الحر في قافلة الفوز العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الأبدي الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.
كثيرا مانردد العبارة وكثيرا ما نسمعها : ( ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما ) فأي فوز هذا الذي نتماه وأي عمل يمهد لذلك وهل هو منوط بعمر أم لا وهل يمكن تغيير المسار نحو الاتجاه الصحيح بعد أن يكاد يهوي بصاحبه في واد سحيق ؟؟!!.
كل هذه تساؤلات تجيب عليها مدرسة كربلاء وتقيم على إجاباتها والبرهنة عليها الدلائل الصادقة بمصاديق تتجلى شامخة على عرصاتها
نعم هذا الفوز هو الذي أدركه الحسين وأصحاب الحسين على اختلاف المراتب والمقامات ابتداء من الصغير الرضيع إلى الكهل الهرم ممن قدموا عملا صالحا وممن جمعوا وممن أدركه الرحمة وكان أنموذجا حيا لحسن العاقبة يقف شاهدا على مر الليالي والأيام على أن لا أيأس من رحمة الله وأن الإنسان في الساعات الأخيرة من حياته يستطيع أن يتوجه إلى الله وأن يتوب إليه توبة نصوحا يمحو به ما تقدم من عمل لا يتلاءم وروح الإيمان ويبدأ صفحة جديدة قد يكتب فيها الفوز العظيم كما حصل للحر الرياحي وملأها بخير ما تملأ به صحيفة عبد حسنت عاقبته تلك هي الشهادة تحت لواء الحسين سبط الرسول الله والإمام المفترض الطاعة ونصرة حجة الله وابن حجته ووالد الحجج من آل رسول الله , ومن هنا كان تسليط الأضواء على رموز كربلاء من أهم متطلبات كل عصر وزمان لكونها دروس واقعية تأجج دفائن الفطرة وتحرك روح الإيمان وتدفع شبهات الشيطان بالبراهين الجلية والآثار الباقية إلى يوم النشور .
ولعله من بين الدروس البارزة في مدرسة الطف هو الحر الرياحي فلنقف في باحة تلك المدرسة ولنأخذ درسا موجزا عن هذا الرجل الفائز المفلح :
اسمه ونسبه : الحر بن يزيد بن ناجية بن قعنب بن عناب بن هرمي بن رياح بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم .
والحر الرياحي فارس من أبطال العرب الذين يضرب بهم المثل في الشجاعة والإقدام بعثه ابن زياد من الكوفة على راس ألف فارس ليحبس الحسين ( عليه السلام ) عن الوصول إلى المدينة أينما وجده ويقدم به إلى الكوفة فجاءوا حتى وقفوا أمام الحسين ( عليه السلام ) في وقت الظهيرة وكان الحسين ( عليه السلام ) قد نزل في ( ذوحسم ) وهو جبل على مرحلتين من الكوفة ومن هنا بدأت قصة الحر الرياحي مع الحسين ( عليه السلام) والذي يظهر من كلام الحر مع سبط رسول الله أنه لم يكن يعلم بالكتب التي أرسلت إليه تستقدمه ويظهر جليا أنه لم يكن ممن كاتب الحسين – وهذا لا نقاش فيه – ولهذا كان الحر في صراع ومعترك على مستوى الضمير بين أداء الواجب وتنفيذ أمر ابن زياد مع ما يترتب على ذلك دنيويا وبين أداء الواجب الرباني ونصرة الحسين بن بنت رسول الله مع ما يترتب على ذلك من أجر أخروي بغض النظر عن الآثار الدنيوية .
هذا المعترك الذي يظهر أن له بدايات منذ خروج الحر من الكوفة من تلك الحادثة التي قصها على الحسين حيث قال : ( يا مولاي إني لما خرجت من الكوفة عقد لي ابن زياد رايات وأمرني على ألف فارس الذين صحبوني إليك وإذا بمناد خلفي يقول يا حر أبشر بالجنة فقلت في نفسي هو الشيطان يهتف بي أبشر بالجنة وأنا سائر إلى حرب الحسين بن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )فقال الحسين هو الخضر ( عليه السلام ) أمر أن يبشرك بالجنة لعلمه بعاقبة الأمور , أضف إلى ذلك الرؤيا التي رأى فيها أباه في منامه وسأله أين كنت هذه الأيام ؟ فقال أنا سائر لحرب الحسين أحبسه حتى تصل إليه جيوش ابن زياد فقال واويلاه مالك يابني ولابن رسول الله إذا أردت أن تخلد في نار جهنم فقاتله أتريد أن يخاصمك غدا محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء في يوم الجزاء وتحرم من شفاعتهم بل ترجع وتنصر الحسين حتى يبيض وجهك يوم القيامة وتفوز بجوارهم في دار الكرامة . فكانت البشارة في الأولى والإنذار في الثانية وهو في صراع مستمر جعله مضطربا أي اضطراب فبل اندلاع الحرب بفترة وجيزة فقال له مهاجر بن أوس : ( إن أمرك لمريب والله ما رأيتك في موقف قط مثل هذا ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك ) . تلك الرعدة وذلك الاضطراب كان صحوة الضمير التي أثمرت التوبة : ( اللهم إليك أنيب فتب علي فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك يا أبا عبد الله إني تائب فهل لي من توبة ؟ ) ويجيبه الحسين(عليه السلام) : ( نعم يتوب الله عليك أنت الحر كما سمتك أمك أنت الحر في الدنيا والآخرة ) ذلك هو الفوز العظيم وتلك هي حسن العاقبة وذلك هو الدرس الذي ينبغي استلهامه من قصة الحر الرياحي وكيف كان لذلك أثر في فلاح وفوز ولده وخادمه الذين قدمهم بين يديه ( علي الأول وعلي الثاني وبكير وحجر وشقيقه مصعب وخادمه قرة ) تلك النفوس الأبية التي رزقها الله الفوز العظيم بصحبة سيد الشهداء والاستشهاديين بين يديه فيا ليتنا كنا معهم فنفوز فوزا عظيما .
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الأبدي الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.
كثيرا مانردد العبارة وكثيرا ما نسمعها : ( ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما ) فأي فوز هذا الذي نتماه وأي عمل يمهد لذلك وهل هو منوط بعمر أم لا وهل يمكن تغيير المسار نحو الاتجاه الصحيح بعد أن يكاد يهوي بصاحبه في واد سحيق ؟؟!!.
كل هذه تساؤلات تجيب عليها مدرسة كربلاء وتقيم على إجاباتها والبرهنة عليها الدلائل الصادقة بمصاديق تتجلى شامخة على عرصاتها
نعم هذا الفوز هو الذي أدركه الحسين وأصحاب الحسين على اختلاف المراتب والمقامات ابتداء من الصغير الرضيع إلى الكهل الهرم ممن قدموا عملا صالحا وممن جمعوا وممن أدركه الرحمة وكان أنموذجا حيا لحسن العاقبة يقف شاهدا على مر الليالي والأيام على أن لا أيأس من رحمة الله وأن الإنسان في الساعات الأخيرة من حياته يستطيع أن يتوجه إلى الله وأن يتوب إليه توبة نصوحا يمحو به ما تقدم من عمل لا يتلاءم وروح الإيمان ويبدأ صفحة جديدة قد يكتب فيها الفوز العظيم كما حصل للحر الرياحي وملأها بخير ما تملأ به صحيفة عبد حسنت عاقبته تلك هي الشهادة تحت لواء الحسين سبط الرسول الله والإمام المفترض الطاعة ونصرة حجة الله وابن حجته ووالد الحجج من آل رسول الله , ومن هنا كان تسليط الأضواء على رموز كربلاء من أهم متطلبات كل عصر وزمان لكونها دروس واقعية تأجج دفائن الفطرة وتحرك روح الإيمان وتدفع شبهات الشيطان بالبراهين الجلية والآثار الباقية إلى يوم النشور .
ولعله من بين الدروس البارزة في مدرسة الطف هو الحر الرياحي فلنقف في باحة تلك المدرسة ولنأخذ درسا موجزا عن هذا الرجل الفائز المفلح :
اسمه ونسبه : الحر بن يزيد بن ناجية بن قعنب بن عناب بن هرمي بن رياح بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم .
والحر الرياحي فارس من أبطال العرب الذين يضرب بهم المثل في الشجاعة والإقدام بعثه ابن زياد من الكوفة على راس ألف فارس ليحبس الحسين ( عليه السلام ) عن الوصول إلى المدينة أينما وجده ويقدم به إلى الكوفة فجاءوا حتى وقفوا أمام الحسين ( عليه السلام ) في وقت الظهيرة وكان الحسين ( عليه السلام ) قد نزل في ( ذوحسم ) وهو جبل على مرحلتين من الكوفة ومن هنا بدأت قصة الحر الرياحي مع الحسين ( عليه السلام) والذي يظهر من كلام الحر مع سبط رسول الله أنه لم يكن يعلم بالكتب التي أرسلت إليه تستقدمه ويظهر جليا أنه لم يكن ممن كاتب الحسين – وهذا لا نقاش فيه – ولهذا كان الحر في صراع ومعترك على مستوى الضمير بين أداء الواجب وتنفيذ أمر ابن زياد مع ما يترتب على ذلك دنيويا وبين أداء الواجب الرباني ونصرة الحسين بن بنت رسول الله مع ما يترتب على ذلك من أجر أخروي بغض النظر عن الآثار الدنيوية .
هذا المعترك الذي يظهر أن له بدايات منذ خروج الحر من الكوفة من تلك الحادثة التي قصها على الحسين حيث قال : ( يا مولاي إني لما خرجت من الكوفة عقد لي ابن زياد رايات وأمرني على ألف فارس الذين صحبوني إليك وإذا بمناد خلفي يقول يا حر أبشر بالجنة فقلت في نفسي هو الشيطان يهتف بي أبشر بالجنة وأنا سائر إلى حرب الحسين بن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )فقال الحسين هو الخضر ( عليه السلام ) أمر أن يبشرك بالجنة لعلمه بعاقبة الأمور , أضف إلى ذلك الرؤيا التي رأى فيها أباه في منامه وسأله أين كنت هذه الأيام ؟ فقال أنا سائر لحرب الحسين أحبسه حتى تصل إليه جيوش ابن زياد فقال واويلاه مالك يابني ولابن رسول الله إذا أردت أن تخلد في نار جهنم فقاتله أتريد أن يخاصمك غدا محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء في يوم الجزاء وتحرم من شفاعتهم بل ترجع وتنصر الحسين حتى يبيض وجهك يوم القيامة وتفوز بجوارهم في دار الكرامة . فكانت البشارة في الأولى والإنذار في الثانية وهو في صراع مستمر جعله مضطربا أي اضطراب فبل اندلاع الحرب بفترة وجيزة فقال له مهاجر بن أوس : ( إن أمرك لمريب والله ما رأيتك في موقف قط مثل هذا ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك ) . تلك الرعدة وذلك الاضطراب كان صحوة الضمير التي أثمرت التوبة : ( اللهم إليك أنيب فتب علي فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك يا أبا عبد الله إني تائب فهل لي من توبة ؟ ) ويجيبه الحسين(عليه السلام) : ( نعم يتوب الله عليك أنت الحر كما سمتك أمك أنت الحر في الدنيا والآخرة ) ذلك هو الفوز العظيم وتلك هي حسن العاقبة وذلك هو الدرس الذي ينبغي استلهامه من قصة الحر الرياحي وكيف كان لذلك أثر في فلاح وفوز ولده وخادمه الذين قدمهم بين يديه ( علي الأول وعلي الثاني وبكير وحجر وشقيقه مصعب وخادمه قرة ) تلك النفوس الأبية التي رزقها الله الفوز العظيم بصحبة سيد الشهداء والاستشهاديين بين يديه فيا ليتنا كنا معهم فنفوز فوزا عظيما .
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين.
تعليق