بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على صاحب الوسيلة و الشفاعة الدرجة الرفيعة ابي القاسم محمد ،وعلى اله الطيبين وأصحابه المنتجبين ، ورحمة الله وبركاته .مراتب الناس في ذكر الموت :
ألناس صنفان ،الصنف الاول : من كان منهمك في ألدنيا وخائضا في شهواتها ولذاتها ، والصنف الثاني : ما كان تائبا مبتدىء ،وعارفاً منته . ( فلاول ) :
لايذكر الموت ، واذا ذكره فيذكره لذمه ولصده عما يحبه من تبرج الدنيا ،وهذا هو الذي يريد الفرار من حكم الله ، وقال تعالى في كتابه المجيد : ( قل إن ألموت ألذي تفرون منه فإنه ملاقيكم . ) س /الجمعة ،الاية ،8 ، وكل هذا يزيده كر الموت ابتعاداً من الله ،إلا إذا استفيد منه تجافيه عن ألدنيا ، وينتغص عليه نعيمه ‘وينكدر عليه صفاء لذته ،وحينئذ تنفعه ،لان كل ما يتكدر على الانسان من اللذات فهو من أسباب نجاته .
( والثاني ) :
يكثر من ذكرالله حتى ينبعث من قلبه الخوف والخشية ، فيفي بتمام توبته ،وربما يكره خوفا من أن يختطف قبل الاستعداد وتهيئة الزاد بتمام التوبة ،فيكون معذور في كراهة الموت ،ولم يدخل تحت قوله صلى الله عليه وأله وسلم { من أكره لقاء الله أكرهه الله لقائه } ،لانه ليس يكره الموت ولقاء الله ،بل إنما الخوف من فوات لقاء الله لقصوره وتقصيره ، وهذا الذي يتاخر عن لقاء الحبيب واشتغاله بالاستعداد للقاء على وجه يرضاه ،فلا يعتبر كارهاً للقائه .ومن علامة ذالك : أن يكون مشروعاً دائما للاستعداد للموت ولا شغل له سواه ،واذ لم يكن مستعدا له فهو عامل بما ينفعه في الاخره تحقيقا بالاول .
( وأما الثالث ) :
فهو في ذكر الموت دائماً ، لأنه موعد الى لقاء الحبيب ، والذي يحب لاينسى موعد لقاء الحبيب ،وهذا في الغالب امر يستبطىء مجيىءالموت ومحباً لمجيئه ، لخلاصه من دار المعاصي والعاصين والانتقال بجوار رب العالمين ، كما يروى : (أن حذيفه اليماني لما حضره الموت قال : حبيب اتى على فاقة لا افلح من ردة ،الاهي إن كنت تعلم ان الفقر احب لي من الغنى ،والمرض احب الي من الصحة ،والموت لي احب من الحيات فسهل موتي حتى القاك ) .واعلى منهم رتبة :من فوض امره الى امر المولى عزوجل ،وليس مختارا لنفسه شيىء من الموت اوالحياة ،وكذا الفقر والغنى ،والمرض والصحة ،بل يكون محب لشىء لنفسه احبها الى مولاه ،وهذا انتهى بتفريط الحب والولاء الى درجة التسليم والرضا .اللهم لاتجعلنا من عبيد الدنيا ووفقنا لمراضيك وجنبنا معاصيك انك سميع مجيب . والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد واله الطاهرين .
تعليق