بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمداً طيباً مباركاً فيه ...والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وآله أجمعين...
النفاق في الشرع: معناه إظهار الإسلام والخير وإبطان الكفر والشر. سمي بذلك لأنه يدخل في الشرع من باب ويخرج من باب آخر)..
إذاً فالمنافق هو الذي يظهر غير ما يبطن, فإن كان الذي يخفيه التكذيب بأصول الإيمان فهو المنافق الخالص وحكمه في الآخرة حكم
الكافر وقد يزيد عليه في العذاب لخداعه المؤمنين بما يظهره لهم من الإسلام قال تعالى :{إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار},.
وهذا النفاق يخرج من الملة ويسمى النفاق الإعتقادي.. وإن كان الذي يخفيه غير الكفر بالله وكتابه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم
وإنما هو شيء من المعصية لله فهو الذي فيه شعبة أو أكثر من شعب النفاق ويسمى النفاق العملي.
إذاً فأين يوجد المنافق ؟ عندما تنتصر الدعوة ويستأصل الكفر ويذهب سلطان الكافرين عند ذلك يمكن أن يظهر النفاق
وفي السيرة ظهرت حركة النفاق في المدينة بعد غزوة بدر .. ولكثرة المنافقين وشدة خطرهم فصَّل الله تعالى صفاتهم في سُور مدنية
كثيرة. فلا ينبغي أن يُظن أن ظاهرة المنافقين قد انقرضت. ألم تر أن الله تعالى بين مرض قلبهم ومخادعتهم للمؤمنين في سورة البقرة،
ثم جزعهم وتخذيلهم في آل عمران, ثم إعراضهم عن حكم الله ورسوله في سورة النساء، ثم موالاتهم الكفار في المائدة، ثم شكهم في
وعد الله بالتمكين للدين في الأنفال، ثم نكوصهم عن الجهاد والطعن في المؤمنين في التوبة، ثم قلة ثباتهم في سورة الحج، ثم انتقاءهم
من الدين بأهوائهم في النور، ثم قلة صبرهم في العنكبوت، ثم إخلافهم عهد الله في الأحزاب، ثم جبنهم في سورة محمد، ثم سوء ظنهم
بالله في سورة الفتح، ثم اغترارهم بالأماني في سورة الحديد، ثم حلفهم كذبا في المجادلة، ثم خذلانهم لمن ضعُف من أوليائهم في
الحشر، ثم قلة أدبهم مع رسول الله والمؤمنين في سورة المنافقون، ثم استحقاقهم الغلظة في التحريم...سبع عشرة سورة مليئة
بالتحذير منهم وبالتفصيل في صفاتهم... وفي السيرة ظهرت حركة النفاق في المدينة بعد غزوة بدر .. ولكثرة المنافقين وشدة خطرهم
فصَّل الله تعالى صفاتهم في سُور مدنية كثيرة. فلا ينبغي أن يُظن أن ظاهرة المنافقين قد انقرضت. ألم تر أن الله تعالى بين مرض قلبهم
ومخادعتهم للمؤمنين في سورة البقرة، ثم جزعهم وتخذيلهم في آل عمران, ثم إعراضهم عن حكم الله ورسوله في سورة النساء، ثم
موالاتهم الكفار في المائدة، ثم شكهم في وعد الله بالتمكين للدين في الأنفال، ثم نكوصهم عن الجهاد والطعن في المؤمنين في التوبة، ثم
قلة ثباتهم في سورة الحج، ثم انتقاءهم من الدين بأهوائهم في النور، ثم قلة صبرهم في العنكبوت، ثم إخلافهم عهد الله في الأحزاب، ثم
جبنهم في سورة محمد، ثم سوء ظنهم بالله في سورة الفتح، ثم اغترارهم بالأماني في سورة الحديد، ثم حلفهم كذبا في المجادلة، ثم
خذلانهم لمن ضعُف من أوليائهم في الحشر، ثم قلة أدبهم مع رسول الله والمؤمنين في سورة المنافقون، ثم استحقاقهم الغلظة في
التحريم...سبع عشرة سورة مليئة بالتحذير منهم وبالتفصيل في صفاتهم...ثم بعد ذلك تبرأ الله تعالى من المنافقين في سورة التوبة
أسماؤها عشرة
سورة براءة سميت بذلك لأنها مفتتحة بها و نزلت بإظهار البراءة من الكفار - التوبة - سميت بذلك لكثرة ما فيها من التوبة كقوله
و يتوب الله على من يشاء » « فإن يتوبوا يك خيرا لهم » « ثم تاب عليهم ليتوبوا » - الفاضحة - عن سعيد بن جبير قال قلت
لابن عباس سورة التوبة فقال تلك الفاضحة ما زال ينزل حتى خشينا أن لا يبقى منهم أحد إلا ذكر و سميت بذلك لأنها فضحت المنافقين
بإظهار نفاقهم - المبعثرة - عن ابن عباس أيضا سماها بذلك لأنها تبعثر عن أسرار المنافقين أي تبحث عنها - المقشقشة - عن ابن
عباس سماها بذلك لأنها تبرىء من آمن بها من النفاق و الشرك لما فيها من الدعاء إلى الإخلاص و في الحديث كان يقال لسورتي
( قل يا أيها الكافرون ) و ( قل هو الله أحد ) المقشقشتان سميتا بذلك لأنهما تبرئان من الشرك و النفاق يقال قشقشه إذا برأه و
تقشقش المريض من علته إذا أفاق و برأ منها - البحوث - عن أبي أيوب الأنصاري سماها بذلك لأنها تتضمن ذكر المنافقين و البحث
عن سرائرهم - المدمدمة - عن سفيان بن عيينة أي المهلكة و منه قوله « فدمدم عليهم ربهم » ( الحافرة ) عن الحسن لأنها
حفرت عن قلوب المنافقين ما كانوا يسترونه - المثيرة - عن قتادة لأنها أثارت مخازيهم و مقابحهم - سورة العذاب - عن حذيفة بن
اليمان لأنها نزلت بعذاب الكفار و روى عاصم عن زر بن حبيش عن حذيفة قال يسمونها سورة التوبة و هي سورة العذاب فهذه عشرة
أسماء وقال تعالى
بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَ رَسولِهِ إِلى الَّذِينَ عَهَدتم مِّنَ الْمُشرِكِينَ(1) فَسِيحُوا فى الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشهُر وَ اعْلَمُوا أَنَّكمْ غَيرُ مُعْجِزِى اللَّهِ وَ أَنَّ اللَّهَ مخْزِى الْكَفِرِينَ(2)
أجمع المفسرون و نقلة الأخبار أنه لما نزلت براءة دفعها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى أبي بكر ثم أخذها منه و دفعها
إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) و اختلفوا في تفصيل ذلك فقيل أنه بعثه و أمره أن يقرأ عشر آيات من أول هذه السورة و أن
ينبذ إلى كل ذي عهد عهده ثم بعث عليا خلفه ليأخذها و يقرأها على الناس فخرج على ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)
العضباء حتى أدرك أبا بكر بذي الحليفة فأخذها منه و قيل أن أبا بكر رجع فقال هل نزل في شيء فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم)
لا إلا خيرا و لكن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني و قيل أنه قرأ علي براءة على الناس و قيل أنه (صلى الله عليه وآله وسلّم)
أخذها من أبي بكر قبل الخروج و دفعها إلى علي (عليه السلام) و قال لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني
عن عروة بن الزبير و أبي سعيد الخدري و أبي هريرة و روى أصحابنا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ولاه أيضا الموسم و أنه حين أخذ البراءة من أبي بكر رجع أبو بكر
وروى الشعبي عن محرز بن أبي هريرة عن أبي هريرة قال كنت أنادي مع علي حين أذن المشركين فكان إذا صحل صوته فيما ينادي
دعوت مكانه قال فقلت يا أبت أي شيء كنتم تقولون قال كنا نقول لا يحج بعد عامنا هذا مشرك و لا يطوفن بالبيت عريان و لا يدخل
البيت إلا مؤمن و من كانت بينه و بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) مدة فإن أجله إلى أربعة أشهر فإذا انقضت الأربعة
الأشهر فإن الله بريء من المشركين و رسوله
وهدف سورة التوبة
هذه السورة الكريمة هي من أواخر ما نزل على رسول الله عقب غزوة تبوك أي بعد 22 عاماً من بدء الرسالة والوحي. وكأن هذه
السورة تمثل البيان الختامي للدعوة والرسالة وقد نزلت في وقت كان المسلمون يستعدون للخروج برسالة الإسلام إلى خارج الجزيرة
العربية والإنفتاح بهذه الرسالة على العالم كله، لذا فإن توقيت نزول سورة التوبة في غاية الدقة والحكمة.
وهي السورة الوحيدة في القرآن التي لم تبدأ بالبسملة، فالبسملة هي بمثابة بوابة تنقل القارئ من عالم إلى آخر تحت اسم الله تبارك
وتعالى. والسرّ في عدم افتتاح السورة بالبسملة هي أن السورة نزلت في فضح الكفّار وأعمالهم وقد قال الإمام علي بن أبي طالب
عليه السلام عندما سئل عن عدم كتابة البسملة في سورة التوبة: إن (بسم الله الرحمن الرحيم) أمان، وبراءة (أي سورة التوبة)
نزلت بالسيف ليس فيها أمان. والسورة نزلت في المنافقين ولا أمان للمنافقين وكأنما حرمهم الله تعالى من رحمته بالبسملة .
وقد روي عن حذيفة بن اليمان أنه قال: إنكم تسمونها سورة التوبة وإنما هي سورة العذاب،
والله ما تركت أحداً من المنافقين إلا نالت منه.