صلى الله عليك أبي عبد الله الحسين
حيدر عاشور العبيدي
بعيد عن الحلم أنا في عالم الله الفسيح،وواقع الحياة المرئية التي يبحث عنها الكثير من المحبين والعاشقين والموالين،وينفيها القلة من الضالين والجهلة ومن أراد الله أن يضرب بهم الأمثال على غرار العصبية والجاهلية آلتان كانوا آبائهم يتبجحون بها علنا وبدون حياء..
كنت أحاول أن أحارب هذه الفئة المتعصبة واختار المناطق التي أكون فيها قريبا من الموت،وأنا اذكر ما أؤمن به بعقيدة أمامية ثابتة،فكانت مجالسي تثير عاطفة الحضور ويبكون بولاء مطلق لما اذكر،وخاصة حين أقول
(صلى الله عليك أبي عبد الله الحسين)وكنت أكررها دائما بلا انقطاع،وقد اعترضني الكثير من الخطباء،ويسألون :نحن نطيل في القراءة الحسينية ونزودها بالإشعار والقصص ونعجز عن إبكاء الحاضرين،بينما أنت تبكيهم بمجرد أن تقول
(صلى الله عليك أبي عبد الله الحسين)...لم أتحمل كلامهم فبكيت بصراخ وجزعت نفسي وتألمت روحي وقلت بحرارة حسينية:
قولوها يرحمكم الله ففي قولها تحضر الزهراء باكية!
لقد انعم الله عليّ بالقراءة عن مصائب الحسين في كل مجلس أدعو إليه بلا مقابل إن حصلت شكرت الله،والحسين،لقد نذرت صوتي بالقراءة للحسين مادمت حيا ..
وفي احد المجالس وبعد أن انتهائي منها أعطاني خادم المجلس ظرفا فيه بعض المال وما أن خرجت من باب المجلس حتى سلم عليّ شخصا وطلب من أن أساعده فأخرجت الظرف وأعطيته ودعوت أن تقضى حاجته وتكررت الحالة ثلاث أيام لم يدخل إلى بيتي شيئا وكنت اعتاش على بركة الحسين..
وذات يوم قرأت أخر مجلس عن مظلومية الحسين وكان الوقت متأخرا من الليل ورغم إرهاق بدني من التعب ولكنني كنت راضيا عن نفسي بما قدمته من القليل بحق بمولاي الحسين وفي عودتي إلى البيت اعترضني احد الأشخاص وخفت أن يطلب مني مساعدة ولم احصل في هذه الليلة على أي شيء، ولكنه طلب مني أن أتيه إلى بيته، واقرأ له مجلسا. قلت:
في هذه الساعة المتأخرة من الليل..
لم يقتنع باعتذاري فسرت معه رغم تعبي الشديد،وحين دخلت بيته أدخلني إلى غرفة خالية من الحضور وجدرانها مغطاة بالسواد وفي كل زاوية علما مكتوبة عليها
(صلى الله عليك أبي عبد الله الحسين) وفي منتصف الغرفة كرسي صغير جلست عليه من شدة التعب انتظر الحضور..
فقال لي:اقرأ عن مصبية أبي عبد الله (الحسين) فلما بدأت أقرأ:
صلى الله عليك يا أبا عبد الله الحسين. وإذا ارتفع صوت بعض النساء بالبكاء الشديد حولي وأنا لا أراهنّ..شعرت بحساس غريب،ورجعت إلى بيتي،فكان الصوت البكاء النسوة يلاحقني في منامي حتى جاءني صوتا واضحا يقول لي بالحرف الواحد:أن(فاطمة الزهراء) كانت في ذلك المجلس تستمع لقراءتك على ولدها (الحسين)،فكانت مكافئتك أن تجعل تأثيرا قويا في كلمتك
(صلى الله عليك أبي عبد الله الحسين) فمن ذلك صِرتُ عندما أقرأ هذه الجملة ينقلب
حال المستمعين فيجهشون بالبكاء.
تعليق