والتقى النهرين
كان دجلة والفرات نهران كل سمع بمحاسن الاخر ولكن احدا لم يلتقي بالأخر ، يسير دجلة
وهو سارحا في فكره يحلم برؤية الفرات ويصور له اروع الصور لأمواجه والنخيل التي
تنتشر على جانبيه كأمواج حورية فاتنة ،وحال الفرات لا يختلف كثيرا فهو الاخر قد ظمأ من فراته وحلم بمياه دجلة لترويه .
وعند بغداد يغير الفرات طريقا شرقيا فعسى ان يلقى دجلةاو ان يلمحه على الاقل وكذا فعل دجلة ، وفي نصف الطريق
يسير دجلة حائرا تعبا من الفراق و أذ هو بالفرات على الجانب الاخر تعلو امواجه ملوحا له لقد رأى ذلك النهرالشامخ والفرات يلوح له بأمواجه ويوجه بصره نحوه بكل قواه فلا يريد ان يضيع لحظة دون ان يكون دجلة امامه ولكنه لم يرتوي من دجلة لان البساتين قطعت طريقهما مما اضطرهما ان يسيرا بتجاهين متعاكسين ،فلا يدري دجلة أيبكي حزنا على الفراق الذي حل به ام يستعيد صور الفرات بشموخه فيعلو به حبا وولعا .
في المساء يسكن كل شىء الا الفرات فأمواجه تتضارب وهوحائرا أين ضيع محبوبه واين سيلقاه مرة اخرى ،سار الفرات طويلا وهو وحيد ونزلت مياهه حزنا على دجلة ،كاد يفقد الامل ، الحب الذي كان يرتوي منه اصبح مستحيلا اوشبه مستحيل وكذا حال دجلة الذي لم يشرب منه ظمآن الا زاد ظمأه للحزن الذي امتزج بمياهه على الفرات كان مفترضا ان يسيردجلة بتجاه ايران والفرات بتجاه السعودية ويفترقا الى الابد الا ان الورود وهي سيدة العشق عرفت ولع كل منهما بالاخر فقررت ان تجمعهما معا ونبتت بطريق دجلة وطريق الفرات فغير كل منها طريقه ودون ان يعلما وجدا نفسيهما يصبان معا في شط واحد كانا يتعانقان ويرتويان من بعضهما هذه قصة نهرين عاشقين تنتشر الورود على جانبيهما. في بلدا ارتوى من عشقهما
الاخوة والوحدة وابى ان لا تفرقه المصاعب
تعليق