إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الامثال في القرآن:"كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيّبَة أَصْلُها..."

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الامثال في القرآن:"كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيّبَة أَصْلُها..."

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلم

    الامثال في القرآن:"كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيّبَة أَصْلُها..."

    (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيّبَة أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ * تُوَْتي أُكُلَهَا كُلَّ حينٍ بِإِذْنِ رِبّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الاََمْثالَ لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون ). (1)
    تفسير الآيات
    انّه تبارك و تعالى مثل للحق و الباطل، أو الكفر والاِيمان بتمثيلات مختلفة، وقد جاء التمثيل في هذه الآية بأنّ مثل الاِيمان كشجرة لها الصفات التالية:
    أ: انّها طيبة: أي طاهرة ونظيفة في مقابل الخبيثة، فانّ الشجر على قسمين: منها ما هو طيب الثمار كالتين والنخل والزيتون وغيرها، ومنها ما هو خبيث الثمار كالحنظل.
    ب: أصلها ثابت، أي لها جذور راسخة في أعماق الاَرض لا تزعزعها العواصف الهوجاء ولا الاَمواج العاتية.
    ج: فرعها في السماء، أي لها أغصان مرتفعة، فهي بجذورها الراسخة تحتفظ بأصلها وبفروعها في السماء و تنتفع من نور الشمس والهواء والماء.
    وهذه الفروع والاَغصان من الكثرة بحيث لا يزاحم أحدها الآخر، كما أنّها لا تتلوث بما على سطح الاَرض.
    د: (تؤتِى أُكلها كل حين ) أي في كلّ فصل وزمان، لا بمعنى كلّ يوم وكل شهرحتى يقال بأنّه ليس على وجه البسيطة شجرة مثمرة من هذا النوع.
    وبعبارة أُخرى: انّ مثل هذه الشجرة لا تبخس في عطائها، بل هي دائمة الاَثمار في كل وقت وقّته الله لاثمارها.
    هذا حال المشبه به، وأمّا حال المشبه، فقد اختلفت كلمتهم إلى أقوال لا يدعمها الدليل، والظاهر انّ المراد من المشبه هو الاعتقاد الحقّ الثابت، أعني التوحيد والعدل وما يلازمهما من القول بالمعاد.
    فهذه عقيدة ثابتة طيبة لا يشوبها شيء من الشرك والضلال ولها ثمارها في الحياتين.
    والذي يدل على ذلك هو انّه سبحانه ذكر في الآية التالية، قوله : (يُثَبّتُ اللهُ الّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الآخِرَةِ )(2)، وهذا القول الثابت عبارة عن العقيدة الصالحة التي تمثلها كلمة التوحيد والشهادة بالمعاد وغيرهما، قال السيد الطباطبائي:
    القول بالوحدانية والاستقامة عليه، هو حقّ القول الذي له أصل ثابت محفوظ عن كلّ تغير وزوال وبطلان، وهو الله عزّ اسمه أو أرض الحقائق، و له فروع نشأت ونمت من غير عائق يعوقه عن ذلك من عقائد حقة فرعية وأخلاق زاكية وأعمال صالحة يحيا بها الموَمن حياته الطيبة ويعمر بها العالم الاِنساني حق عمارته، وهي التي تلائم سير النظام الكوني الذي أدى إلى ظهور الاِنسان بوجوده المنظور على الاعتقاد الحق والعمل الصالح. (3)
    ثمّ إنّه سبحانه ختم الآية بقوله: (وَيَضْرِبُ اللهُ الاََمْثال للنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون )، أي ليرجعوا إلى فطرتهم فيتحقّقوا من أنّ السعادة رهن الاعتقاد الصحيح المثمر في الحياتين.
    وبذلك يعلم انّ ما ذكره بعض المفسرين بأنّ المراد كلمة التوحيد لا يخالف ما ذكرنا، لاَنّ المراد هو التمثل بكلمة التوحيد لا التلفظ بها وحده حتى أنّ قوله سبحانه: (إِنَّ الّذينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوفٌ عََلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون) (4) يراد منه التحقّق بقوله (ربّنا الله) لا التلفظ بها، وقد أشار سبحانه إلى العقيدة الصحيحة، بقوله: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ)(5)
    فالكلم الطيّب هو العقيدة، والعمل الصالح يرفع تلك العقيدة.
    وبذلك يعلم أنّ كلّ عقيدة صحيحة لها جذور في القلوب، ولها فروع وأغصان في حياة الاِنسان ولهذه الفروع ثمار، فالاعتقاد بالواجب العادل الحكيم المعيد للاِنسان بعد الموت يورث التثبت في الحياة والاجتناب عن الظلم والعبث والفساد إلى غير ذلك من العقائد الصالحة التي لها فروع.
    إلى هنا تمّ المثل الاَوّل للموَمن والكافر أو للاِيمان والكفر.
    وربما يقال: الرجال العظام من المؤمنين هم كلمة الله الطيبة، وحياتهم أصل البركة، ودعوتهم توجب الحركة، آثارهم وكلماتهم وأقوالهم وكتبهم وتلاميذهم وتاريخهم... وحتى قبورهم جميعها ملهمة وحيّة ومربّية.
    ولكن سياق الآيات لا يؤيده، لاَنّه سبحانه يفسر الكلمة الطيبة بما عرفت، أعني قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة).
    والمراد من القول الثابت هو الكلمة الطيبة ، وقلب المؤمن هو الاَرض الطيبة التي ترسخ فيها جذور تلك الشجرة.


    (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ منْ فَوْقِ الاََرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَار). (6)
    تفسير الآية
    مثّل سبحانه تبارك وتعالى للعقيدة الصالحة بالمثل السابق ومقتضى الحال أن يمثل للعقيدة الباطلة بضد المثل السابق، فهي على طرف النقيض مما ذكر في الآية السابقة، وإليك البيان:
    فالكفر كشجرة لها هذه الاَوصاف:
    أ: انّها خبيثة مقابلة الطيبة، أي لا يطيب ثمارها كشجرة الحنظل.
    ب: (اجتثت من فوق الاَرض) في مقابل قوله (أصلها ثابت) وحقيقة الاجتثاث هي اقتلاع الشيء من أصله، أي اقتطعت واستؤصلت واقتلعت جذورها من الأرض.
    ج: (ما لها من قرار) أي ليس لتلك الشجرة من ثبات، فالريح تنسفها وتذهب بها، وبالتالي ليس لها فروع وأغصان أو ثمار. هذا هو المشبه به، وأمّا المشبه فهو عبارة عن العقيدة الضالة الكافرة التي لا تعتمد على برهان ولا دليل، يزعزعها أدنى شبهة وشك.
    فينطبق صدر الآية التالية على التمثيل الأوّل، وذيله على التمثيل التالي، أعني: قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) هذا هو المنطبق على التمثيل الأوّل
    وأمّا المنطبق على التمثيل الثاني فهو قوله: (وَيُضِلُّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) أي يضل أهل الكتاب بحرمانهم من الهداية، وذلك لأجل قصورهم في الاستفادة عن الهداية العامة التي هي متوفرة لكل إنسان، أعني: الفطرة ودعوة الأنبياء.
    وقوله: (يفعل الله ما يشاء) بمعنى انّه تعلّقت مشيئته بتثبيت المؤمنين وتأييدهم وإضلال الظالمين وخذلانهم، ولم تكن مشيئته عبثاً وإنّما نابعة من حكمة بالغة.

    الهامش
    1 ـ إبراهيم:24ـ 25.
    2 ـ إبراهيم:27.
    3 ـ الميزان:12|52.
    4 ـ الاَحقاف:13.
    5 ـ فاطر:10.
    6 ـ إبراهيم:26.

    المصدر
    الاَمثال في القرآن الكريم
    تأليف العلاّمة المحقّق جعفر السبحاني
    التعديل الأخير تم بواسطة علي الخفاجي ; الساعة 03-08-2014, 06:13 PM. سبب آخر:
يعمل...
X