المخيم الحسيني/الجزء الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين واللعن الأبدي الدائم على أعدائهم من الآن إلى قيام يوم الدين
وبعد استشهاد الإمام الحسين في عصر عاشوراء هجم العدو على خيام آل الرسول ونهبها وأحرقها ولم يتعرض الفسطاطان لأجساد الشهداء من الأصحاب وبني هاشم في ضلع الشمال الغربي من المخيم للحرق وكان يؤتى اليهما بالأجساد الطاهرة من ساحة المعركة في الموقع المارذكره وبقيا حتى ثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي سنة 66هجرية فبنى أيضاً رمزاً تذكارياً في محل المخيم الحسيني ( خيمكاه ) ثم تجدد بناؤه على يد الداعي الصغير العلوي أمير طبرستان في سنة 280 هجرية وعند زيارة السلطان فناخسرو عضد الدولة البويهي الى كربلاء المقدسة في سنة 367هجرية امر ببناء عمارة المخيم وعند زيارة السلطان الشاه إسماعيل الصفوي إلى كربلاء المقدسة في سنة 914 هجرية عكف في المخيم الحسيني ليلة واحدة ثم أمر بتعمير واسع في هذا الموقع المطهر وفرش الحرم بالسجاد الفاخر وعين فيه خدماً يدفع لهم رواتب شهرية وجلب الى هذا الموضع الماء وامر بتشجير الاراضي المحيطة بالمخيم . ورأيت وقفيه بستان مؤرخة سنة 930 هجرية لإنارة "خيمكاه " .
كما اهتم جهان دره من أقطاب الصوفية البكتاشية بتعميرات في المخيم وإحداث بستان يحيطه من الجهات الثلاث الجهة الشرقية والجنوبية والغربية ثم أوقفه على ( خيمكاه ) في سنة 950 هجرية وكانت هذه البستان عامرة حتى سنة 1370 هجرية ثم أصبحت دور سكن وبنيت مدرسة للعلوم الدينية أسسها الخطيب المعروف الشيخ محمد مهدي المازنداني الحائري المتوفي سنة 1384 هجرية وكذلك مدرسة المخيم للبنين الحكومية .
أما عمارة المخيم الحالية فهي من آثار القرن الثالث عشر الهجرية أسسها الشيخ محمد صالح البرغاني الحائري المتوفى سنة 1271 هجرية أيام مرجعيته وزعامته في كربلاء المقدسة حيث أمر بهدم عمارة الصوفية وبنى حرماً كبيراً في موضع الفسطاط للأمام الحسين ( عليه السلام ) وأخته زينب الكبرى ( عليه السلام ) وتم البناء في سنة 1265هجرية وأما الصحن الشريف من جهتيه الشرقية والغربية فهو من آثار فناخسرو عضد الدولة البويهي وقد زار كربلاء المقدسة الوزير عبد العلي أديب الملك المتوفى سنة 1302 هجرية في محرم سنة 1273 هجرية- 1856 م ووصف في رحلته ( خيمكاه ) المخيم الحسيني وجاء في وصفه نفس العمارة الموجودة حالياً التي أسسها الشيخ محمد صالح البرغاني الحائري المار الذكر ما هو تعريبه ( موضع خيمكاه يقع خارج سور كربلاء بعيداً عن الروضة الحسينية المطهرة حوالي ألف قدم باتجاه الجنوب الغربي وبنيت العمارة على شكل فسطاط قلندريه وعند الدخول من باب الشمالي يقع في طرفي الطريق تماثيل مجمل بنائه من الجص والجير وفي زاوية الجنوب الغربي من الصحن الشريف تقع ( حجرة القاسم بن الحسن ... ) ( سفر نامه أديب الملك ص 155 – 157 ).
وقد زار المخيم الحسيني قبل أديب الملك الرحالة البرتغالي تكسيرا في سنة 913 هجرية 1604 م .
ذكر جعفر الخياط في موسوعة العتبات المقدسة قائلاً : ( واشتهر من زار كربلاء من الرحالين الأوربيين بعد تكسيرا الرحالة الألماني كارستن نيبور الذي جاء إلى العراق عن طريق الخليج كذلك .. الخ )
وقد وصل كربلاء يوم 27 كانون الأول عام 1765م – 1179هجرية )
وذكر موقع المخيم (خيمكاه ) والذي يطنب في وصف ماشاهده فيه فهو يقول : إن هذا الموقع قد أصبح حديقة عناء واسعة الأرجاء تقع في نهاية البلدة وتشاهد فيه بركه كبيرة من الماء وموقع هذه البركة هو نفس الموقع الذي كان الإمام العباس قد حفر فيه لإيجاد الماء فلم يعثر على شيء منه
ويروي نيبور بالمناسبة أن الناس هناك كانوا يعتقدون بأن ظهور الماء في البركة بعد ذلك يعتبر من المعجزات وقد أشار إلى وجود هذه البركة الكبيرة في الموقع نفسه الرحالة البرتغالي تكسيرا الذي زار كربلاء في سنة 1604 م – 1013هجرية أي قبل مجيء نيبور إليها بمائة وستين سنة ومما يذكره كذلك أن موقع المخيم كان يوجد بقربه مرقد غير كبير دفن فيه القاسم بن الإمام الحسن ( عليه السلام ) وعدد من الشهداء الآخرين الذين سقطوا في معركة التضحية والبطولة يوم عاشوراء ويسرد بالمناسبة قصة القاسم الشاب وعرسه المعروفة ... ) ( موسوعة العتبات قسم كربلاء ج 1 ص 268 ) . وعلى الباب من الجهة الشمالية من المخيم نقشت هذه الأبيات للشاعر السيد حسين العلوي الحائري :
هذي خيام بني النبي محمد
بالطف حصنا شيدت للدين
قد خصها الباري لكل فضيلة
شرفاً فلا بنيت لها بقرين
إن قلت مكة قلت هذه كربلاء
فخراً سرت من عالم التكوين
سلها إذا قد شُرِّفت أعتابها
أين الحسين بعبرة وشجون
فتجبك ما قد ناله وأصابها
من بعده أعداؤه حرقوني
وتنص الوثائق والصكوك الوقفية التي اطلعنا عليها أن المخيم الحسيني ( خيمكاه ) كان محط
أنظار الزائرين والوافدين إلى كربلاء المقدسة من العامة والخاصة وكما ذكر الرحالة ميرزا أبو طالب في رحتله التي زار بها كربلاء في سنة 1217هجرية – 1802 م أي بعد إغارة الوهابيين بسنة واحدة وأشار إلى حادثة الوهابيين ثم ذكر زيارته إلى خيمكاه المخيم الحسيني وقال : فيها ( مقام الإمام زين العابدين علي بن الحسين ) وقد بنى عمارة هذا المقام زوجة آصف الدولة ( مسير طالبي ص 408 طهران الطبعة الأولى سنة 1352هجرية شمسية ) ولا يوجد اليوم أثر لهذا المقام في المخيم والعمارة الحالية اليوم هي ما وصفه أديب الملك المار ذكره هذا وقد أجريت على المخيم ( خيمكاه ) بعض التعميرات والإصلاحات الجديدة من قبل مديرية الأوقاف في كربلاء في سنة 1399هجرية- 1978م.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين واللعن الأبدي الدائم على أعدائهم من الآن إلى قيام يوم الدين
وبعد استشهاد الإمام الحسين في عصر عاشوراء هجم العدو على خيام آل الرسول ونهبها وأحرقها ولم يتعرض الفسطاطان لأجساد الشهداء من الأصحاب وبني هاشم في ضلع الشمال الغربي من المخيم للحرق وكان يؤتى اليهما بالأجساد الطاهرة من ساحة المعركة في الموقع المارذكره وبقيا حتى ثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي سنة 66هجرية فبنى أيضاً رمزاً تذكارياً في محل المخيم الحسيني ( خيمكاه ) ثم تجدد بناؤه على يد الداعي الصغير العلوي أمير طبرستان في سنة 280 هجرية وعند زيارة السلطان فناخسرو عضد الدولة البويهي الى كربلاء المقدسة في سنة 367هجرية امر ببناء عمارة المخيم وعند زيارة السلطان الشاه إسماعيل الصفوي إلى كربلاء المقدسة في سنة 914 هجرية عكف في المخيم الحسيني ليلة واحدة ثم أمر بتعمير واسع في هذا الموقع المطهر وفرش الحرم بالسجاد الفاخر وعين فيه خدماً يدفع لهم رواتب شهرية وجلب الى هذا الموضع الماء وامر بتشجير الاراضي المحيطة بالمخيم . ورأيت وقفيه بستان مؤرخة سنة 930 هجرية لإنارة "خيمكاه " .
كما اهتم جهان دره من أقطاب الصوفية البكتاشية بتعميرات في المخيم وإحداث بستان يحيطه من الجهات الثلاث الجهة الشرقية والجنوبية والغربية ثم أوقفه على ( خيمكاه ) في سنة 950 هجرية وكانت هذه البستان عامرة حتى سنة 1370 هجرية ثم أصبحت دور سكن وبنيت مدرسة للعلوم الدينية أسسها الخطيب المعروف الشيخ محمد مهدي المازنداني الحائري المتوفي سنة 1384 هجرية وكذلك مدرسة المخيم للبنين الحكومية .
أما عمارة المخيم الحالية فهي من آثار القرن الثالث عشر الهجرية أسسها الشيخ محمد صالح البرغاني الحائري المتوفى سنة 1271 هجرية أيام مرجعيته وزعامته في كربلاء المقدسة حيث أمر بهدم عمارة الصوفية وبنى حرماً كبيراً في موضع الفسطاط للأمام الحسين ( عليه السلام ) وأخته زينب الكبرى ( عليه السلام ) وتم البناء في سنة 1265هجرية وأما الصحن الشريف من جهتيه الشرقية والغربية فهو من آثار فناخسرو عضد الدولة البويهي وقد زار كربلاء المقدسة الوزير عبد العلي أديب الملك المتوفى سنة 1302 هجرية في محرم سنة 1273 هجرية- 1856 م ووصف في رحلته ( خيمكاه ) المخيم الحسيني وجاء في وصفه نفس العمارة الموجودة حالياً التي أسسها الشيخ محمد صالح البرغاني الحائري المار الذكر ما هو تعريبه ( موضع خيمكاه يقع خارج سور كربلاء بعيداً عن الروضة الحسينية المطهرة حوالي ألف قدم باتجاه الجنوب الغربي وبنيت العمارة على شكل فسطاط قلندريه وعند الدخول من باب الشمالي يقع في طرفي الطريق تماثيل مجمل بنائه من الجص والجير وفي زاوية الجنوب الغربي من الصحن الشريف تقع ( حجرة القاسم بن الحسن ... ) ( سفر نامه أديب الملك ص 155 – 157 ).
وقد زار المخيم الحسيني قبل أديب الملك الرحالة البرتغالي تكسيرا في سنة 913 هجرية 1604 م .
ذكر جعفر الخياط في موسوعة العتبات المقدسة قائلاً : ( واشتهر من زار كربلاء من الرحالين الأوربيين بعد تكسيرا الرحالة الألماني كارستن نيبور الذي جاء إلى العراق عن طريق الخليج كذلك .. الخ )
وقد وصل كربلاء يوم 27 كانون الأول عام 1765م – 1179هجرية )
وذكر موقع المخيم (خيمكاه ) والذي يطنب في وصف ماشاهده فيه فهو يقول : إن هذا الموقع قد أصبح حديقة عناء واسعة الأرجاء تقع في نهاية البلدة وتشاهد فيه بركه كبيرة من الماء وموقع هذه البركة هو نفس الموقع الذي كان الإمام العباس قد حفر فيه لإيجاد الماء فلم يعثر على شيء منه
ويروي نيبور بالمناسبة أن الناس هناك كانوا يعتقدون بأن ظهور الماء في البركة بعد ذلك يعتبر من المعجزات وقد أشار إلى وجود هذه البركة الكبيرة في الموقع نفسه الرحالة البرتغالي تكسيرا الذي زار كربلاء في سنة 1604 م – 1013هجرية أي قبل مجيء نيبور إليها بمائة وستين سنة ومما يذكره كذلك أن موقع المخيم كان يوجد بقربه مرقد غير كبير دفن فيه القاسم بن الإمام الحسن ( عليه السلام ) وعدد من الشهداء الآخرين الذين سقطوا في معركة التضحية والبطولة يوم عاشوراء ويسرد بالمناسبة قصة القاسم الشاب وعرسه المعروفة ... ) ( موسوعة العتبات قسم كربلاء ج 1 ص 268 ) . وعلى الباب من الجهة الشمالية من المخيم نقشت هذه الأبيات للشاعر السيد حسين العلوي الحائري :
هذي خيام بني النبي محمد
بالطف حصنا شيدت للدين
قد خصها الباري لكل فضيلة
شرفاً فلا بنيت لها بقرين
إن قلت مكة قلت هذه كربلاء
فخراً سرت من عالم التكوين
سلها إذا قد شُرِّفت أعتابها
أين الحسين بعبرة وشجون
فتجبك ما قد ناله وأصابها
من بعده أعداؤه حرقوني
وتنص الوثائق والصكوك الوقفية التي اطلعنا عليها أن المخيم الحسيني ( خيمكاه ) كان محط
أنظار الزائرين والوافدين إلى كربلاء المقدسة من العامة والخاصة وكما ذكر الرحالة ميرزا أبو طالب في رحتله التي زار بها كربلاء في سنة 1217هجرية – 1802 م أي بعد إغارة الوهابيين بسنة واحدة وأشار إلى حادثة الوهابيين ثم ذكر زيارته إلى خيمكاه المخيم الحسيني وقال : فيها ( مقام الإمام زين العابدين علي بن الحسين ) وقد بنى عمارة هذا المقام زوجة آصف الدولة ( مسير طالبي ص 408 طهران الطبعة الأولى سنة 1352هجرية شمسية ) ولا يوجد اليوم أثر لهذا المقام في المخيم والعمارة الحالية اليوم هي ما وصفه أديب الملك المار ذكره هذا وقد أجريت على المخيم ( خيمكاه ) بعض التعميرات والإصلاحات الجديدة من قبل مديرية الأوقاف في كربلاء في سنة 1399هجرية- 1978م.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
تعليق