علي ( عليه السلام ) والجهاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وشفيعنا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين واللعن الأبدي الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين
وبعد:
الإسلام هو الدين الوحيد الذي يحافظ على الأمن والسلام , وهو الذي يحافظ على النفوس والأموال والحقوق أكثر من أي دين آخر , وأبغض شيء عند الإسلام هو إراقة دماء البشر وسلبهم نعمة الحياة بغير حق , ولكن الشرع والعقل والقانون يسمح بإراقة دم كل من يقف حجر عثرة في سبيل إسعاد أبناء البشر .
مثلاً بلدة ليس فيها طبيب ولا دواء , وقد انتشرت فيهم الأمراض وأخذت منهم كل مأخذ , فجاء طبيب يداوي المرض ويهب لهم الدواء مجاناً وبلا عوض , ويصلح كل ما فسد ويعيد أليهم ما فقدوه من الصحة والعافية والسلامة ليعيشوا سعداء أصحاء .
وإذا بجماعة يحولون بين الطبيب وبين تداوي الناس ويحاربونه بكل ما لديهم من قوة ليحطوا من نشاط الطبيب , وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً , وكلما صاح فيهم الطبيب وصرخ وذكر لهم الهدف الذي يبتغيه لأجلهم وهو الخير ازدادوا عناداً , وجعلوا يهددون المرضى – الذين قد تحسنت صحتهم ولمسوا العافية من نصائح الطبيب – بالوعيد , وكأن هؤلاء لا يعجبهم أن يروا السلامة والصحة تخيمان على رؤوس المرضى .
أليس هؤلاء أشد خطراً من الأمراض الفتاكة التي تهدد البشر بالفناء ؟
فالمريض هو المجتمع الجاهلي الفاسد , والطبيب هو الرسول , والمهرجون الذين هم المناوئون للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) , على هذا أمر الإسلام بجهاد المشركين والكفار الذين حاربوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم كان في مكة وهجموا عليه ليقتلوه وكفاه الله شرهم , واضطر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يترك مسقط رأسه ويهاجر من وطنه كي يستطيع الاستمرار في الدعوة إلى مبدئه وإذا بالأعداء يطاردونه , وتتحزب الأحزاب ضده , ويستعين بعضهم ببعض للقضاء على الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ومبدئه وعلى كل من اعتنق ذلك الدين الذي اعتبروه ديناً جديداً .
ولا بد للرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقف أمام هؤلاء للدفاع عن نفسه ومبدئه فهو بحاجة ماسة إلى الأنصار والأعوان ليقاوم بهم أعداءه الألداء , وهم – الأنصار – أصحابه الذين أسلموا على يديه وهاجروا من مكة , وفيهم الشيوخ والكهول والشبان والمراهقون , وقد امتلأوا حباً للأسلام وتسلحوا بسلاح الإيمان الذي هو أقوى سلاح .
ولكن غريزة حب الحياة ما فارقتهم في بدء الأمر , فمن الصعب المستصعب عليهم أن يخوضوا غمار الموت , ويستقبلوا السيوف والرماح وخاصة وأنهم الأقلون عدداً وعدة وعدوهم هو الأكثر عدداً وعدة . وقعت الحرب الأولى للمسلمين في منطقة بين المدينة ومكة يقال لها :
" بدر " فقد خرج الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بجيشه إلى ذلك الموضع واستقبل المشركين الذين قصدوه من مكة , وفي بدر التقى العسكران وكان عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً , وعدد المشركين بين التسعمائة والألف وقد اجتمع مشركو مكة وكفارها , وفيهم أقطاب الشرك كأبي جهل وأبي سفيان , وهم يزعمون أن الغلبة لهم والنصر والظفر من نصيبهم , ولكن الله أراد شيئاً آخر , فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله .
وكان علي ( عليه السلام ) له الحظ الأوفر والنصيب الأكثر من الشجاعة ومقاتلة الأبطال ومنازلة الشجعان , ولا أقصد من كلمتي هذه أن علياً(عليه السلام) كان سفاكاً للدماء , بل المقصود : أن إيمان علي ( عليه السلام ) بالله كان فوق كل غريزة وكل اتجاه , مع العلم أنه كان يومذاك في ريعان الشباب , والشاب أكثر تعلقاً بالحياه , من الشيخ الذي قضى وطره من حياة الدنيا , مع ذلك لم يكن علي ( عليه السلام ) يعرف للخوف معنى , ولا لجبن مفهوماً في نفسه , بل كان يستقبل الموت برحابة صدر ويهرول في الحرب جانب العدو كأنه يقصد شيئاً يحبه حتى أجمع المسلمون وغير المسلمين أن علياً أشجع العرب والعجم , ولم يشهد التاريخ له مثيلاً ونظيراً فضلاً من أن يرى أشجع منه .
وهذه نبذة من غزوات الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) التي حضرها الإمام . وكان نصيبه من الجهد والعناء أكثر من غيره , ولم يسلم علي(عليه السلام) من سهام الأعداء وسيوفهم , بل كانت الجراحات تأخذ من مقاديم بدنه كل مأخذ , ولو لا حفظ الله وعنايته لكان علي من المقتولين في تلك الحروب .
قال ابن أبي الحديد :
وأما الجهاد في سبيل الله فمعلوم عند – صديقه وعدوه – أنه سيد المجاهدين وهل الجهاد لأحد من الناس إلا له ؟ وقد عرفت أن أعظم غزوة غزاها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأشدها نكاية في المشركين : بدر الكبرى التي قتل فيها سبعون من المشركين , قتل علي نصفهم , وقتل المسلمون والملائكة النصف الآخر , وإذا رجعت إلى مغازي محمد بن عمر الواقدي تاريخ
الأشراف ليحيى بن جابر البلاذري وغيرهما علمت صحة ذلك , دع من قتله في غيرها كأحد والخندق وغيرهما . . .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
يتبع انشاء الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وشفيعنا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين واللعن الأبدي الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين
وبعد:
الإسلام هو الدين الوحيد الذي يحافظ على الأمن والسلام , وهو الذي يحافظ على النفوس والأموال والحقوق أكثر من أي دين آخر , وأبغض شيء عند الإسلام هو إراقة دماء البشر وسلبهم نعمة الحياة بغير حق , ولكن الشرع والعقل والقانون يسمح بإراقة دم كل من يقف حجر عثرة في سبيل إسعاد أبناء البشر .
مثلاً بلدة ليس فيها طبيب ولا دواء , وقد انتشرت فيهم الأمراض وأخذت منهم كل مأخذ , فجاء طبيب يداوي المرض ويهب لهم الدواء مجاناً وبلا عوض , ويصلح كل ما فسد ويعيد أليهم ما فقدوه من الصحة والعافية والسلامة ليعيشوا سعداء أصحاء .
وإذا بجماعة يحولون بين الطبيب وبين تداوي الناس ويحاربونه بكل ما لديهم من قوة ليحطوا من نشاط الطبيب , وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً , وكلما صاح فيهم الطبيب وصرخ وذكر لهم الهدف الذي يبتغيه لأجلهم وهو الخير ازدادوا عناداً , وجعلوا يهددون المرضى – الذين قد تحسنت صحتهم ولمسوا العافية من نصائح الطبيب – بالوعيد , وكأن هؤلاء لا يعجبهم أن يروا السلامة والصحة تخيمان على رؤوس المرضى .
أليس هؤلاء أشد خطراً من الأمراض الفتاكة التي تهدد البشر بالفناء ؟
فالمريض هو المجتمع الجاهلي الفاسد , والطبيب هو الرسول , والمهرجون الذين هم المناوئون للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) , على هذا أمر الإسلام بجهاد المشركين والكفار الذين حاربوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم كان في مكة وهجموا عليه ليقتلوه وكفاه الله شرهم , واضطر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يترك مسقط رأسه ويهاجر من وطنه كي يستطيع الاستمرار في الدعوة إلى مبدئه وإذا بالأعداء يطاردونه , وتتحزب الأحزاب ضده , ويستعين بعضهم ببعض للقضاء على الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ومبدئه وعلى كل من اعتنق ذلك الدين الذي اعتبروه ديناً جديداً .
ولا بد للرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقف أمام هؤلاء للدفاع عن نفسه ومبدئه فهو بحاجة ماسة إلى الأنصار والأعوان ليقاوم بهم أعداءه الألداء , وهم – الأنصار – أصحابه الذين أسلموا على يديه وهاجروا من مكة , وفيهم الشيوخ والكهول والشبان والمراهقون , وقد امتلأوا حباً للأسلام وتسلحوا بسلاح الإيمان الذي هو أقوى سلاح .
ولكن غريزة حب الحياة ما فارقتهم في بدء الأمر , فمن الصعب المستصعب عليهم أن يخوضوا غمار الموت , ويستقبلوا السيوف والرماح وخاصة وأنهم الأقلون عدداً وعدة وعدوهم هو الأكثر عدداً وعدة . وقعت الحرب الأولى للمسلمين في منطقة بين المدينة ومكة يقال لها :
" بدر " فقد خرج الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بجيشه إلى ذلك الموضع واستقبل المشركين الذين قصدوه من مكة , وفي بدر التقى العسكران وكان عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً , وعدد المشركين بين التسعمائة والألف وقد اجتمع مشركو مكة وكفارها , وفيهم أقطاب الشرك كأبي جهل وأبي سفيان , وهم يزعمون أن الغلبة لهم والنصر والظفر من نصيبهم , ولكن الله أراد شيئاً آخر , فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله .
وكان علي ( عليه السلام ) له الحظ الأوفر والنصيب الأكثر من الشجاعة ومقاتلة الأبطال ومنازلة الشجعان , ولا أقصد من كلمتي هذه أن علياً(عليه السلام) كان سفاكاً للدماء , بل المقصود : أن إيمان علي ( عليه السلام ) بالله كان فوق كل غريزة وكل اتجاه , مع العلم أنه كان يومذاك في ريعان الشباب , والشاب أكثر تعلقاً بالحياه , من الشيخ الذي قضى وطره من حياة الدنيا , مع ذلك لم يكن علي ( عليه السلام ) يعرف للخوف معنى , ولا لجبن مفهوماً في نفسه , بل كان يستقبل الموت برحابة صدر ويهرول في الحرب جانب العدو كأنه يقصد شيئاً يحبه حتى أجمع المسلمون وغير المسلمين أن علياً أشجع العرب والعجم , ولم يشهد التاريخ له مثيلاً ونظيراً فضلاً من أن يرى أشجع منه .
وهذه نبذة من غزوات الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) التي حضرها الإمام . وكان نصيبه من الجهد والعناء أكثر من غيره , ولم يسلم علي(عليه السلام) من سهام الأعداء وسيوفهم , بل كانت الجراحات تأخذ من مقاديم بدنه كل مأخذ , ولو لا حفظ الله وعنايته لكان علي من المقتولين في تلك الحروب .
قال ابن أبي الحديد :
وأما الجهاد في سبيل الله فمعلوم عند – صديقه وعدوه – أنه سيد المجاهدين وهل الجهاد لأحد من الناس إلا له ؟ وقد عرفت أن أعظم غزوة غزاها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأشدها نكاية في المشركين : بدر الكبرى التي قتل فيها سبعون من المشركين , قتل علي نصفهم , وقتل المسلمون والملائكة النصف الآخر , وإذا رجعت إلى مغازي محمد بن عمر الواقدي تاريخ
الأشراف ليحيى بن جابر البلاذري وغيرهما علمت صحة ذلك , دع من قتله في غيرها كأحد والخندق وغيرهما . . .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
يتبع انشاء الله تعالى