صحة الوقف والإبتداء بـ(كلا):
ليس واجباً شرعياً أن نهتم بمعرفة الوقف والإبتداء بـ(كلا)
فالأمرلايتعدى أن يكون واجباً فنياً لمن يهتم بالتجويد وفرعه الوقف والإبتداء،
وكانت(كلا)التي وقعت في القرآن الكريم في ثلاثة وثلاثين موضعاً؛
موضع اهتمام العلماء، واختلفوا في صحة الوقف عليها أو الإبتداء بها،
((فمنهم من أجاز الوقف عليها مطلقاً ومنهم من منع الوقف عليها مطلقاً ومنهم من فصل فوقف على بعضها لمعنى ومنع الوقف على بعضها لمعنى آخر وهو اختيارعامة أهل الأداء))(التمهيد لابن الجزري).
وكان أبرز من كتب عنها مكي في رسالته(كلا ونعم وبلى) ووضع لها معاني وتبريرات.
وتأتي(كلا) وفق هذه المعاني:
1- بمعنى النفي أو الزجرلما قبلها والتقدير: ليس الأمر كذلك.
.2 - بمعنى (حقا) تأكيداً لما بعدها.
3- بمعنى(ألا)الاستفتاحية.
4- وقد تجمع جوازالمعنيين(حقا وألا).
5- وتكون على معنى(ألا)فقط إذا جاء بعد كلا إن المكسورة الهمزة.
والخلاصة في صحة الوقف عليها والإبتداء بها:
1 - يحسن الوقف على (كلا)إذا كانت بمعنى الردع أو الزجر.
2- يحسن الابتداءبـ(كلا) إذا كانت بمعنى(حقا- أو ألا الاستفتاحية).
وقسمهاالعلماء إلى أربعة أقسام:
- قسم يحسن الوقف عليها على معنى، ويجوز الإبتداء بها على معنى آخر وذلك في أحد عشر موضعاً، منها:
في سورة مريم الآية/78-79 قال تعالى(( أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهداً* كلا*سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مداً))
فهنا يحسن الوقف على(كلا)وذلك بمعنى الردع والزجر ومعناها:
فليرتدع هذا الكافر عن التفوه بمثل هذا فانه لم يطلع الغيب ولم يتخذ عند الله عهداً، كمايجوز الإبتداء بـ(كلا) على معنى( حقاً سنكتب مايقول..).
وفي سورة المعارج الآية/11-15((..يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه* وصاحبته وأخيه*وفصيلته التي تؤويه*ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه*كلا إنهالظى))
هنا يحسن الوقف على كلا على معنى: فليرتدع هذا المجرم عن تمنيه الفداء من العذاب، ويجوز الإبتداء بها على معنى: ألا إنها لظى.
وإذا جاءت بعد كلا إن المكسورة الهمزة فلا يبتدأ بها على معنى حقاً ويجوز الإبتداء بها على معنى ألا، نحو قوله تعالى:
في سورة المؤمنون الآية/99-100(( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون*لعلي أعمل صالحاً فيما تركت*كلا* إنها كلمة هو قائلها..))
فيحسن الوقف على(كلا)على معنى الردع أي:
فليرتدع هذا الكافر عن طلب الرجوع إلى الدنيا ويجوز الإبتداء بها على معنى ألا.
- وقسم لايحسن الوقف عليها ولكن يحسن الابتداء بها، وذلك في ثمانية عشرموضعاً، منها:
في سورة المدثرالآية/31-32(( وماهي إلا ذكرى للبشر*كلا والقمر))
فهنا لايحسن الوقف على كلا لئلا يوهم الوقف رد ماقبلها فكأنها ليست ذكرى للبشر ويحسن الإبتداء بها على معنى: حقاً والقمر أو ألا والقمر.
ولكن لايجوز الإبتداء بـ(كلا) إن كسرت الهمزة بعدها نحو:
في سورة المطففين الآية/7 ((يوم يقوم الناس لرب العالمين *كلا إن كتاب الفجار لفي سجين))
لانقف على كلا هنا لئلا يوهم الوقف نفي قيام الناس لرب العالمين كما يجوز الإبتداء بها بمعنى ألا.
- والقسم الثالث لايحسن الوقف عليها ولا الابتداء بها بل توصل بما قبلها وبما بعدها وذلك في موضعين:
الأول في سورة النبأ الآية/5 قال تعالى((ثم كلا سيعلمون)) فهنا لايحسن الوقف على كلا لئلا يوهم نفي ما مضى من الوعيد والتهديد ونفي وقوع العلم منهم،
كما لا يحسن الإبتداء بها لأن قبلها حرف عطف.
والثاني في سورة التكاثر آية/4 قال تعالى(( ثم كلا سوف تعلمون))
لا يحسن الوقف عليها لئلا يوهم نفي الوعيد والتهديد،
كما لا يحسن الابتداء بها لأن ما قبلها حرف العطف ولا يوقف عليها دون المعطوف.- والقسم الرابع يحسن فيه الوقف على كلا ولايجوز الإبتداء بها بل توصل بما قبلها وذلك في موضعين:
الأول في سورة الشعراء آية/15 ((قال رب إني أخاف أن يكذبون* ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ولهم عليّ ذنب فأخاف أن يقتلون*قال كلافاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون))
يحسن الوقف عليها على معنى: ليس الأمر كما تقول فلن يصلوا إليك ويقتلوك،
ولكن لا يصح الإبتداء بـ(كلا) لأنها وما بعدها من مقول القول ولكن يبتدأ
بها على معنى: قال حقاً فاذهبا بآياتنا أو قال ألا فاذهبا بآياتنا.
والثاني أيضاَ في الشعراء آية/62 قال تعالى((فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون*قال كلا إن معي ربي سيهدين))
هنا يحسن الوقف عليها على معنى الردع أي ليس الأمر كما تظنون فلن يدرككم فرعون فالله وعدنا بالهداية والظفر، ولا يبتدأ بها لأنه لا يجوز الفصل بين القول ومقوله لكن يصح الإبتداء بـ((قال كلا إن معي ربي سيهدين))
لا على معنى: حقاً، وذلك لمجئ (إن) المكسورة الهمزة بعدها.
والحمد لله أنزل القرآن عربياً غير ذي عوج..
تعليق