يقول الشيخ المفيد : نقل لي أبو القاسم جعفر بن محمد : أن المتوكل مرض
على أثر دملة وجرح كبير وعميق شارف فيه على الموت ولم يكن أحد يتجرأ
أن يلمس جرحه.
فنذرت أمه أنه إذا تعافى أن تعطي أبا الحسن علي بن محمد مالاً كثيراً .
فقال فتح بن خاقان للمتوكل : ليتك أرسلت إلى ذلك الرجل (الإمام العاشر)
وطلبت منه المساعدة لعل عنده شيئاً يريحك .
فأمر المتوكل أن يفعلوا ذلك ، وأرسلوا شخصاً إليه وأخبروه بمرضه .
عاد ذلك الشخص ومعه دستور العمل هذا (أن يأخذوا من بعر الخروف ويحلوه
في ماء الورد ... ويضعوه على الدمل فإن ذلك نافع بإذن الله) .
وعندما قال الرسول ذلك ، سخروا منه وضحكوا .
فقال فتح : ليس من ضرر في اختبار ما قاله ، والله إني أرى في ذلك صلاح وسلامة.
فعمل كما قال ووضعوه على الجرح . ففتح الجرح وخرج كل ما كان فيه.
وعندما سمعت أم المتوكل خبر سلامة ابنها ، أرسلت عشرة آلاف دينار للإمام
وشفي المتوكل وتعافى بشكل كامل ، وبعد عدة أيام أتى أحدهم إلى المتوكل
ووشى إليه بأن أموالاً وأسلحة في بيت الإمام.
فأمر المتوكل حاجبه سعيد أن يغير على بيته ليلاً ويحضر له ما لديه من أسلحة ومال.
يقول الحاجب سعيد : قصدت منزل الإمام ليلاً، وكان معي سُلماً ، فصعدت إلى
السطح وبقيت في الظلام أنظر من أين أذهب وكيف أدخل البيت.
فصاح الإمام : يا سعيد ! ابق مكانك حتى أحضر لك الشمع . فلم يمض وقت
طويل حتى عاد ومعه الشمع ثم نزلن ، فرأيته يضع عليه جبة وقبعة من
الصوف وأمامه حصيراً للصلاة ، فعملت أنه كان مشغولاً في الصلاة.
فقال : هذه الغرف تحت تصرفك ، فدخلت كل الغرف وفتشتها ولكني لم أجد
شيئاً ، كان هناك كيساً في البيت فيه نقوداً عليه ختم المتوكل وكان واضحاً
وكيساً آخر معه عليه ذلك الختم.
ثم قال لي : فتش أيضاً سجادة الصلاة ! فرفعتها وإذا بسيف مع غلافه كان
تحتها . فأخذت تلك الأغراض وذهبت إلى المتوكل وعندما رأى ختم أمه أرسل
في طلبها فجاءت إليه .
وقد أخبرني أحد الخدم الخواص عما جرى بينهما وهو ان أمه قالت له: عندما
يئست أثناء مرضك ، نذرت أنه إذا شُفيت فسوف أدفع عشرة آلاف درهم من
مالي الخاص إليه وعندما شفيت أرسلتهم له وهذا ختمي على الكيس ، ثم فتحوا
الكيس الآخر فوجدوا فيه أربع مائة دينار فأضاف المتوكل كيساً آخر من النقود
له وقال لي : أرجع هذا كله إليه وأعد إليه سيفه ايضاً ! ففعلت ذلك وعندما
وصلت إلى الإمام واعتذرت منه قلت : إن الدخول إلى بيتك بدون استئذان
صعب علي ولكني مأمور وليس من حل ، فأجاب : (وسيعلمُ الذين ظلموا أى
منقلب ينقلبون) سورة الشعراء :الآية 226
***********

تعليق