بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
وهي ان يذكر الغير بما يكرهه لو بلغه. سواء كان ذلك بنقص في بدنه او في اخلاقه او في اقواله، او في افعاله المتعلقة بدينه ودنياه ،بل وان كان بنقص في ثوبه او داره او دابته .
وهي من أشدّ الأمراض الخُلُقية والمُفْسِدات النَّفْسيَّة التي تذهب بدين صاحبها، ورد عن الإمام الكاظم أنَّه قال: «ملعون مَنْ اغتاب أخاه».
يقول الشهيد السعيد في «كشف الريبة» حول تعريف الغيبة أنَّها «ذكر الإنسان حال غَيْبته بما يكره نِسْبته إليه، ممَّا يُعدُّ نُقْصاناً في العرف، بقصد الانتقاص والذمّ».
وقيل إنَّها: «ذكر العيب بظهر الغيب».
وبذلك يُمكن وقوع الغيبة بالقول كما هو الغالب ولأنَّه أسهل من غيره، كما يُمكن وقوعها بالكتابة أو الحكاية وغيرها من طرق التفهيم.
ورد في وصيَّة سيدنا رسول الله (ص) لأبي ذرّ عندما سأله عن الغيبة، قال: «ذِكْرك أخاك بما هو فيه، فقد اغتَبْتَه، وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهتَّه».
وفي حديث آخر عنه «هل تدرون ما الغيبة؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره».
والأخبار والآثار في ذلك كثيرة، كلُّها تُشير إلى أنَّ الغيبة فاحشة عظيمة وأنَّ الإصرار عليها يمحق الإيمان، من هنا حرمة إظهار عيوب المؤمنين المستورة أكانت خَلْقِية أَم خُلُقية، خاصةً أنَّ بعضها من نوع إشاعة الفاحشة بين المؤمنين أو استهانتهم بارتكاب المعاصي والعياذ بالله سبحانه.
و الغيبة من المعاصي المُهْلكة المحرمة التي يُمكنُ أن تُحبط عمل سنين بأيَّامها ولياليها، وهي كَمَنْ يجمع حطبه لسنين ويحرقهم في ساعة!
ويكفي المشهد المقزِّز الذي صوَّره القرآن الكريم للمغتاب فجعله كالكلب المسعور الذي ينهش لحم أخيه في حال موته وهو لا يملك من نفسه شيئاً.
قال الله جلَّ جلاله: {ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه}..
ونهى رسول الله (ص) عن الغيبة قال: «مَنْ اغتاب امرءاً مسلماً بَطَلَ صومُهُ، ونُقض وضوءه، وجاء يومَ القيامة يفوح من فيه رائحةٌ أنتنُ من الجيفة، يتأذَّى به أهلُ الموقف، وإن مات قبل أن يتوبَ، مات مستحلاًّ لما حرَّمَ الله عزَّ وجلّ».
وقال رسول الله (ص) : «مررتُ ليلة أُسريَ بي على قوم يخمشون وجوهَهُمْ بأظافيرهم، فقلتُ: يا جبرئيل! ما هؤلاء؟ قال هؤلاء الَّذين يغتابون الناس، ويقعون في أعراضهم».
والغيبةُ من الذنوب الكبرى، لأنَّها مسٌّ بحقوق الله تعالى، وحقوق الناس أيضاً، ولا يغفر الله للمغتاب حتى يرضى صاحبُ الغيبة.
ورد عن النبي في وصيَّته لأبي ذرّ «يا أبا ذرّ إيَّاك والغيبة، فإنَّ الغيبة أشدُّ من الزنا، قلتُ: ولمَ ذاك يا رسول الله (ص)؟ قال: لأنَّ الرجلَ يزني فيتوبُ إلى الله؛ فيتوبُ الله عليه، والغيبةُ لا تُغفرُ حتى يغفرَها صاحبُها».
أمَّا مصيرُ المغتاب، فيكفيك للموعظة والاعتبار ما رُوي عن النبي «يؤتى بأحدٍ يومَ القيامةِ، يوقفُ بين يدي الربِّ عزَّ وجلّ، ويُدْفعُ إليه كتابُهُ، فلا يرى حسناتِهِ فيه، فيقولُ إلهي ليس هذا كتابي فإنِّي لا أرى فيه حسناتي، فيُقالُ له إنَّ ربَّكَ لا يضلُّ ولا ينسى، ذهب عملُك باغتياب الناس، ثم يؤتى بآخرَ ويُدفعُ إليه كتابُهُ فيرى فيه طاعاتٍ كثيرةً، فيقولُ إلهي ما هذا كتابي، فإنِّي ما عملتُ هذه الطاعات، فيُقالُ له: إنَّ فُلاناً اغتابَك، فدُفِعَتْ حسناتُهُ إليك».
و من الآثار الخطيرة للغيبة أنَّها تفتك بالمجتمع الإسلامي وتجعله جماعات تنشغل ببعضها متربِّصة ومتوثِّبة ممَّا يُؤدِّي إلى الوهن والضَّعف وسرعة دخول الأعداء إلى صفوفنا.
رُوي أنَّ الإمام الصادق كان يقول لأصحابه: «اتَّقوا الله وكونوا إخوةً بررةً في الله مُتواصلين متراحمين، تزاورُوا وتلاقوا وتذاكروا أَمْرَنا وأحيُوهُ».
وعنه أنَّه قال: «تواصَلُوا وتبارُّوا وتراحموا، وكونوا إخوةً بررةً، كما أمركُمُ الله عزَّ وجل».
فكلُّ ما يؤدّي للأُخُوَّةِ والمحبة، يكونُ مرغوباً، وكلُّ ما يؤدّي للتمزّق والتناحر، يكون مبغوضاً مذموماً... وواضحٌ أنَّ الغيبة سببٌ للحسد والعداوة والبُغض، وتؤدّي إلى تدمير المجتمع والفساد.
من هنا يجب على كلِّ مسلم غيورٍ على نفسه وأهل دينه ومجتمعه، أن يبتعد عن هذه الرذيلة، ويُبْعدِ النَّاسِ عنها، ويقطعَ أساسها عن مجتمع المسلمين.
كما يجب نهيُ الآخرين عن فعلها، وهذا بذاته واجب مستقل، وإن غفل عنه أكثر النَّاس أو تهاونوا به.
والحمدلله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
المصادراللهم صل على محمد وال محمد
وهي ان يذكر الغير بما يكرهه لو بلغه. سواء كان ذلك بنقص في بدنه او في اخلاقه او في اقواله، او في افعاله المتعلقة بدينه ودنياه ،بل وان كان بنقص في ثوبه او داره او دابته .
وهي من أشدّ الأمراض الخُلُقية والمُفْسِدات النَّفْسيَّة التي تذهب بدين صاحبها، ورد عن الإمام الكاظم أنَّه قال: «ملعون مَنْ اغتاب أخاه».
يقول الشهيد السعيد في «كشف الريبة» حول تعريف الغيبة أنَّها «ذكر الإنسان حال غَيْبته بما يكره نِسْبته إليه، ممَّا يُعدُّ نُقْصاناً في العرف، بقصد الانتقاص والذمّ».
وقيل إنَّها: «ذكر العيب بظهر الغيب».
وبذلك يُمكن وقوع الغيبة بالقول كما هو الغالب ولأنَّه أسهل من غيره، كما يُمكن وقوعها بالكتابة أو الحكاية وغيرها من طرق التفهيم.
ورد في وصيَّة سيدنا رسول الله (ص) لأبي ذرّ عندما سأله عن الغيبة، قال: «ذِكْرك أخاك بما هو فيه، فقد اغتَبْتَه، وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهتَّه».
وفي حديث آخر عنه «هل تدرون ما الغيبة؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره».
والأخبار والآثار في ذلك كثيرة، كلُّها تُشير إلى أنَّ الغيبة فاحشة عظيمة وأنَّ الإصرار عليها يمحق الإيمان، من هنا حرمة إظهار عيوب المؤمنين المستورة أكانت خَلْقِية أَم خُلُقية، خاصةً أنَّ بعضها من نوع إشاعة الفاحشة بين المؤمنين أو استهانتهم بارتكاب المعاصي والعياذ بالله سبحانه.
و الغيبة من المعاصي المُهْلكة المحرمة التي يُمكنُ أن تُحبط عمل سنين بأيَّامها ولياليها، وهي كَمَنْ يجمع حطبه لسنين ويحرقهم في ساعة!
ويكفي المشهد المقزِّز الذي صوَّره القرآن الكريم للمغتاب فجعله كالكلب المسعور الذي ينهش لحم أخيه في حال موته وهو لا يملك من نفسه شيئاً.
قال الله جلَّ جلاله: {ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه}..
ونهى رسول الله (ص) عن الغيبة قال: «مَنْ اغتاب امرءاً مسلماً بَطَلَ صومُهُ، ونُقض وضوءه، وجاء يومَ القيامة يفوح من فيه رائحةٌ أنتنُ من الجيفة، يتأذَّى به أهلُ الموقف، وإن مات قبل أن يتوبَ، مات مستحلاًّ لما حرَّمَ الله عزَّ وجلّ».
وقال رسول الله (ص) : «مررتُ ليلة أُسريَ بي على قوم يخمشون وجوهَهُمْ بأظافيرهم، فقلتُ: يا جبرئيل! ما هؤلاء؟ قال هؤلاء الَّذين يغتابون الناس، ويقعون في أعراضهم».
والغيبةُ من الذنوب الكبرى، لأنَّها مسٌّ بحقوق الله تعالى، وحقوق الناس أيضاً، ولا يغفر الله للمغتاب حتى يرضى صاحبُ الغيبة.
ورد عن النبي في وصيَّته لأبي ذرّ «يا أبا ذرّ إيَّاك والغيبة، فإنَّ الغيبة أشدُّ من الزنا، قلتُ: ولمَ ذاك يا رسول الله (ص)؟ قال: لأنَّ الرجلَ يزني فيتوبُ إلى الله؛ فيتوبُ الله عليه، والغيبةُ لا تُغفرُ حتى يغفرَها صاحبُها».
أمَّا مصيرُ المغتاب، فيكفيك للموعظة والاعتبار ما رُوي عن النبي «يؤتى بأحدٍ يومَ القيامةِ، يوقفُ بين يدي الربِّ عزَّ وجلّ، ويُدْفعُ إليه كتابُهُ، فلا يرى حسناتِهِ فيه، فيقولُ إلهي ليس هذا كتابي فإنِّي لا أرى فيه حسناتي، فيُقالُ له إنَّ ربَّكَ لا يضلُّ ولا ينسى، ذهب عملُك باغتياب الناس، ثم يؤتى بآخرَ ويُدفعُ إليه كتابُهُ فيرى فيه طاعاتٍ كثيرةً، فيقولُ إلهي ما هذا كتابي، فإنِّي ما عملتُ هذه الطاعات، فيُقالُ له: إنَّ فُلاناً اغتابَك، فدُفِعَتْ حسناتُهُ إليك».
و من الآثار الخطيرة للغيبة أنَّها تفتك بالمجتمع الإسلامي وتجعله جماعات تنشغل ببعضها متربِّصة ومتوثِّبة ممَّا يُؤدِّي إلى الوهن والضَّعف وسرعة دخول الأعداء إلى صفوفنا.
رُوي أنَّ الإمام الصادق كان يقول لأصحابه: «اتَّقوا الله وكونوا إخوةً بررةً في الله مُتواصلين متراحمين، تزاورُوا وتلاقوا وتذاكروا أَمْرَنا وأحيُوهُ».
وعنه أنَّه قال: «تواصَلُوا وتبارُّوا وتراحموا، وكونوا إخوةً بررةً، كما أمركُمُ الله عزَّ وجل».
فكلُّ ما يؤدّي للأُخُوَّةِ والمحبة، يكونُ مرغوباً، وكلُّ ما يؤدّي للتمزّق والتناحر، يكون مبغوضاً مذموماً... وواضحٌ أنَّ الغيبة سببٌ للحسد والعداوة والبُغض، وتؤدّي إلى تدمير المجتمع والفساد.
من هنا يجب على كلِّ مسلم غيورٍ على نفسه وأهل دينه ومجتمعه، أن يبتعد عن هذه الرذيلة، ويُبْعدِ النَّاسِ عنها، ويقطعَ أساسها عن مجتمع المسلمين.
كما يجب نهيُ الآخرين عن فعلها، وهذا بذاته واجب مستقل، وإن غفل عنه أكثر النَّاس أو تهاونوا به.
والحمدلله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
جامع السعادات للشيخ محمد مهدي النراقي
في طريق السالكين - السيد سامي خضرة
تعليق