بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلم
السيدة حليمة بنت عبد الله السعدية (رضوان الله عليها)
وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلم
السيدة حليمة بنت عبد الله السعدية (رضوان الله عليها)
قرابتها بالمعصوم
هي أُمّ النبي الاكرم محمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الرضاعية .
اسمها ونسبها
حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث السعدية.
زوجها
الحارث بن عبد العُزّى بن رفاعة السعدي المضري.
رضاعها للنبي(صلى الله عليه وآله)
كانت عادة الأشراف من العرب أن ترسل بأولادها إلى البادية للارتضاع، حتّى يشبّ الولد وفيه طهارة الجوّ الطلق، وفصاحة اللغة البدوية، التي لم تشبها رطانة الحضر المختلط من صنوف مختلفة، وشجاعة القبائل التي لا تعرف جبناً بواسطة قيود المدينة، وصفاء النفس التي تشمل انطلاق الصحراء، وهكذا ارتأى جدُّ الرسول(صلى الله عليه وآله) عبد المطّلب.
وجرياً وراء هذه العادة، كانت نساء القبائل تأتي في كلّ سنة إلى مكّة المكرّمة؛ لتأخذ أبناء الأشراف وذوي المناصب والجاه.
فأمر عبد المطّلب أن يُؤتى بالمرضعات؛ ليختار منهنّ واحدة لحفيده الميمون، فأتت النساء تسعى إلى عبد المطّلب؛ لتنال هذا الشرف الذي فيه مفخرة إرضاع هاشمي، والنيل من رفد زعيم مكّة.
فلم يقبل الوليد ـ وهو النبي(صلى الله عليه وآله) ـ ثدي أيّة امرأة منهنّ، فكُنّ يرجعن بالخيبة، وكأنّ الله سبحانه وتعالى لم يشأ إلّا أن ترضع النبي(صلى الله عليه وآله) امرأة طاهرة نقية.
وهكذا حتّى انتهى الدور إلى امرأة شريفة عفيفة تُسمى بـ (حليمة السعدية)، فلمّا مَثُلَت بين يدي عبد المطّلب سألها عن اسمها، ولمّا أُخبر باسمها، تفآءل وقال: حلم وسعد!!.
فأعطَوها النبي(صلى الله عليه وآله)، وإذا به يلقم ثديها ويقبل على المصّ ببهجةٍ وحبور، ففرح الجميع لذلك، وأخذوا يباركون الجدّ والمرضعةَ.
وهناك عادت حليمة إلى قومها بخير الدنيا، وسعادة الآخرة، تحمل الوليد المبارك، وشاءت الأقدار أن تَدُرَّ على قبيلة حليمة الخير والبركة، بِيُمنِ هذا المولود الرضيع.
ممّا رأته أيّام رضاعها للنبي(صلى الله عليه وآله) (1).
قالت(رضوان الله عليها): «لم أر قط ما يُرى للأطفال طهارة ونظافة، وإنّما كان له(صلى الله عليه وآله) وقت واحد، ثمّ لا يعود إلى وقته من الغد، وما كان شيء أبغض إليه من أن يرى جسده مكشوفاً، فكنت إذا كشفته يصيح حتّى استر عليه».
وقالت: «سمعته لمّا تمّت له(صلى الله عليه وآله) سنة يتكلّم بكلام لم اسمع أحسن منه، سمعته يقول: قدّوس قدّوس نامت العيون والرحمن لا تأخذه سنة ولا نوم».
وقالت: «ناولتني امرأة كفّ تمر من صدقة فناولته منه، وهو ابن ثلاث سنين، فردّه عليَّ وقال: يا أمة الله، لا تأكلي الصدقة، فقد عظمت نعمتك وكثر خيرك، فإنّي لا آكل الصدقة. قالت: فوالله ما قبلتها بعد ذلك من أحد من العالمين».
شعرها في النبي(صلى الله عليه وآله)
«يا ربّ بارك في الغلام الفاضل ** محمّد سليل ذي الأفاضل
وأبلغه في الأعوام غير آفل ** حتّى يكون سيّد المحافل»(2).
وقالت:
«يا ربِّ إذ أعطيته فأبقِه ** واعلِه إلى العُلى وأرقِه
وادحض أباطيلَ العِدى بحقّه»(3).
إكرام النبي(صلى الله عليه وآله) لها
كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يُكرم مرضعته حليمة السعدية، ويُتحفها بما يستطيع.
ففي الأخبار أنّ حليمة قدمت على رسول الله بمكّة، وقد تزوّج(صلى الله عليه وآله) بخديجة، فشكت إليه جدب البلاد وهلاك الماشية، فكلّم رسول الله(صلى الله عليه وآله) خديجة(رضي الله عنها)، فأعطتها أربعين شاة وبعيراً، وانصرفت إلى أهلها(4).
إسلامها
قدمت(رضوان الله عليها) إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعد الدعوة إلى الدين الإسلامي، فأسلمت هي وزوجها.
من أقوال الشعراء فيها(5)
«لقد بلغت بالهاشميِّ حليمةٌ ** مقاماً علا في ذُروة العزِّ والمجد
وزادت مواشيها وأخصب رَبعها ** وقد عَمّ هذا السعد كلّ بَني سعد».
وقال ابن جابر:
«لقد سعدت حليمة حيث حازت ** رضاعته ونالت كلّ فخر
فدرّ عليه منها الثدي حالاً ** ولم يك قبل ذا يشفي بدر
وأعلم أنّه لأخيه حقّ ** فغادر ثديها الثاني بوفر
وشارفها جرت لبناً فأروت ** وكانت لا تبض لهم بقطر».
شفاعة النبي(صلى الله عليه وآله) لها يوم القيامة
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «قال لي جبرائيل: إنّ الله مشفّعك في ستّة: بطن حملتك ـ آمنة بنت وهب ـ، وصلب أنزلك ـ عبد الله بن عبد المطّلب ـ، وحجر كفلك ـ أبو طالب ـ، وبيت آواك ـ عبد المطّلب ـ، وأخ كان لك في الجاهلية... وثدي أرضعتك ـ حليمة بنت أبي ذؤيب»(6).
ولا يخفى أنّ الشفاعة تكون يوم القيامة لأُمور، منها لرفع الدرجات، وشفاعته(صلى الله عليه وآله) يوم القيامة لهؤلاء ليكونوا معه وفي درجته.
وفاتها
تُوفّيت(رضوان الله عليها) في المدينة المنوّرة، ودُفنت في مقبرة البقيع.
ــــــــــــــــــــ
1. اُنظر: كنز الفوائد: 72.
2. بحار الأنوار 15/377.
3. الخصائص الكبرى 1/59.
4. اُنظر: الطبقات الكبرى 1/113.
5. اُنظر: سبل الهدى والرشاد 1/391.
6. شرح نهج البلاغة 14/67.
المصدر
مركز آل لبيت العالمي
مركز آل لبيت العالمي
تعليق