تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
إن الخلاف في آية التطهير : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } أنه مَنْ المقصود بأهل البيت في الآية الكريمة ؟ وصلّى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
وفي المسألة ثلاثة أقوال :
1-أن الآية الكريمة تختص بأصحاب الكساء الخمسة . وهو قول الإمامية .
2-أن الآية الكريمة تشمل أصحاب الكساء ونساء النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) . وهو قول أهل السنة والجماعة .
3-أن الآية الكريمة تختص بنساء النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) .وهو قول عكرمة مولى ابن عباس ، واليوم يتبعه كثير من الوهابية السلفية بأدلة واهية .
واستدل أصحاب القول الأخير بأحاديث أهمها حديثان موقوفان عن ابن عباس وهما :
· أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج قال: أخبرنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الحسن بن علي بن عفان قال: أخبرنا أبو يحيى الحماني ، عن صالح بن موسى القرشي ، عن خصيف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: أنزلت هذه الآية في نساء النبي صلى الله عليه وسلم - إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت -[1].
· حدثنا علي بن حرب الموصلي، حدثنا زيد بن الْحُبَاب ، حدثنا حسين بن واقد ، عن يزيد النحوي، عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة[2].
أولاً : هذان الحديثان موقوفان والحديث الموقوف :
الموقوف من الأحاديث هو ما يقصره الراوي على الصحابي ، وينسبه إليه ، قولاً له أو فعلاً أو نحوهما ، يقف به عنده ، فلا يتجاوز الراوي الصحابيَّ في نسبته ذلك المروي ، إلى النبي صلى الله عليه وسلم[3] .
ويقال له الأثر . قال أبو القاسم الفُوراني : منهم الفُقهَاء يقولون: الخبر ما يُروى عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - , والأثر ما يُروى عن الصَّحابة[4] .
وقد صاغ الشيخ مصطفى العدوي حجية الحديث الموقوف من عدمه بشكل سؤال وجواب هذا نصه :
س : هل الموقوف حجة؟وما الدليل؟
ج : ليس الموقوف حجة . قال الله تعالى:
(اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)[5] .
وقال سبحانه : (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)[6] .
وقال تعالى : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ )[7] .
وقال سبحانه : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)[8] .
وقال سبحانه : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا)[9] "[10] .
وقال الشريف الجرجاني حول الحديث الموقوف : وهو مطلقاً ما رُوِيَ عن الصحابي من قول أو فعل، متصلاً كان أو منقطعاً، وهو ليس بحجَّة على الأصح [11].
ولو قلنا بأن الحديث الموقوف حجة نأتي لخصوص سند هذين الحديثين :
- ففي الحديث الأول يقع في السند :
1- أبو يحيى الحماني :
الاسم : عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني ، أبو يحيى الكوفي ، لقبه بشمين ( أصله خوارزمى ، والد يحيى بن عبد الحميد الحماني ) .
الطبقة : 9 : من صغار أتباع التابعين .
الوفاة : 202 هـ .
روى له : خ م د ت ق ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - ابن ماجه ) .
رتبته عند ابن حجر : صدوق يخطئ ، و رمى بالإرجاء .
رتبته عند الذهبي : قال أبو داود : داعية إلى الإرجاء . و قال النسائي : ليس بالقوى[12] .
2- خصيف :
الاسم : خصيف بن عبد الرحمن الجزري أبو عون الحراني الخضرمي الأموي مولى عثمان بن عفان و يقال مولى معاوية ( أخو خصاف و كانا توأماً ) .
الطبقة : 5 : من صغار التابعين .
الوفاة : 137 هـ و قيل غير ذلك .
روى له : د ت س ق ( أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه ) .
رتبته عند ابن حجر : صدوق سيئ الحفظ ، و رمى بالإرجاء .
رتبته عند الذهبي : صدوق سيئ الحفظ ، ضعفه أحمد[13] .
- وفي الحديث الثاني يقع في السند :
1- زيد بن الْحُبَاب :
الاسم : زيد بن الحباب بن الريان ، و قيل : ابن رومان التميمي ، أبو الحسين العكلي ، الكوفي ( خراساني الأصل ، سكن الكوفة ) .
الطبقة : 9 : من صغار أتباع التابعين .
الوفاة : 230 هـ .
روى له : ر م د ت س ق ( البخاري في جزء القراءة خلف الإمام - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه ) .
رتبته عند ابن حجر : صدوق يخطئ في حديث الثوري .
رتبته عند الذهبي : الحافظ ، لم يكن به بأس ، قد يهم[14] .
2- حسين بن واقد : الاسم : الحسين بن واقد المروزي ، أبو عبد الله ، مولى عبد الله بن عامر بن كريز ، القرشي ( قاضى مرو )
الطبقة : 7 : من كبار أتباع التابعين
الوفاة : 159 هـ و يقال 157 هـ
روى له : خت م د ت س ق ( البخاري تعليقا - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )
رتبته عند ابن حجر : ثقة له أوهام .
رتبته عند الذهبي : قال ابن المبارك : من مثله ؟ ، و وثقه ابن معين و غيره[15] .
3- عكرمة : والكلام حول عِكرمة طويل ولكن سأذكر قولين لأرباب الجرح والتعديل فيه :
1- أخرج أحمد بن حنبل بسنده إلى سعيد بن المسيب أنه قال لمولى له : " لا تكذب علَيَّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس "[16] .
2- أخرج الطبري عن سعيد بن المسيب بسند ، قال فيه : " حدثني الصرار بن محمد بن إسماعيل قال أخبرنا إسماعيل قال حدثنا إبراهيم ابن سعد عن أبيه قال كان سعيد بن المسيب يقول لبرد ولاه : يا برد لا تكذب على كما كذب عكرمة على ابن عباس كل حديث حدثكموه يردعني مما تنكرون ليس معه فيه غيره فهو كذب[17] .
وكذلك عن ابن سيرين : كذاب ، وعن مالك بن أنس : كذاب ، وعن يحيى بن ذويب : كذاب .
فبعد ذلك تبين أن الرواة بين مخطئ مرمي بالإرجاء وبين ضعيف سيء الحفظ ومخطئ له أوهام وكذاب فهل يبقى للحديث أن نعمل به مع مخالفته للصحيح من الأحاديث التي تقول بأنها نزلت بأصحاب الكساء .
فتبين ضعف الأحاديث الدالة على اختصاص آية التطهير بنساء النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) .
والحمد لله ربِّ العالمين ....
[1] . اسباب النزول ، الواحدي ، ج 1 ، ص 239 .
[2] . تفسير ابن كثير ، ج 6 ، ص 410 .
[3] . لسان المحدثين ، ج 5 ، ممد خلف سلامة ، ص 217 .
[4] . تَدْريبُ الرَّاوِي في شَرْح تَقْريب النَّواوي ، عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي ، ج 1 ، ص 125 .
[5] . سورة الأعراف : آية : 3 .
[6] . سورة الحشر : آية 7 .
[7] . سورة الشورى : آية 10 .
[8] . سورة النساء : آية 59 .
[9] . سورة الأنفال : آية 46 .
[10] . مصطلح الحديث في سؤال وجواب ، الشيخ مصطفى العدوي ، ص 14 .
[11] . المختصر في أصول الحديث ، الشريف الجرجاني ، ص 4 .
[12] . رواة التهذيبين .
[13] . رواة التهذيبين .
[14] . رواة التهذيبين .
[15] . رواة التهذيبين .
[16] . العلل ومعرفة الرجال ، أحمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني ، ج 2 ، ص 71 .
[17] . المنتخب من ذيل المذيل ، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، ص 122 . ن آية التطهير
تعليق