بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
كثيراً ما نرى تناقضات في مذهب الوهابية في الأمور العقائدية وغيرها ومنها ما وقع فيها ابن باز - وهو عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد آل باز وهو من علماء أهل السنة والجماعة حنبلي المذهب وقد تأثر بمحمد بن عبد الوهاب و محمد إبراهيم آل الشيخ – وهي أنه ادعى الرؤية على الله يوم القيامة وكفّر من يُنكر ذلك ، ففي سؤال وجه إليه هذا نصُّه : وصلّى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
هل رؤية الله سبحانه وتعالى ثابتة وما الدليل؟ وما القول الراجح في ذلك ؟ وهل المنافقون يرونه في المحشر ؟[1]
ج : رؤية الله في الآخرة ثابتة عند أهل السنة والجماعة من أنكرها كفر ، يراه المؤمنون يوم القيامة ويرونه في الجنة كما يشاء بإجماع أهل السنة كما قال عز وجل :{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ }[2]{ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }[3]وقال سبحانه :{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ }[4] فسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله ، وتواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة وفي الجنة ، أما في الدنيا فلا يرى في الدنيا كما قال سبحانه وتعالى :{ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ }[5] . وقال لموسى : { لَنْ تَرَانِي }[6] وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : « واعلموا أنه لن يرى أحد ربه حتى يموت »[7] فالدنيا ليست محل الرؤية ؛ لأن الرؤية نعيم ، رؤية الله أعلى نعيم أهل الجنة وهذه الدار ليست دار النعيم ، دار الأكدار ودار الأحزان ودار التكليف فلا يرى في الدنيا لكنه يرى في الآخرة يراه المؤمنون ، أما الكفار فهم عنه محجوبون كما قال سبحانه : { كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ }[8] فالكفار محجوبون عن الله يوم القيامة والمؤمنون يرونه في الآخرة ، والصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ير ربه ، أما المنافقون فمحل نظر جاء في بعض الروايات ما يدل على أنه يأتي هذا اليوم الأمة وفيها منافقوها لكن ليس فيه الصراحة بأنهم يرونه يوم القيامة .
إن عقيدة الرؤية قد استمكنت من السلفية مع ما فيها من أيادي يهودية كما يشير إليه علماء ومفكري أهل السنة حتى جعلتهم يخرجون عن طورهم ويفتون بكفر وضلال من خالفهم فيها .
فهذا الحكم من ابن باز يشمل أيضاً عائشة أم المؤمنين لأنها كذبت مَنْ زعم أن النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) رأى الله تعالى واستدلت على نفي إمكانية رؤية الله تعالى مطلقاً في الدنيا والآخرة بقوله تعالى :{ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ }[9] .
فعَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ وَهْوَ يَقُولُ ( لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ...)...إلخ[10] .
وهذه الآية مطلقة تفيد نفي الرؤية عن الله في الدنيا والآخرة .
و لا طريق أمام ابن باز إلا أن يقول بكفر عائشة أو كذب روايات البخاري ومسلم عنها .
هذا والحمد لله ربِّ العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ...
[1] . من فتاوى الحج .
[2] . سورة القيامة : آية : 22 .
[3] . سورة القيامة : آية : 23 .
[4] . سورة يونس : آية : 26 .
[5] . سورة الأنعام : آية : 103 .
[6] . سورة الأعراف : آية : 143 .
[7] . صحيح مسلم : ج 4 ، ص 2244 .
[8] . سورة المطففين : آية : 15 .
[9] . سورة الأنعام : آية : 103 .
[10] . صحيح البخاري ، ص 209 .
تعليق