حتى كأنه ـ في عظمته ـ يحتل نقطة الذروة في هذا الوجود. ومثل هذا الاستعمال شائع في سائر اللغات أيضاً حين يراد الإشارة إلى شخص ذي منزلة كبيرة مثلاً في بعض مواضع القرآن وردت أيضاً كلمة " تلك " ، وهي اسم إشارة للبعيد أيضاً ، مثل : (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ)[2] ، والسبب فيه ما ذكرنا[3] .
والحمد لله ربِّ العالمين ...
[1] . مجمع البيان ، أمين الاسلام أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي ، ج 1 ، ص 79 .
[2] . سورة لقمان : آية 2 .
[3] . الأمثل في تفسير كتابِ اللهِ المُنزَل ، الشَيخ نَاصِر مَكارم الشِيرازي ، ج 1 ، ص 58 .