
جاء رجل يهودي في خلافه عمر بن الخطاب إلى عمر فسلم عليه ثم قال : أيكم اعلم بنبيكم وكتاب ربكم حتى أسأله عما اريد ؟ فأشار عمر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له اليهودي : أكذلك أنتة يا علي ؟ قال (عليه السلام) : نعم ، سل عما تريد ، قال : أني أسالك عن ثلاث وعن ثلاث وواحدة فقال (عليه السلام) : لِمَ لا تقول : إني أسألك عن سبع ؟ قال : أسألك عن ثلاث فإني أصبت فيهن سألتك عن الثلاث الاُخرى فإن أصبت سألتك عن الواحدة ، وإن أخطأت في الثلاث الاُلى لم أسألك عن شيء . فقال له علي (عليه السلام) : وما يدريك إذا سألتني فأجبتك أصبت أم أخطأت ؟ فضرب بيده الى كمه فاستخرج كتاباً عتيقاً قال : هذا ورثته عن آبائي وأجدادي إملاء موسى بن عمران (عليه السلام) وخط هارون ، وفيه الخصال التي أريدك أن أسألك عنها .
فقال له علي (عليه السلام) إن عليك إن اجبتك فيهن الصواب أن تُسلم ؟ فقال : والله لأن اجبتني فيهن بالصواب لأسلمن الساعة على يديك ، قال له علي (عليه السلام) سَلْ ، فقال : أخبرني عن أول حجر وضع على الأرض وأخبرني عن أول شجرة نبتت على وجه الارض ، وأخبرني عن أول عين نبعت على وجه الأرض ؟
فقال علي (عليه السلام) يا يهودي أما أول حجر وضع على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنها صخرة بيت المقدس وكذبوا ، ولكنه الحجر الأسود نزل به آدم (عليه السلام) من الجنة فوضعه في ركن البيت والناس يتمسحون به ويقبلونه ويجددون العهد والميثاق فيما بيهم وبين الله عز وجل ، قال اليهودي : أشهد بالله قد صدقت ، فقال علي (عليه السلام) وأما أول شجرة نبتت على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنها الزيتونة وكذبوا ، ولكنها النخلة من العجوة نزل بها آدم (عليه السلام) معه من الجنة فأصل النخل كله من العجوة ، قال اليهودي : أشهد بالله لقد صدقت ، فقال علي (عليه السلام) وأما أول عين نبعت على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنها العين التي نبعت تحت صخرة بيت المقدس وكذبوا ولكنها عين الحياة التي نسي عندها صاحب موسى السمكة المالحة ، فلما اصابها ماء العين عاشت وسربت فاتبعها موسى وصاحبه فلقيا الخضر قال اليهودي له : أشهد بالله لقد صدقت .
فقال علي (عليه السلام) سَلْ؟ قال : أخبرني عن هذه الأمة كم لها بعد نبيها اماماً عادل ؟ وأخبرني عن منزل محمد أين هو في الجنة ؟ ومن يسكن معه منزله ؟ قال له علي (عليه السلام) يا يهودي يكون لهذه الأمة بعد نبيها أثنا عشر اماماً عادلاً لا يضرهم خلاف من خالف عليهم ، قال اليهودي : أشهد بالله لقد صدقت ، وأما منزل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من الجنة في جنة عدن وهي وسط الجنان وأقربها الى عرش الرحمن جل جلاله .
قال له : أشهد بالله لقد صدقت فقال علي (عليه السلام) سَلْ ، فقال اليهودي : أخبرني عن وصي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من أهله وكم يعيش من بعده ؟ وهل يموت موتاً أو يقتل قتلاً ؟ فقال لع علي (عليه السلام) يا يهودي يعيش بعده ثلاثين سنة ويخضب منه هذه من هذا -وأشار الى رأسه- فوثب اليهودي اليه فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأنكَ وصي رسول الله (1) .
وكان هدفي من هذه المحادثة هو صدر الكلام الوارد في البداية "أيكم أعلم بنبيكم ..." فأحال عمر بن الخطاب اليهودي الى الإمام علي (عليه السلام) بعد أن عرفوا من أنفسهم العجز والفشل على الخوض في مثل هذه الحوارات بل ورد عن ..
معاوية بن أبي سفيان وهو العدو اللدود للإمام علي (عليه السلام) أنه أحال بعض السائلين إلى الإمام علي (عليه السلام) كما ذكر الطبرس حيث جاء رجل الى معاوية ليسأله فقال له معاوية : سَلْ علياً فهو أعلم ، فقال يا... جوابك أحب إلي من جواب علي ، قال : بئس ما قلت لقد كرهت رجلاً كان رسول الله يغزه بالعلم غزا ، ولقد قال له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا بني من بعدي ، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه (2) .
ومن جميع ما تقدم يتضح لكم أن علياً (عليه السلام) هو الأعلم والاقضى وقد أحال عليه الخلفاء النتقدمون ، فلا مجال لعكس ذلك بأي وحه ، وأني أتعجب من أهل السنة الذين يذهبون الى تفضيل الخلفاء على الإمام علي (عليه السلام) .
والحمد لله رب العالمين ....
1-زين الفتى في شرح سورة هلأتى للعاصمي ، ج1 الفصل الخامس ص305 رقم 218 ولكن لا يوجد في هذه النسخة عبارة (اثنا عشر إماماً عادلاً) .
2-ذخائر العقبى ص 79 ، 80 ، 81 ، 83 ، مكتبة المقدسي 1356هـ .
المصدر : كتاب الفرقة الناجية
تـأليف : العلامة السيد محمد الموسوي سلطان الواعظين السيد الشيرازي
تعليق