بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الذي لا تضره ذنوب المذنبين وأفعال العاصين.
إنَّ الله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بشيء ولم ينهنا عن شيء إلا لمصلحة لنا في هذا الأمر أو النهي.
والمخالف للأحكام الشرعية عاصٍ يستحق العقاب بمقتضى العدالة الإلهية التي لا تطغى، والغنية عن العباد وعذابهم.. ولكن ارتكاب المحرمات وإتيان الذنوب مخالف لطبيعة العلاقات الإنسانية، والسنن الفطرية التي أودعها الله سبحانه وتعالى فينا.
فالمرتكب للذنوب والمحرمات فضلاً عن أنه يخسر الآخرة. وذلك هو الخسران المبين.. إلا أنه أيضاً يجر التعاسة إلى نفسه والوبال على حياته، فيعيش منغصاً قلقاً حزيناً نتيجة ما اقترفته يداه.
فللذنوب المرتكبة آثار وتبعات كثيرة وعديدة تظهر على حياة الإنسان ونشاطه ومستقبله وعقله وعلاقاته الاجتماعية وراحته النفسية وضميره الحي وغيرها من النواحي التي تؤثر تأثيراً مباشراً على وجوده واستقراره.
فقد نطقت الآيات والروايات والأخبار والآثار أن للذنوب بصمات تتركها على الظاهر من وجود الإنسان وباطنه..
وبتحديد أدقّ وأوضح، فإن للذنوب آثاراً على قلب الإنسان وعقله وعلمه ونعمته ونفسه ومبادئه وما يصيبه من آفات وآلام..
يقول الإمام الصادق عليه السلام: "إذا أذنب الرجل خرج من قلبه نكتة سوداء، فإن تاب انمحت، وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبداً".
وفي مضمون هذه الرواية روايات كثيرة أيضاً. وبما أن القلب يؤثر على جوارح الإنسان، فإنه إذا أحيط بالمعاصي تصاب أعضاؤه وإحساساته وعواطفه بخلل أو ارتباك أو سوء أو شلل، كما قد يحدث لليد، أو اللسان، أو الوجه، أو الدمعة التي قد تختفي من الوجود أساساً.
قال الامام علي عليه السلام : "ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب".إن القلب المقترف للذنوب، يظهر ارتباكه أحياناً كثيرة على الأطراف واللسان، فيتخبّط ويتلعثم من دون أرادة.
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام: "لكل ظاهر باطن على مثاله، فما طاب ظاهره، طاب باطنه، وما خبث ظاهره خبث باطنه".
واما اثار الذنوب على العلم فإننا نرى صنفاً من الناس يقرأ دون أن يفهم، ويسمع دون أن يعي، ويحفظ من غير أن يضبط، ويطالع من دون أن يستوعب...
بل أكثر من ذلك: نرى صنفاً من الناس يسلبون العلوم التي كانوا قد تعلموها، والعياذ بالله، لاستغراقهم في الذنوب وتماديهم في المعاصي، فيتلهون عمَّا كانوا قد تعبوا في جمعه وحفظه، أو أنَّ الله سبحانه يسلبهم تلك العلوم لكي لا يستعملوها في إضلال الناس، أو لهوى الدنيا، أو للتستر وراءها.
ويصوِّر هذه الحالة المؤلمة حديث شريف ورد عن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقول فيه: "اتّقوا الذنوب فإنها ممحقة للميزان، إن العبد ليذنب الذنب، فينسى به العلم الذي كان قد علمه".
وليكن معلوماً أن المشاكل العامة: السياسية والاقتصادية، لا تؤثّر على التحصيل العلمي بقدر الأسباب النفسية المتردّية الناتجة عن ارتكاب الذنوب التي لا تؤثر فقط على تحصيل العلم بل تساهم في نسيان وفقدان ما كان قد علِمَه.
وأما آثار الذنوب على العقل، فلأنها منافية للأسس العقلية والمنطقية، والدلائل الواضحات الباهرات في وجوب شكر المنعم سبحانه وطاعته، وحرمة مخالفته.
والعقل السليم يحكم بوجوب تجنب المعاصي لمجرّد احتمال العقاب والجزاء، فكيف يخالف كل هذه القواعد رغبة في شهوة عابرة زائلة!.
يقول رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: "من قارف ذنباً فارقه عقل لا يرجع إليه أبداً".
وللذنوب أيضاً آثار سلبية على الرزق والنعم، فبالشكر تدوم النعم. وبديهي أن المعصية ليست من الشكر، بل من الكفر. وكثير من النِعم مرتبطة، في دوامها وبقائها واستمرارها أو زيادتها، بالطاعة لله سبحانه. فاقتراف المعصية يؤدي إلى اضمحلالها وزوالها، إلى درجة أن بعض الروايات تشير إلى أنه ما من نعمة تُفقد إلا نتيجة ذنب يعمله.
فعن الصادق عليه السلام قال: "ما أنعم الله على عبد نعمة قط، فسلبها إيَّاه، حتى يذنب ذنباً يستحق بذلك السلب".
وعن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: " إحذروا الذنوب، فإن العبد يذنب الذنب فيحبس عنه الرزق".
أما آثار الذنوب على العبادة فهي واضحة جداً، خاصة إذا لاحظنا أن المذنب، بذنبه، منصرف عن العبادة والطاعة والواجب والمستحبات.. فضلاً عن الآثار المؤلمة المقيمة التي ترافقه إلى أجل ليس بقليل.
قال الامام الصادق عليه السلام: "إن الرجل يذنب الذنب، فيُحرَم صلاة الليل، وإنَّ العمل السيّء أسرع في صاحبه من السكِّين في اللحم".
والتمادي في الذنوب، أحياناً كثيرة، يؤدِّي بالإنسان إلى مصائب وفواجع لم يكن ينتظرها أو يتوقعها، فتُنَغِّص عليه معيشته وتنال من استقراره..
إن الذنوب تؤثّر على المسيرة الكونية، فلسنا وحدنا في هذا الكون، بل هناك مخْلوقات أخرى معنا يصيبها بسبب ذنوبنا بلاء كثير. ففي عهد سليمان بن داود عليه السلام أصاب الناس قحط شديد، فشكوا ذلك إليه، فلمَّا صلَّى الغداة مضى ومضوا، فلما أن كان في بعض الطريق، إذا هو بنملة رافعة يدها إلى السماء، واضعة قدميها إلى الأرض وهي تقول: "اللَّهمَّ، إنَّا خَلْق من خَلْقِكَ، ولا غنى بنا عن رزقك، فلا تهلكنا بذنوب بني آدم". فقال سليمان عليه السلام: "ارجعوا فقد سقيتم بغيركم". فَسُقُوا في ذلك العام ما لم يُسقوا مثله قط.
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تهتك العصم.
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تنزل النقم.
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تغير النعم.
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تحبس الدعاء.
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تنزل البلاء.
المصدر
سبيل الرشاد – السيد سامي خضيرة
الحمد لله رب العالمين، الذي لا تضره ذنوب المذنبين وأفعال العاصين.
إنَّ الله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بشيء ولم ينهنا عن شيء إلا لمصلحة لنا في هذا الأمر أو النهي.
والمخالف للأحكام الشرعية عاصٍ يستحق العقاب بمقتضى العدالة الإلهية التي لا تطغى، والغنية عن العباد وعذابهم.. ولكن ارتكاب المحرمات وإتيان الذنوب مخالف لطبيعة العلاقات الإنسانية، والسنن الفطرية التي أودعها الله سبحانه وتعالى فينا.
فالمرتكب للذنوب والمحرمات فضلاً عن أنه يخسر الآخرة. وذلك هو الخسران المبين.. إلا أنه أيضاً يجر التعاسة إلى نفسه والوبال على حياته، فيعيش منغصاً قلقاً حزيناً نتيجة ما اقترفته يداه.
فللذنوب المرتكبة آثار وتبعات كثيرة وعديدة تظهر على حياة الإنسان ونشاطه ومستقبله وعقله وعلاقاته الاجتماعية وراحته النفسية وضميره الحي وغيرها من النواحي التي تؤثر تأثيراً مباشراً على وجوده واستقراره.
فقد نطقت الآيات والروايات والأخبار والآثار أن للذنوب بصمات تتركها على الظاهر من وجود الإنسان وباطنه..
وبتحديد أدقّ وأوضح، فإن للذنوب آثاراً على قلب الإنسان وعقله وعلمه ونعمته ونفسه ومبادئه وما يصيبه من آفات وآلام..
يقول الإمام الصادق عليه السلام: "إذا أذنب الرجل خرج من قلبه نكتة سوداء، فإن تاب انمحت، وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبداً".
وفي مضمون هذه الرواية روايات كثيرة أيضاً. وبما أن القلب يؤثر على جوارح الإنسان، فإنه إذا أحيط بالمعاصي تصاب أعضاؤه وإحساساته وعواطفه بخلل أو ارتباك أو سوء أو شلل، كما قد يحدث لليد، أو اللسان، أو الوجه، أو الدمعة التي قد تختفي من الوجود أساساً.
قال الامام علي عليه السلام : "ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب".إن القلب المقترف للذنوب، يظهر ارتباكه أحياناً كثيرة على الأطراف واللسان، فيتخبّط ويتلعثم من دون أرادة.
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام: "لكل ظاهر باطن على مثاله، فما طاب ظاهره، طاب باطنه، وما خبث ظاهره خبث باطنه".
واما اثار الذنوب على العلم فإننا نرى صنفاً من الناس يقرأ دون أن يفهم، ويسمع دون أن يعي، ويحفظ من غير أن يضبط، ويطالع من دون أن يستوعب...
بل أكثر من ذلك: نرى صنفاً من الناس يسلبون العلوم التي كانوا قد تعلموها، والعياذ بالله، لاستغراقهم في الذنوب وتماديهم في المعاصي، فيتلهون عمَّا كانوا قد تعبوا في جمعه وحفظه، أو أنَّ الله سبحانه يسلبهم تلك العلوم لكي لا يستعملوها في إضلال الناس، أو لهوى الدنيا، أو للتستر وراءها.
ويصوِّر هذه الحالة المؤلمة حديث شريف ورد عن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقول فيه: "اتّقوا الذنوب فإنها ممحقة للميزان، إن العبد ليذنب الذنب، فينسى به العلم الذي كان قد علمه".
وليكن معلوماً أن المشاكل العامة: السياسية والاقتصادية، لا تؤثّر على التحصيل العلمي بقدر الأسباب النفسية المتردّية الناتجة عن ارتكاب الذنوب التي لا تؤثر فقط على تحصيل العلم بل تساهم في نسيان وفقدان ما كان قد علِمَه.
وأما آثار الذنوب على العقل، فلأنها منافية للأسس العقلية والمنطقية، والدلائل الواضحات الباهرات في وجوب شكر المنعم سبحانه وطاعته، وحرمة مخالفته.
والعقل السليم يحكم بوجوب تجنب المعاصي لمجرّد احتمال العقاب والجزاء، فكيف يخالف كل هذه القواعد رغبة في شهوة عابرة زائلة!.
يقول رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: "من قارف ذنباً فارقه عقل لا يرجع إليه أبداً".
وللذنوب أيضاً آثار سلبية على الرزق والنعم، فبالشكر تدوم النعم. وبديهي أن المعصية ليست من الشكر، بل من الكفر. وكثير من النِعم مرتبطة، في دوامها وبقائها واستمرارها أو زيادتها، بالطاعة لله سبحانه. فاقتراف المعصية يؤدي إلى اضمحلالها وزوالها، إلى درجة أن بعض الروايات تشير إلى أنه ما من نعمة تُفقد إلا نتيجة ذنب يعمله.
فعن الصادق عليه السلام قال: "ما أنعم الله على عبد نعمة قط، فسلبها إيَّاه، حتى يذنب ذنباً يستحق بذلك السلب".
وعن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: " إحذروا الذنوب، فإن العبد يذنب الذنب فيحبس عنه الرزق".
أما آثار الذنوب على العبادة فهي واضحة جداً، خاصة إذا لاحظنا أن المذنب، بذنبه، منصرف عن العبادة والطاعة والواجب والمستحبات.. فضلاً عن الآثار المؤلمة المقيمة التي ترافقه إلى أجل ليس بقليل.
قال الامام الصادق عليه السلام: "إن الرجل يذنب الذنب، فيُحرَم صلاة الليل، وإنَّ العمل السيّء أسرع في صاحبه من السكِّين في اللحم".
والتمادي في الذنوب، أحياناً كثيرة، يؤدِّي بالإنسان إلى مصائب وفواجع لم يكن ينتظرها أو يتوقعها، فتُنَغِّص عليه معيشته وتنال من استقراره..
إن الذنوب تؤثّر على المسيرة الكونية، فلسنا وحدنا في هذا الكون، بل هناك مخْلوقات أخرى معنا يصيبها بسبب ذنوبنا بلاء كثير. ففي عهد سليمان بن داود عليه السلام أصاب الناس قحط شديد، فشكوا ذلك إليه، فلمَّا صلَّى الغداة مضى ومضوا، فلما أن كان في بعض الطريق، إذا هو بنملة رافعة يدها إلى السماء، واضعة قدميها إلى الأرض وهي تقول: "اللَّهمَّ، إنَّا خَلْق من خَلْقِكَ، ولا غنى بنا عن رزقك، فلا تهلكنا بذنوب بني آدم". فقال سليمان عليه السلام: "ارجعوا فقد سقيتم بغيركم". فَسُقُوا في ذلك العام ما لم يُسقوا مثله قط.
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تهتك العصم.
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تنزل النقم.
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تغير النعم.
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تحبس الدعاء.
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تنزل البلاء.
المصدر
سبيل الرشاد – السيد سامي خضيرة
تعليق