بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين واللعن الدائم على أعدائهم أعداء الدين
إن الله سبحانه وتعالى مع عظم ذاته وجلالة قدره يحب المؤمنين المتقين العابدين ، والقران الكريم حافل بالآيات التي تقرر هذه الحقيقة والتي تعددت بتعدد صفات المؤمنين من التقوى والصبر والتوكل على الله سبحانه وتعالى وغيرها من الصفات ، وفي طليعة هذه النخبة من المؤمنين والصالحين النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحبيبه وصهره الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي آمن بالله ورسوله إلى درجة لا يشوبها شك ولا يتطرق إليها ريب وقد بلغ غاية التقوى ومنتهى المعرفة واليقين بالله تعالى حيث يقول عليه السلام ( لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا ) ، ومحبته ومودته عليه السلام واجبة على كل مسلم وكما هو مفاد آية المودة ومحبته على حد محبة الله ورسوله
وقد جاء في مجمع الزوائد للهيثمي (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «مَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ، وَمَنْ أَبْغَضَ عَلِيًّا فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ ) .
ولم تقف محبة علي عليه السلام عند حد اقترانها بمحبة الله ورسوله بل تعدت إلى كونها معيارا وميزانا يقاس بها إيمان المؤمن وتصديقه بالله ، فلا يعرف المؤمن مؤمنا حتى يحب عليا ولا يعرف المنافق منافقا حتى يبغض عليا وقد اخرج مسلم في صحيحه بسنده عن علي عليه السلام قال : ( وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ: «أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ» )
وعن أبي سعيد الخدري في أسد الغابة لأبن الأثير قال : (كُنَّا نَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ نَحْنُ مَعَاشِرُ الأَنْصَارِ ببغضهم عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ )
وبهذا تفرد علي عليه السلام بالذكر وأن الله سبحانه وتعالى يحبه حبا خاصا تناسب مع مكانته ومنزلته ، وقد وردت بيانات نبوية عديدة وفي مناسبات مختلفة تؤكد تلك المحبة الخاصة منها ما جاء في فتح خيبر فقد اخرج البخاري في صحيحه ( حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله عنه قال
: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه تخلف عن النبي صلى الله عليه و سلم في خيبر وكان رمدا فقال أنا أتخلف عن النبي صلى الله عليه و سلم فلحق به فلما بتنا الليلة التي فتحت قال ( لأعطين الراية غدا أو ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله يفتح الله عليه ) . فنحن نرجوها فقيل هذا علي فأعطاه ففتح عليه )
ويقول ابن حجر معلقا ( إِنَّ عَلِيًّا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرَادَ بِذَلِكَ وُجُودَ حَقِيقَةِ الْمَحَبَّةِ وَإِلَّا فَكُلُّ مُسْلِمٍ يَشْتَرِكُ مَعَ عَلِيٍّ فِي مُطْلَقِ هَذِهِ الصِّفَةِ وَفِي الْحَدِيثِ تَلْمِيحٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ عَلِيًّا تَامُّ الِاتِّبَاعِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اتَّصَفَ بِصِفَةِ مَحَبَّةِ اللَّهِ لَهُ وَلِهَذَا كَانَتْ مَحَبَّتُهُ عَلَامَةَ الْإِيمَانِ وَبُغْضُهُ عَلَامَةَ النِّفَاقِ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ نَفْسِهِ )
وقد أكرم الله سبحانه وتعالى عليا عليه السلام وأسبغ عليه من عطائه وفضله فهو حبيبه وصفيه ونجيه فأتحفه بتحفه وهداياه إكراما له وإضهارا لمكانته عنده سبحانه وتعالى و نظيرها في تراثنا الإسلامي هو ما كان يهديه الله لمريم عليها السلام من هداياه وتحف ورزق وفير وهي لم تكن نبيه وإنما هي صديقة طاهرة من الصالحين ، فتحف الله وكراماته للأولياء والصالحين فضلا عن الأئمة والأنبياء عليهم السلام مما لا يوجب الإنكار ، بل هو مقتضى كرم الله وفضله .
تعليق