بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
إن لنظرية عدالة الصحابة اليوم صدى واسع وأثر كبير في الوسط الإسلامي اليوم .فبين مؤيدٍ لعدالة جميع الصحابة ومنهم من يتعصب ويدافع عنها دفاعاً شديداً ومنهم من لا يؤمن بهذه النظرية بل يؤمن بمن مدحه القرآن والنبي الكريم ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ويكفّر من ذمه ولعنه القرآن والنبي الكريم . وصلّى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
ومما يسند القول الثاني - وهو قول الإمامية وغير المتعصبين من بقية المذاهب – ورود الذم لبعض الصحابة في كتب الصحاح والمسانيد وهي الكتب الحديثية المعتبرة عند أهل السنة والجماعة . ومن هذه الكتب وأهمها كتاب صحيح مسلم والذي يعتبرونه أصح الكتب بعد القرآن الكريم وصحيح البخاري وفي هذا الكتاب نجد ما يصرح بذم الصحابة ولو دققنا فيه لوجدنا فيه ما يدل على كفر بعض الصحابة كما مرَّ في مشاركتي السابقة في عدالة الصحابة . وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً ...
ومن الموارد التي تدل على ذم بعض الصحابة ما جاء في صحيح مسلم حول معاوية :
1- عن أبي سعيد الخدري : أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا جَعَلَ نِصْفَ الصَّاعِ مِنَ الْحِنْطَةِ عِدْلَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ لاَ أُخْرِجُ فِيهَا إِلاَّ الَّذِي كُنْتُ أُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- صَاعاً مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ .
نلاحظ هنا أن معاوية خالف رسول الله في الزكاة مع علمه بالمخالفة ومن أفتى بغير علمٍ فليتبوأ مقعده من النار .
وكذلك ما جاء في صحيح مسلم أيضاً من تشريع صيام يوم عاشوراء باعترافه :
2- أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ خَطِيبًا بِالْمَدِينَةِ - يَعْنِي فِي قَدْمَةٍ قَدِمَهَا - خَطَبَهُمْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ « هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُفْطِرَ فَلْيُفْطِرْ » .
وكذلك ما كان عليه قبل الأموال في أيام سلطته مع أنه كان لا يملك المال – فمِنْ أينَ لك هذا يا معاوية - :
3- وهو حديث طويل ولكن اقتطعت منه محل الشاهد : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتَقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لاَ مَالَ لَهُ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ » .
فالنتيجة : ومع هذا كلِّه يريدون أن يجعلوا من معاوية صحابياً جليلاً وكاتباً للوحي
ولكن صدق الذهبي حينما نقل : عن الأصم : حدثنا أبي ، سمعت ابن راهويه يقول : لا يصح عن النبي صلّى الله عليه وسلم في فضل معاوية شيء . فلا بد لأصحاب نظرية عدالة الصحابة أن يمعنوا النظر في كتبهم حتى يعرفوا الحق .
والحمد لله ربِّ العالمين ...
تعليق