كربلاء الحسين .... ارض مطهرة للذنوب
حيدر عاشور العبيدي
انعم الله عليّ معرفتك فزادني حبا وعشقا فيك...كلما اقترب منك أكثر أبحر في عمق فكرك وعقيدتك،وترتسم على قلبي المودة عنوانا يلازمني بين قديمي وجديدي..فكلما اسجد أمام بابك أتذكر الماضي فيقربني من محرابك خطوات وأذوت بك متوسل أن يمنحني الله عمرا أفي لكل من وضع يده على راسي في صغيري، وان انحني لكل إنسانا منحني صك معرفتك حينها كنت مريضا أعاني حالة لا يعرفها أي طبيب مهما بلغ علمه في الطب.. كان مريضي ليس عضويا، رغم شكلي وجسمي شيران إلى مرض داخلي فيّ،لم استرح منه إلا تحت قبتك وقرب محرابك هناك فقط كان ملاذي ونومي بهدوء حتى أمي كانت مدمنة حضرتك ،تركني بوجعي حيث أستريح وتهيم بعرفانيتها تحت فضاء المجاب تسّكنّ هناك ألامها وأوجاعها وجزعها...وقتها استضاء بريق كرامتك في صدر أمي، وأسلمت أمري إلى احد أحبائك،أول درس علمني أن يكون صباحي ضريحك..استهل منه شفائي، قارئا مصيبتك باكيا بجزع ما يحمله عقلي، من ما اسمعه من خطباء يتلون ما حال بينك وبين ماء الفرات،وما حفظته من عِبر وعبَرات، حتى نمى عودي وتشبع صدري وعقلي من جود كرمك...كانت حياتي عبارة عن تعاليم وتحذيرات وممنوعات ومحرمات حتى تشبع منها دمي ولحمي ،وكبرت بها وامتثلت بأوامرها وكل أفعالها تصب في خدمتك ... كان معلمي الأول يعشقك ،لم تشرق شمس على جسده إلا في حضرتك ...ولا يخلو بيته ومحل عمله من صندوق شراكة بينه وبينك وقد كتب عليه بالخط الواضح (صندوق الحسين عليه السلام) ،فكانت أرباحه يقسمها أربع أقسام :قسما للصندوق وقسما للفقراء والمساكين وقسما للعاملين معه والأخير يكون لجميع أفراد عائلته ،لم يتهاون يوما في توزيع أقسامه..لم يبق فقيرا في منطقته لا يعرفه ويعرف وقت توزيع ما تجود به نفسه ..كل عام وأنا تحت وصايته، تتزايد أرباحه ويفيض كرمه، ويقول بملأ فمه :هذا كرم مولاي (الحسين) ما خاب وخسر وخذل من شاركه في أمواله...تخرجت من بين يديه ،وشاء الله تعالى أن يغير الحال إلى أحسن حال ويختم عاقبة الكريم بخير، وهو يودع الحياة ليترك من خلفه جواهر من بنين وبنات سائرون على نهجه...وأكرمني الله بجزيل كرمه وجعلني من الذين يلتحقون في ركب سفينة العلم أنهل من فكر عقيدة الإمام الوافية والعظيمة، التي من اجلها اخضرت ارض كربلاء بدمائه الزكية، وأصبحت روضة من رياض الجنة يهوى إليها الموالون من كل بقاع الأرض...ليطهروا أنفسهم من ملوثات الحياة ...فكربلاء الحسين كانت ولا تزال المكان والزمان اللذان يبدأ منهما الإنسان كلما غرق في الذنوب والهموم...
تعليق