بسم الله الرحمن الحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى محمد واله الطيبين واصحابه المنتجبين ورحمة الله وبركاته .الأخلاص وحقيقته : ألاخلا ص هو ضد الرياء :الاخلاص ، وهو ان يجرد الانسان نفسه من قصد الشوائب كلها .فمن عمل الطاعة رياء فهو من المرائين مطلقا ،ومن عمل عملا وانضم الى قصد القربة واضاف اليه قصد غرض دنيوي انضمامه غير مستقل فعمله مشوبا غير خالصاً لله عز وجل ،كقصده الانتفاع بالحمية من الصوم ، وقصده التخلص من مؤنة عبده او سوء خلقه من عتقه ، وقصده صحة المزاج او تخلصه من بعض الشرور والاحزان من الحج ،وقصده العزة بين الناس او السهولة طلب المال كل من تعلم العلم ،وقصده النظافة والتبرد وطيب الرائحة من وضوئه وغسله ،والتخلص من ابرام السائل من ان يتصدق عليه ،وهكذا .
فمتى بعث الطاعة وهو متقربا ولكن انضافة له خطرة من هذه الخطرات ،خرج كل عمله من الاخلاص ،فمعنى الاخلاص هو تخليص العمل من جميع الشوائب ،قليلها وكثيرها والمخلص من كان عمله المحض التقرب الى الله سبحانه وتعالى ،من دون قصد شىء اخر اصلا .
ثم إن أعلى درجات الاخلاص هو الاخلاص المطلق واخلاص الصدَيقين ، إرادة محضة المراد بها وجه الله سبحانه منا تلك العمل ،دون توقع اي غرض في الدارين ولا تتحقق الا لمحب الله ، مستغرق الهم بعظمة الله وجلاله بحيث لم يكن ملتفتا الى الدنيا ابدا ومطلقا ، وأدنى الك هو الاخلاص الاضافي ،وهو قصد الثواب والاخلاص من العذاب ،وقد قال سيد الرسل الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ،عن حقيقة الاخلاص بقوله : (وهو ان تقول ربي الله ثم تستقيم كما أمرت تعمل لله ،ولاتحب ان تحمد عليه ،اي انك لاتعبد هواك ونفسك ،ولا تعبد الاربك ،وتستقم في عبادتك كما أمرت ) .وهذا اشارة الى قطع ما سوى الله سبحانه وتعالى عن مجرى النظر ، وها هو الاخلاص لله حقا .ويتوقف تحصيل العمل على كسر حظوظ النفس وقطع الطمع عن الدنيا والتجرد في الاخره ، حيث ما يغلب كل ذالك على القلب والتفكر في صفات الله سبحانه وتعالى وكل افعاله والاشتغال بمناجاة الله جل جلاله حتى يغلب على قلبه نور جلاله وعظمته تعالى ويستولي عليه حبه وانسه ، وكم من الاعمال يجهد الانسان ويتعب فيها ويظن انها خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى ، ويكون فيها من المغرورين لعدم عثوره على وجه الافة فيها ،كما حكي بعضهم انه قال /( قضيت صلاة ثلاثون سنة كنت قد صليتها في المسجد جماعة وفي الصف الاول ، واني تاخرت يوما لعذر فصليت في الصف الثاني ، فخجلت من الناس حيث رأوني في الصف الثاني فعلمت ان نظر الناس الي في الصف الاول كان يسرني وكانت استراحة قلبي من كل ذلك من حيث لااشعر . )وكل هذا دقيق وغامض ،ومن هذا فان الغافلون يرون كل حسناتهم في الاخرة سيئات ، بقوله تعالى ك ( وبدا لهم سيئات ماعملوا ) س/ الجاثية ، الاية ، 33 . .اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين المطيعين انك سميع مجيب الدعاء والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين .