بسم الله الرحمن الرحيم
وصل الله على محمد واله المنتجبين
أخرج البخاري بسنده عن شريك بن عبد الله أنه قال :وصل الله على محمد واله المنتجبين
"حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني سليمان عن شريك بن عبد الله أنه قال سمعت أنس بن مالك يقول ثم ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة إنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم أيهم هو فقال أوسطهم هو خيرهم فقال آخرهم خذوا خيرهم فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه ثم بئر زمزم فتولاه منهم جبريل فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته حتى فرغ من صدره وجوفه فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه ثم أتى بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشوا إيمانا وحكمة فحشي به صدره ولغاد يده يعني عروق حلقه ثم أطبقه ثم عرج به إلى السماء الدنيا فضرب بابا من أبوابها فناداه أهل السماء من هذا فقال جبريل قالوا ومن معك قال معي محمد قال وقد بعث قال نعم قالوا فمرحبا به وأهلا فيستبشر به أهل السماء لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم فوجد في السماء الدنيا آدم فقال له جبريل هذا عليه ورد عليه آدم وقال مرحبا وأهلا بابني نعم الابن أنت فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان فقال ما هذان النهران يا جبريل قال هذا النيل والفرات عنصراهما ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب يده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك ثم عرج به إلى السماء الثانية فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى من هذا قال جبريل قالوا ومن معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قالوا وقد بعث إليه قال نعم قالوا مرحبا به وأهلا ثم عرج به إلى السماء الثالثة وقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية ثم عرج به إلى الرابعة فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به إلى السماء الخامسة فقالوا مثل ذلك ثم عرج به إلى السماء السادسة فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به إلى السماء السابعة فقالوا له مثل ذلك كل سماء فيها أنبياء قد سماهم فوعيت منهم إدريس في الثانية وهارون في الرابعة وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه وإبراهيم في السادسة وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله فقال موسى رب لم أظن أن ترفع علي أحدا ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى الله فيما أوحى إليه خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال يا محمد ماذا عهد إليك ربك قال عهد إلي خمسين صلاة كل يوم وليلة قال إن أمتك لا تستطيع ذلك فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت فعلا به إلى الجبار فقال وهو مكانه يا رب فإن أمتي لا تستطيع هذا فوضع عنه عشر صلوات ثم رجع إلى موسى فاحتبسه فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم احتبسه موسى ثم الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من هذا فضعفوا فتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبريل فرفعه ثم الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم فقال الجبار يا محمد قال لبيك وسعديك قال إنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب قال فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك فرجع إلى موسى فقال كيف فعلت فقال أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها قال موسى قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا موسى قد والله استحيت من ربي مما اختلفت إليه قال فاهبط باسم الله قال واستيقظ وهو في مسجد الحرام .[1]
انتقد هذا الحديث عدة من الحفاظ من عدة أوجه :
الأول :- عبارة قبل أن يوحى إليه والمعروف والمتيقن أنه رسول الله نزلت عليه الرسالة قبل الإسراء بعدة سنوات .
الثاني :- الموجود بالسماوات السابعة حسب المشهور منة الروايات الصحيحة أن الذي كان بالسماء السابعة هو سيدنا إبراهيم وليس سيدنا موسى كما بالحديث .
الثالث :- القرب والدنو مكانا من الله أي أشارة إلى المسافة بينه وبين الله واعتبروها عبارة شنيعة " ودنا الجبار رب العزة وتدلى " وقد أشار الحافظ في فتح الباري 17/413 حيث قال : (( قال الخطابي ليس في هذا الكتاب – يعني صحيح البخاري -= حديث أشنع مذاقا من هذا الفصل , فأنه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين آخر وتمييز مكان كل واحد منهما , هذا إلى ما في التدلي من التشبيه والتمثيل له بالشيء الذي تعلق من فوق إلى أسفل )) .
وقد علق على هذا الحديث الكثير من الحفاظ لتخريج حل لعلة هذا الحديث منهم ابن حجر والخطابي والنووي وغيرهم من غير جدوى .
أولا : رغبة الرسول للاستغفار لعبد الله بن أبي بن أبي سلول :-
" دثنا إسحاق بن إبراهيم قال قلت لأبي أسامة أحدثكم زائدة عن سليمان عن شقيق عن أبي مسعود الأنصاري قال ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالصدقة فيحتال أحدنا حتى يجيء بالمد وإن لأحدهم اليوم مائة ألف كأنه يعرض بنفسه باب استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم".[2]
يتبين من ذالك عدة امور:
أولا : كيف الرسول يقول أنا مخير وبعد ذلك يتبين أنه غير مخير .
ثانيا : كيف عرف عمر بالحكم وكان يجزم على انه لا يجوز حيث انه كان يأخذ بثوب رسول الله ليمنعه بالرغم من أنه لا يجوز لعمر هذا الفعل مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعد ذلك يتبين أن الرسول هو على خطأ وعمر على صواب حيث تنزل الآية مؤيدة ما قاله عمر وبهذا أما عمر شريك بالوحي أو انه يعلم بالحكم ورسول الله لا يعلم بالحكم .
ثالثا : كيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعي أنه مخير وبعد ذلك يتبين بطلان ما يدعيه .
ولذلك أنكر جماعة من كبار علماء مدرسة الخلفاء على هذا الحديث حيث أشار الى ذلك الحافظ في فتح الباري .[3] فقال : " أنكر القاضي أبو بكر ابن الطيب الباقلاني صحة الحديث , وقال : لا يجوز أن يقبل هذا , ولا يصح أن الرسول قاله .
ولفظ أبو بكر الباقلاني في التقريب
هذا الحديث من أخبار الآحاد التي لا يعلم ثبوتها . وقال إمام الحرمين الجويني في " مختصره " هذا الحديث غير مخرج في الصحيح . وقال في البرهان : لا يصححه أهل الحديث , وقال ابو حامد الغزالي في"المستصفى في علم الأصول " .[4] الأظهر أن هذا الخبر غير صحيح , وقال الداودي شارح كتاب الأصول : هذا الحديث غير محفوظ " .
وقال أبو حامد الغزالي وهو من كبار العلماء المتقدمين عن هذا الحديث في كتابه " المنخول " ص212 : كذب قطعا
وصل الله على محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين
------------------------------------------------------------. [1] صحيح البخاري :97 – كتاب التوحيد / 37 – باب ما جاء في قوله عز وجل وكلم اله موسى تكليما .
[2] صحيح البخاري : 65 – كتاب التفسير / سورة براءة / 122 – باب قوله (استغفر لهم أو لا تغفر لهم) ح4670، 4671 , 4672 .
[3] فتح الباري 8/338 .
[4] المستصفى في علم الأصول : 2/43 .
تعليق