بسم الله الرحمن الرحيــــم
اللهم صل على محمد وال محمد
بقلم الكاتب : المحــــــــسن..اللهم صل على محمد وال محمد
لقد منح الله تعالى الأنسان العقل ، فتميّز الإنسان على سائر المخلوقات بالتفكير ، وإن التفكير من مميزات الإنسان عن غيره من الكائنات ، وزوده بالعلم ، فصار العلم أداة للعقل البشري كي يذلل به كل صعوبات الحياة ، وبمرور الزمن تطورت إنجازات الإنسان فصار رائدا في التطور التكلنوجي ، فصنع السفن المدنية والسفن الحربية ، والطائرات المدنية والطائرات الحربية المقاتلة ، والكثير من مختلف أنواع واصناف المركبات ، جوا وبرا وبحرا.
ومن الأشياء المتطورة التي صنعها الإنسان هي "السفينة" ، ولو تأملنا قليلا في فوائدها لوجدنا -ايها القارىء الكريم- أنها تنقل الإنسان من مكان من معين من الساحل ، وتوصله الى المكان الذي يريده بكل سلامة وأمان ، ولعلّك تقول : أمان من ماذا ؟ ، فالإجابة تقول : أمان من الغرق ، حيث موجات البحار المتلاطمة والتي تأخذ معها كل شيء واجهها ،وأمان من الحيتان المفترسة في البحار ، حيث التماسيح التي تزدرد فريستها ، وغيرها من الحيوانات.
ومن هذه الزاوية لو تمعنتَ في أبرز فوائد "العلم" لوجدته يوصل الإنسان الى مبتغاه بكل سلامة وامان أيظا ، وايظا لعلّك تقول أمانٌ من ماذا ؟! ، والإجابة تقول : العلم يحرس الإنسان دائما طوال حياته ، فكما أن في البحار موجات متلاطمة ففي حياة الإنسان موجات من الفتن المتلاطمة ، وفي مختلف الأصعدة ، سواء أكانت دينية أم سياسية أم إجتماعية...
فبالعلم تعرف الصحيح من الخطأ ، والحق من الباطل ، وبهذا تنجو من السير في الطريق الذي يؤدي بك الى الهلاك، فقد روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : (( المال يحرسك وأنت تحرس المال)) ، فمثلا علمك أن مادة الغاز المستعملة للنار في المطبخ سريعة الإشتعال ، يجعلك تدرك جيدا خطورة هذا الغاز ، ولذا أنت ترقبه دائما وتتأكد من عدم تسربه الى غرفة المطبخ بطريقة غير صحيحة ، فإذن هذه المعلومة أنتجت لك الأمان والسلامة ، ولعلّك تقول : هذه في أمور الحياة اليومية فكيف بأمور الدين والعقيدة؟! ، ومن هنا فإن العلم بأمور الدين والعقيدة هي التي توصل الإنسان الى حيث الأمان الحقيقي والسلامة الحقيقية في الدنيا والآخرة ، فمن أخذ علم عقيدته وعلم دينه من البحر النقي فهو في أمن وأمان ، وعزة وسلام ، والبحر النقي هو الإمام المعصوم من أهل البيت عليهم السلام ، ومن تصور أن أخذه لعلم عقائده ودينه من غير البحر النقي ، فيكون قد أخذه من البحر الملوّث وكلما أراد أن يشرب ليتخلص من شدة الظماء إزدادت نسبة الخطورة عليه حتى يهلك .
فإذن يمكن تقسيم العلموم الى قسمين رئيسيين :
أ- علوم الدين : كالعقائد والفقه وغيرها ، تأخذ من اهل البيت عليهم السلام لاغير.
ب- بقية العلوم : كعلم الفيزياء والكيمياء والطب وغيرها ، فماورد منها عن اهل البيت عليهم السلام فهو ،وأما ماتوصل اليه
الإنسان بالبحوث والدراسات والتقنيات وثبتت صحته فصار يقينا فهو من العلم ، وهذا ما نتج عن التطور الهائل في العلوم والتكلنوجيا في العالم ، وصار هناك الكثير من العلماء.
ولذا فالإسلام إهتم بالعلم والتعلم ، والبحث والإكتشاف ، ودعى الناس الى التسابق لأجل العلم.
وأكتفي - ايها القارىء الكريم- بما ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :
فمن كلامه عليه السلام ، لكميل بن زياد النخعي على التمام :
حدثني هارون بن موسى ، قال حدثني أبو علي محمد بن همام الاسكافي ، قال : حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني ، قال : حدثني محمد بن علي ابن خلف ، قال : حدثني عيسى بن الحسين بن عيسى بن زيد العلوي عن إسحاق ابن إبراهيم الكوفي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح عن كميل بن زياد النخعي ، قال : أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فأخرجني إلى الجبان ، فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال :
يا كميل بن زياد ، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها ، فاحفظ عني ما أقول لك ، الناس ثلاثة ، فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق .
يا كميل بن زياد ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الانفاق .
يا كميل بن زياد ، معرفة العلم دين يدان به ، يكسب الانسان الطاعة في حياته ، وجميل الاحدوثة بعد وفاته ، والعلم حاكم ، والمال محكوم عليه .
يا كميل بن زياد ، هلك خزان الاموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، اعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة ، ها إن هاهنا لعلما جما ( وأشار إلى صدره ) لو أصبت له حملة . بلى أصيب لقنا غير مأمون عليه مستعملا آلة الدين للدنيا ومستظهرا بنعم الله على عباده ، وبحججه على أوليائه ، أو منقادا لحملة الحق ، لا بصيرة له في إغيائه ،
ينقدح الشك في قلبه لاول عارض من شبهة ألا لاذا ولا ذاك ، أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوة ، أو مغرما بالجمع و الادخار ، ليسا من رعاة الدين في شيء أقرب شبها بهما الانعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه . (1)
*************************
(1) زاد المعاد : خصائص أمير المؤمنين عليه السلام.
تعليق