متى يصل الحب فيك عشقا حد الكمال ؟
حيدر عاشور
روحي العاشقة ملتهبة بالحب وقلبي أصبح نبضه يتحدث بدقات علنية عن هيامه،ولا يحلو له أي ملاذ سوى الوصول إلى صورة الكمال في هذا العشق...واعترف بأن روحي المريضة في عشقها قد توغلت في هذا المرض الذي لا علاج له سوى الوصول إلى المعشوق، والسرد في حضرته عن كل ألامي وأوجاعي،حاولت أن اطرق كل الأبواب الخضر... بل طرقتها عن بعد وعن كثب ودخلت متأخرا إلى عالم العشق، وهامت روحي من جديد تبحث عن محبوب جديد وأينما يأتي نداء تبصره عيني أمرا جديدا وتتمسك به روحي من أول نداء، وتسعى إليه لاهثة وتقف عند محرابه.. تتلذذ بصوت الملائكة من حولها وهي ترسم بأصواتها حبا خالدا،وما أن أفيق من عشقي وهيامي أجد حولي أعدادا لا تحصى على شاكلتي ترنوا عيونهم باتجاه المعشوق يطلبون منه نظرة حب أو شعاع رحمة أو راحة ضمير أو أية علامة تؤكد صدق حبهم ليضمنوا لقائه بوجوه مبيضة وقلوب صافية سليمة. في عنفوان شبابي غلبتني الحياة وتمرد،وابتعد مسافات وحاولت أن أكون إنسانا ثان لا يعترف إلا بأشيائه المتحركة والتي تثير الباصرة وتدهش البصيرة ،حاولت أن أنسى ما بدأت به واستحوذ (ملاك الإغواء) على عقلي فهمت في بحور الأنا وتناسيت حبيبي، محاولا أن أتبختر عليه وأتكبر على عصامية مبادئه وعقائده وفكره الذي خلد منذ أن استباح الحاقدين دمه وقتلوا كل عاشق له ،فأي مفارقة هذه وأي جدلية تلك التي يعطى بها الدم قربانا للخلود..استعيد أحيانا ذاكرتي منذ كنت طفلا كيف تغذيت على كرامات أفعاله وشربت من ماء خادميه ذكرى ليوم عطشه الأكبر ،فينتفض الجسد الذي نمى على خيرات الحق وهو يحاول أن يكمل نصف دينه ليقول له :كيف تنسى من رباك على كرمه وانهلت من بئر كراماته ..فعزمت أن ادعوه ليكون شاهدا على عرسي ،فطارت روحي بجسدي إليه وانخفضت عيني أمام بابه وأطرقت راسي حتى لامس صدري فسمع صدى دقاته تلفظ اسمه بتكرار حتى أوجعت جوانحي.. فلم استطع أن ادعوه فبكيت من أعماقي وتوسلت أن يبارك خطواتي وأنا في حالة انكسار تام أمام حضرته. لم تمض أيامي سدى فقد حاربتني الحياة بقسوتها وأخذت مني زينة الحياة،وعاقبتني على ترك عشقي الأزلي...ورجعت إليه في خف حنين ودخلت الباب خادما بعد أن تطهر جسدي وعادت روحي لمكانها وقلبي ليقينه وعقلي لنوره وبصيرته..وجلست بين يديه دامع العينين عسى أن أنال الكمال في عشقه ..فجاءني نداءا من احد عشاقه ليقول لي:منحك الله كل شيء واخذ منك كل شيء ليجرب فيك مدى التزامك بمسيرة من أراده حبيبا لرسوله وهو يقدم حياته وحياة الأسرة النبوية قرابين لاستمرار دينه على الأرض، فكان من الخالدين بعطائه الرباني، وكان له من الملائكة والناس عاشقين.
تعليق