((بسم الله الرحمان الرحيم ))
(( اللهم صل على محمد وال محمد))
الامامة(( اللهم صل على محمد وال محمد))
يجب على كل مؤمن آمن بالله وصدَّق رسول الله ، أن يعتقد بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام وولايتهم ، وأنهم خلفاء الله وأوصياء رسوله ، وأولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خليفته بلا فصل وآخرهم بقية الله في أرضه الحجة المنتظر المهدي عجل الله فرجه وأرواحنا فداه .
والإمامة من أصول مذهبنا ( الشيعة الإمامية ) .
إثبات الإمامة :
كما أن الحكيم تبارك وتعالى فرض على نفسه إرسال الأنبياء والمرسلين مبشرين ومنذرين ، لهداية عباده وخلقه وإخراجهم من ظلمات الجهل والحيرة إلى نور العلم والتوحيد ، والطريقة المستقيمة وإتماماً للحجة ، كذلك فرض على نفسه حفظ كتابه وشريعته بعد أنبيائه ورسله ، بواسطة أوليائهم وخلفائهم وقال : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } [124].
فكما عين لأرباب الشرائع من الأنبياء السابقين ، أوصياء قائدين للأمم من بعدهم هادين مهديين ، فكذلك عين خلفاء لخاتم النبيين أمناء على دينه وشريعته وحفاظا لكتابه ، وهم الراسخون في العلم ، يعلمون تأويل آياته ويوضحون المتشابهات بمحكماته ، ويحلون مشاكل الأمة ويداوون علل الرعية .
والإمام نقطة دائرة الحياة ومجمع الشتات ، وقلب المجتمع وعقل المحيط والمرجع . بوجوده تمام الدعوة النبوية وكمال النعمة الإلهية كما جاء في تفسير الآية الشريفة { ... اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ... } [125] بالخلافة والإمامة . ولنا في إثبات الإمامة أدلة وبراهين تدوينية وتكوينية ، عقلية ونقلية ، لا تعد ولا تحصى ولكن نقتصر في هذا المختصر على بحث جرى بين من يرى وجوب الإمام وبين من لا يرى .
هشام بن الحكم [126] وعمرو بن عبيد [127] :
قال هشام من حديث وقد سأله الإمام الصادق عليه السلام عن صنعه مع عمرو بن عبيد وكيف سأله ؟ قال هشام :
(... بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، وعظم ذلك علي ، فخرجت إليه ودخلت البصرة في يوم الجمعة ، فأتيت مسجد البصرة ، فإذا أنا بحلقة كبيرة وإذا أنا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء متزر بها من صوف وشملة مرتدٍ بها ، والناس يسألونه : فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت : أيها العالم أنا رجل غريب تأذن لي فأسألك عن مسألة؟ فقال نعم، قلت له : ألك عين ؟ قال : يا بني ، أي شيء هذا من السؤال ؟ فقلت : هكذا مسألتي ، فقال (عمرو) يا بني سل ، وإن كانت مسألتك حمقى ، فقلت : أجبني فيها ، فقال (عمرو) لي : سل ، فقلت : ألك عين ؟ قال (عمرو) : نعم ، قلت : فما ترى بها ؟ قال (عمرو) : الألوان والأشخاص ، فقلت : ألك أنف ؟ قال (عمرو) : نعم ، قلت : فما تصنع بها ؟ قال (عمرو) : أتشمم بها الرائحة ، قلت: ألك فم ؟ قال (عمرو) : نعم ، قلت : وما تصنع به ؟ قال (عمرو) : أعرف به طعم الأشياء ، قلت : ألك لسان ؟ قال (عمرو): نعم ، قلت : وما تصنع به؟ قال (عمرو) :أتكلم به ، قلت : ألك أذن؟ قال (عمرو) : نعم ، قلت وما تصنع بها ؟ قال (عمرو) : أسمع بها الأصوات ، قلت : ألك يدان ؟ قال (عمرو) : نعم ، قلت : وما تصنع بهما ؟ قال (عمرو) : أبطش بهما وأعرف بهما اللين من الخشن ، قلت : ألك رجلان ؟ قال (عمرو) : نعم قلت : وما تصنع بهما ؟ قال (عمرو) : انتقل بهما من مكان إلى مكان . قلت : ألك قلب ؟ قال (عمرو) : نعم ، قلت : وما تصنع به ؟ قال (عمرو) : أميز به كل ما ورد على هذه الجوارح . قلت أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب ؟ قال (عمرو) : لا ، قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة ؟ قال (عمرو) : يا بني إن الجوارح إذا شكّت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته أو لمسته ردته إلى القلب ، فييقن اليقين ويبطل الشك . فقلت : إنما أقام الله القلب لشك الجوارح ؟ قال (عمرو) : نعم ، قلت : فلا بد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح ؟ قال (عمرو) : نعم ، فقلت : يا أبا مروان إن الله تعالى ذكره لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح ، وينفي ما شكت فيه ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم ، لا يقيم لهم إماماً يردون إليه شكهم وحيرتهم ويقيم لك إماماً لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك ، قال : فسكت (عمرو) ولم يقل شيئاً .
ثم التفت إليَّ فقال : أنت هشام ؟ فقلت : لا . فقال (عمرو) : أجالسته ؟ فقلت : لا ، فقال (عمرو) : فمن أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة ، قال (عمرو) : فأنت إذا هو ، ثم ضمني إليه وأقعدني في مجلسه وما نطق حتى قمت .
فضحك أبو عبد الله عليه السلام ثم قال : يا هشام من علَّمك هذا ؟ فقلت : يا بن رسول الله جرى على لساني ، قال : يا هشام هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى ) .
ماذا جاء في خلافة أمير المؤمنين علي عليه السلام :
وقد نص رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر من العزيز الحكيم ، على خلافة أخيه وابن عمه ووزيره أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وإمامته باتفاق من المسلمين وإجماع من الإمامية بطرق شتى : منها حديث غدير خم في تفسير الآية الشريفة : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ...} ومنها حديث الدار حين بايعه من دون أقربائه في تفسير قوله تعالى : { وأنذر عشيرتك الأقربين } ومنها حديث المنزلة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : { ... يا علي أنت أخي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ... } وحديث { إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ...}. ومنها أنه عليه السلام نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كما في آية المباهلة { ... فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ... } ومنها نزول هذه الآية الشريفة في حقه وإثبات ولايته { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ... }ومنها إرساله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة بآيات من سورة البراءة ، وعزل من أرسله قبله بأمر من الجليل جلت عظمته . وغيرها من الآيات والأحاديث والروايات من طرق الخاصة والعامة .
النصوص في خلافة الأئمة الأحد عشر عليهم السلام :
وأما النصوص في خلافة أبنائه الأحد عشر المعصومين عليهم السلام وإمامتهم عن الله ورسوله أيضاً كثيرة ، ونذكر في هذا المختصر نبذة منها من طرق إخواننا السنة .
1- ( النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم ذهبت أهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ) . ولذا قال ابن حجر في صواعقه : ( وفي أحاديث التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة ، كما أن الكتاب العزيز كذلك ) .
2- رواه مفضل بن حصين عن عمر بن الخطاب : سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( الأئمة بعدي اثنا عشر ، ثم أخفى صوته فسمعته يقول كلهم من قريش ) .
3- روى بن السائب عن ابن مسعود : قال النبي صلى الله عليه وآله : ( الأئمة بعدي اثنا عشر تسعة من صلب الحسين عليه السلام والتاسع مهديهم ) .
4- عن سلمان الفارسي رضوان الله عليه ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : { الأئمة بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل ، كانوا اثني عشر، ثم وضع يده على صلب الحسين عليه السلام وقال : من صلبه تسعة أئمة أبرار ، والتاسع مهديهم يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، فالويل لمبغضيهم . فقال جابر الأنصاري يا رسول الله وجدت في التوراة أليا يقطو شبرا وشبيرا فلم أعرف أسماءهم ، فكم بعد الحسين من الأوصياء وما أسماؤهم ؟ فقال : تسعة من صلب الحسين والمهدي منهم } .
5- روى أبو إمامة ، قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لما عرج بي إلى السماء رأيت مكتوباً على ساق العرش بالنور : لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته بعلي ، ثم بعده الحسن والحسين ورأيت علياً علياً علياً ورأيت محمداً محمداً مرتين وجعفراً وموسى والحسن والحجة ، اثني عشر اسماً مكتوباً بالنور فقلت يا ربِ أسامي من هؤلاءِ الذين قرنتهم ؟ فنوديت يا محمد هم الأئمة بعدك ) .
ونذكر حديثا واحدا من طرق الشيعة الإمامية تيمنا وتبركا : الحديث الثامن في الصفحة العاشرة من كتاب نهج المحجة . رواه محمد بن موسى المتوكل : قال حدثني محمد بن عبد الله الكوفي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حدثني جبرائيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال : من علم أنه لا إله إلا أنا وحدي ، وأن محمدا عبدي ورسولي ، وأن علي بن أبي طالب خليفتي وأن الأئمة من ولده حججي، أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من النار بعفوي وأبحت له جواري ، وأوجبت له كرامتي وأتممت عليه نعمتي ، وجعلته من خاصتي وخالصتي ، إن ناداني لبيته ، وان دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن سكت ابتدأته ، وإن أساء رحمته ، وإن فرَّ مني دعوته ، وإن رجع إلي قبلته ، وإن قرع بابي فتحته . ومن لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي ، أو شهد ولم يشهد أن محمدا عبدي ورسولي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي ، فقد جحد نعمتي وصغّر عظمتي ، وكفر بآياتي وكتبي ، إن قصدني حجبته، وإن سألني حرمته ، وإن ناداني لم أسمع نداءه وإن دعاني لم أستجب دعاءه ، وإن رجاني خيبته ، وذلك جزاءه مني وما أنا بظلام للعبيد . فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين ، ثم الباقر محمد بن علي ، وستدركه يا جابر فإذا أدركته فأقرأه مني السلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم الكاظم موسى بن جعفر، ثم الرضا علي بن موسى، ثم التقي محمد بن علي ، ثم النقي علي بن محمد ، ثم الزكي الحسن بن علي ، ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي ، من أطاعهم فقد أطاعني ، ومن عصاهم فقد عصاني ، ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني ، بهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلهاِ
تعليق