إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من قصص القرآن قصة قابيل وهابيل- صراع الخير والشرّ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من قصص القرآن قصة قابيل وهابيل- صراع الخير والشرّ

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد


    قال تعالى: ï´؟وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّï´¾ (المائدة/27) هي دعوة لسرد القصّة كما هي بلا تحريف ولا زيادة ولا نقصان، أي الطلب من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتحدّث عن الحدث كما حدث، وهذه لفتة قرآنية في ضرورة تحرّي الدقّة في النقل لأيّة واقعة أو حدث أو قصة أو خبر، لأنّك لا تستطيع أن تعطي حكماً دقيقاً على ما تسمع إلّا بعد أن تكون الوقائع بالنسبة إليك دقيقة.
    القصّة ذات بعدين: الاول عبادي يتحدّث عن تقريب القربان ، والثاني حواري يتصاعد فيه الحدث إلى نقطة الذروة ووصول الصراع إلى نقطة القتل .

    البعد الأوّل : ويلخّصه لنا قوله تعالى: ï´؟إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَï´¾ (المائدة/27) وكما تذكر بعض التفاسير، فإنّ (هابيل) كان قد تقرّب بكبش سمين، فيما تقرّب (قابيل) بحزمة من سنابل القمح، أي أنّ (هابيل) قدّم أفضل ما عنده، وقدّم أخوه أدنى ما عنده، ويبدو أنّ قربان كلّ منهما يدلّ على نفسيّة وشخصيّة كل منهما، وربّما كان بإمكان (قابيل) تقديم كبش سمين كما فعل أخوه، لكنّه بخل وقبض يده ناسياً أنّه يتعامل مع الله الذي يجب أن لا يبخل معه بشيء ، لأنّه واهب ورازق كلّ شيء، وهو- أي الله تعالى- لا يناله لا من الكبش ولا من القمح شيء. ففي أضحيات الحج يريد الله للحاج أن يصل قربانه إلى الجياع والفقراء: ï´؟لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْï´¾ (الحج/37) وهذا هو الشرط الأوّل في القربان ï´؟إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَï´¾ (المائدة/27).
    ولا يخفى عليك، أن علاقة التقوى- وهي طلب رضا الله- بالقربان ، علاقة تقدير لمقام الله تعالى من جهة العبد نفسه ، وأنت تعرف من خلال تجاربك ، أنّ مَنْ يحبّ أكثر يقدّم أكثر، إن كان بإمكانه ذلك ، ولذا فالبخل مع الله هو بخلٌ في عطاء الله ï´؟وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِï´¾ (الحديد/7) وهو علامةُ الاستهانة بمقام الله عزّ وجلّ .
    البعد الثاني : ويلخّصه قوله تعالى: ï´؟لَأَقْتُلَنَّكَï´¾ (أي قول قابيل)، ï´؟إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَï´¾ (المائدة/27)، (وهو قول هابيل) الذي أضاف: ï´؟لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَï´¾ (المائدة/28) هذا البعد الحواري المقتضب يلخّص لنا هويّة الأخوين وطبيعة كلّ منهما الفكرية والنفسية .
    (قابيل): حسود ، حقود ، انفعالي ، يحكّم غريزته ، ويحاول أن ينفّس عن حسده وحقده بقتل أخيه ، وهو إلى ذلك جاهلٌ لا يعرف أنّ القبول وعدم القبول بيد الله لا بيد أخيه ، فلا ذنب ل- (هابيل) بقبول الله لقربانه وعدم قبوله لقربان أخيه. وقد يكون عالماً بذلك لكنّ حسده أعماه فلم يعد يبصر نور الحقيقة وهو ساطع .

    أمّا (هابيل) فيظهر لنا: عارفاً بالله ، ومتيقناً أنّ القبول مشروط بالتقوى ، أي أن يكون العمل خالصاً لله وابتغاء مرضاته ، وهو لا يتعامل بطريقة ردّ الفعل الاستفزازية ، وإنّما يحكّم عقله ودينه في النظر إلى الأمور. فهو لمعرفته أنّ القتل عند الله شنيع لم ينسق إلى مقاتلة أخيه.
    الدروس المستفادة من القصة:
    هذه القصة مرشحة أن تكون بين أي أخوين أو صديقين أو إنسانين آخرين ، وما يمكن الاستفادة منها ، هو:
    أولا- الإيمان ليس مجرد فكرة في الداخل ، وإنّما هو عمل في الخارج .
    ثانيا-(الإيمان) و (الحسد) لا يجتمعان لأ نّهما نقيضان ، فالمؤمن يتمنّى الخير للناس والحسود يريد زواله عنهم ، ولذا جاء في الحديث: «الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب». فأن تكون مؤمناً يعني أن تحب للناس ما يحبّه الله لهم.
    ثالثا- كظم الغيظ ، وعدم الانجرار مع الانفعال بالموقف الاستفزازي، وعدم التعامل بالمثل مع القدرة عليه، ليس ضعفاً ولا انهزاماً، بل يرمز إلى قوة الإرادة والتحكّم بالانفعالات الغريزية، ودليل على قوة ورصانة الشخصية، ووسيلة من وسائل الارتفاع والتسامي على موقف الانسياق أو تلبية نداء الانفعالات الحادّة.
    رابعا- الحوار العقلاني يعني تجنّب استخدام لغة العنف واللجوء إلى القوّة طالما أنّ القضية ليست قوة في مواجهة قوة أخرى، أو منازلة في حلبة صراع، وإنّما هي نقاش بالعقل والحكمة الحسنة وصولاً إلى الحقيقة، فالعنف في مثل هذه الحالات هو منطق الضعفاء الانهزاميين الذين لا يريدون الاقتناع رغم أنّ الحجّة واضحة، كما هو منطق (قابيل).
    خامسا- موقفنا من شخصيتي القصة هو الانحياز إلى جانب الضحيّة (هابيل) لأنّنا نؤمن ببراءته، وسلامة نيّته، ونبل موقفه، وابتعاده عن إثارة غضب الله في قتل النفس المحترمة التي لا يجوز قتلها إلاّ بالحقّ.
    ونعتبر موقف (قابيل) هو موقف كلّ الطغاة الذين لا يفهمون سوى منطق القوة والعنف والقتل والتصفية، وهو منطق مرفوض لأ نّه يعبّر عن حالة حيوانية افتراسية، ليس لها استعداد للتفاهم والحوار.
    فموقف (هابيل) هو موقف الخير واللّا عنف ، وإرادة السلام، وموقف (قابيل) موقف الإرهاب والفساد والترويع.
    والحمد لله رب العالمين
    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    المصادر

    قصص القران والحياة - الشيخ مرتضى مطهري
    قصص الأنبياء- للعلامة المجلسي

    التعديل الأخير تم بواسطة ننتظر يا منتظر ; الساعة 27-08-2014, 08:41 PM. سبب آخر:

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد
    الشكر الجزيل على هذا الموضوع وفقكم الله لكل خير
    .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .........

    تعليق


    • #3

      بسم الله الرحمن الرحيم
      وبه نستعين
      اللهم صل على محمد وآل محمد
      وعجل فرجهم
      أحسنتم أخي طالب الولاية على ما تفضلتم به من نقل هذه القصة
      وما فيها من العبر..
      أخي المحترم إن في قصة هابيل وقابيل

      عبر كثيرة لكن النص القرآني أبرز لنا منها ما هو خطير
      وهو (
      الحسد)
      فالحسد خطير جداً وما ينطوي عليه من مفارقات
      ستجر الشخص الى الاقدام على عملية قتل للنفس الانسانية
      وهو أبشع سلوك أقدم عليه وهذا ينجم من بناء نفسي معقّد تختلط فيها الأنانية
      ومزقت أواصر الاخوّة بين الأخوين بحيث إن الحسد أجج ناراً في صدر قابيل
      فصارحجباً على عينه وحجب
      كلّ القيم الأخلاقية والانسانية
      وأيضاً ظاهرة(الحسد) تفقد الشخصية كل معالم الاستقرار النفسي وتدعها نهباً
      للتوتر والتمزق والصراع
      لأن همّها منحصر في النظر الى ما يتمتع به الآخرون من النعم والمعطيات
      كيف التخلص من الحسد؟
      يأتي الجواب(التقوى)

      فلذلك نجد النص القرآني قد
      أبرز لنا عملية (التقوى)
      لأن بها يتخلص الإنسان من الحسد الذي له نار

      تحرق الأخضر واليابس وهي التي تقي الشخصية الإنسانية وتنقي أعماقها
      من أية شائبة،
      وهنا يطرح سؤال: كيف تسرب الحسد إلى قلب قابيل ولم يتسرب إلى

      قلب هابيل؟
      قلنا أولاً التقوى وكذلك الخوف من الله فهو الذي منع هابيل ابن آدم من البدء بالإعتداء
      وقتل أخيه قابيل بينما تجرأ قابيل فارتكب أول جريمة قتل في تأريخ البشر
      لأن قلبه كان خالياً من خشية الله فالخوف من الله عز وجل هو الذي يعصم المؤمن
      من المعصية والإنحراف..
      الخوف عامل يحفز الإنسان لإندفاع والإقبال على العمل الصالح الذي يرضي الله
      ويسعد المؤمن في يوم القيامة ويجنبه العذاب والشقاء الأبدي

      وليس مرادنا بالخوف هو ذلك المنزلق لأكثرية البشر ودافعهم إلى المذلة
      والخنوع والاستسلام،
      لا بل المراد من الخوف ذلك الذي سيكون حاجزاً ويساعدنا على تحمل المسؤولية
      الإنسانية واحتضان القيم الإلهية والعمل على نشرها وتطبيقها والإستهانة بكل قوة
      أو خطر يقف في طريق تحقها
      اذاً الحسد أخطر شيء لأنه يجر الإنسان إلى الوقوع في المهالك
      ولا يفيده الندم لأنه لم يفد قابيل
      أعاذنا وإياكم من الحسد وما يتبعه من مساوئ.
      أحسنتم أخي الكريم وتقبلوا مروي وإضافتي..






      التعديل الأخير تم بواسطة علي الخفاجي ; الساعة 07-08-2014, 06:59 PM. سبب آخر:

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        اللهم صل على محمد وآل محمد
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        احسنتم النشر اخي الكريم طالب الولاية موضوعكم جميل وشيق
        وذو فائدة نسأل الله ان لايجعلنا من الحاسدين
        ويجعل عملنا قربة له
        نرجوا منكم المزيد اخي الكريم
        ومنه التوفيق


        تعليق


        • #5
          أحسنت أخي(طالب الولاية)..
          على ماقدمتَ من موضوع قيم عن قصة هابيل وقابيل
          فمذ بزغ فجر الإنسانية على وجه الأرض ظهرت بوادر الشر إلى جانب بوادر الخير
          وكأن وجود الشر والخير في ديمومة الحياة ونموها أمر لابد منه،
          كما أن وجود الملائكة والأنبياء إلى جانب وجود الشياطين والمجرمين؛
          يدفع الإنسان إلى تحريك مواهبه في اختيار طريقه: الكفر أو الإيمان..

          تعليق

          يعمل...
          X