بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلم
مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلم
مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجوبه كفائي, فإذا قام به بعض الأشخاص بشكل كافٍ سقط عن الآخرين وإلا كان الجميع مطالبين ومأثومين لتركهم هذه الفريضة. فيجب على الإنسان القيام به إذا لم يقطع أو يطمئن بقيام غيره بشكل كافٍ.
ولو فرض انه هو الشخص الوحيد القادر على التأثير على مرتكب الحرام دون غيره وجب عليه القيام بهذه الفريضة ولا يكفي تصدي غيره لها, ولا فرق في وجوب الإنكار بين المعاصي الكبيرة والصغيرة.
وهناك بعض المنكرات لا يمكن النهي عنها إلا من خلال العمل الجماعي, فلو توقف النهي عن المنكر على اجتماع المؤمنين والقيام بعمل جماعي وجب عليهم ذلك يقول الله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}.
كيف يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
هناك ثلاث مراتب لهذه الفريضة وهي:
المرتبة الأولى: الانزجار القلبي :
أن يظهر انزجاره القلبي لفاعل المنكر بشكل يظهر معه طلب ترك المنكر, وله درجات كغمض العين والعبوس والإعراض بوجهه أو بدنه وهجره وترك مراودته ونحو ذلك...
يجب الاقتصار على هذه المرتبة إذا كانت كافية ويجب الاقتصار فيها على الدرجة الدانية فالدانية. والأيسر فالأيسر. سيّما إذا كان يلزم الهتك.
المرتبة الثانية: الإنكار باللسان :
ويجب مراعاة الأيسر فالأيسر فلو احتمل حصول المطلوب بالوعظ والإرشاد والقول اللين يجب ذلك ولا يجوز الغلظة في القول والتشديد. فإذا لم يكن رفع المنكر إلا من خلال غلظة القول والتشديد في الأمر والتهديد يجوز بل يجب ذلك.
لا يجوز أن يتخذ أسلوب السباب والكذب والإهانة, إلا إذا كان المنكر من النوع الذي لا يرضى الله تعالى بحصوله مطلقاً كقتل النفس المحترمة وارتكاب القبائح والكبائر والموبقات.
فان كان المنكر من هذا النوع وجب النهي ولو بهذه الأساليب مع عدم امكان غيرها.
لو كان بعض مراتب القول أقل ايذاءً من المرتبة الأولى, كما لو فرض أن الوعظ والإرشاد بقول ليّن ووجه منبسط مؤثر وأقلّ ايذاءً من الهجر والأعراض وجب القول ولم يجز الهجر, وهذا يختلف بحسب الأشخاص, والتشخيص بيد المكلف.
المرتبة الثالثة: الإنكار باليد :
والمقصود الإنكار من خلال القدرة والعمل, ولو أمكن ذلك من خلال الحيلولة بينه وبين المنكر لم يجز التعدي إلى الأكثر إذا كانت اقل محذوراً من غيرها. ويجب حتى لو استلزم تصرفاً به أو بآلة فعله ـ مع عدم كفاية الأقل ـ كدفعه وطرده أو حتى حبسه أو إبعاد سكينه والتصرف بالكأس الذي يشرب فيه الخمر.
وينبغي هنا الالتفات إلى عدة نقاط:
أ: لو توقفت الحيلولة على حبسه في محل أو منعه عن الخروج من منزله جاز بل وجب مراعياً الأيسر فالأيسر ولا يجوز ايذاوه والتضييق عليه.
ب: لو لم يحصل المطلوب إلا بالتضييق عليه وإيقاعه في الحرج فيجب ذلك.
ج: إذا استلزم منعه دخول بيته واستعمال أملاكه, يشكل ذلك إجمالا(1). إلا إذا كان المنكر مهماً جداً كقتل النفس المحترمة.
د: إذا توقف دفعه عن المنكر على كسر قارورة خمر أو الصندوق الذي فيه آلات القمار لم يضمن. وأما إذا لم يكن الكسر ضرورياً وأمكن دفعه من دونه لا يجوز الكسر وكان مأثوماً وضامناً إذا فعل.
هـ: لو لم يحصل المطلوب إلا بالضرب والإيلام فالظاهر جوازهما مراعياً الأيسر فالأيسر.
و: لو كان النهي غير ممكن إلا من خلال الجرح أو القتل لم يجز إلا بإذن الإمام "ع" . وفي غيبة الإمام يستأذن الولي الفقيه الجامع للشرائط .
ز: إذا كان المنكر مما لا يرضى الشارع بوجوده مطلقاً كقتل النفس المحترمة فيجوز الجرح أو حتى القتل, بل يجب من غير حاجة إلى الإذن, ومع كفاية الجرح لا يجوز التعدي إلى القتل.
المصدر
إصلاح المجتمع في فكر الإمام الخميني
تعليق