بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
عن البرّاء بن عازب قال : « رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله حامل الحسن بن علي
رضي الله عنهما على عاتقه وهو يقول : اللهمّ إنّي أحبّ حسناً فأحبّه » . فقد
أشار صلىاللهعليهوآله إلى هذا الحبّ وهو حامل الإمام الحسن عليهالسلام على عاتقه ؛ ليُشْعِر
المسلمين بأهمية وضرورة هذا الحبّ ؛ وهو الذي لا ينطق عن الهوى ، فهو حبّ
عقائدي يفرض على المسلمين أن يقتدوا بهذا المحبوب المكرّم من قبل
رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وعن جابر قال : « دخلت على النبي صلىاللهعليهوآله وهو يمشي على أربعة وعلى ظهره
الحسن والحسين رضي الله عنهما ، وهو يقول : نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما » .وعن عبدالله بن مسعود ، قال : « حمل رسول الله صلىاللهعليهوآله الحسن والحسين على
ظهره ، الحسن على أضلاعه اليمنى والحسين على أضلاعه اليسرى ، ثمّ مشى
وقال : نعم المطيّ مطيّكما ، ونعم الراكبان أنتما وأبوكما خير منكما » .
وهذه الممارسة قد يستهجنها البعض في تلك المرحلة القريبة من الجاهلية ،
ولكنها مداليل عظيمة تبيّن عظمة هذين السبطين من قبل رسول الله صلىاللهعليهوآله ؛ فهي
ليست ممارسة عاطفية محضة ؛ بل هي ممارسة تربوية لتربية المسلمين على أهميّة
هذين السبطين في الحياة الإسلامية والإنسانية ؛ هذه الأهمية دفعت
برسول الله صلىاللهعليهوآله إلى أداء هذه الممارسة. ليوجه أنظار الصحابة إلى الدور الذي
سيقوم به الحسن عليهالسلام بعد رحيل جدّه وأبيه.
وفي مقام آخر نجد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله يقطع خطبته وينزل عن منبره
ليحتضن الحسن والحسين عليهماالسلام ويأخذهما معه إلى المنبر ؛ لكي يستشعر الصحابة
ويستشعر المسلمون مقام هذين السبطين. قال ابن كثير : « وقد ثبت في الحديث
أنّه عليهالسلام بينما هو يخطب إذ رأى الحسن والحسين مقبلين فنزل إليهما
فاحتظنهما وأخذهما معه إلى المنبر ، وقال : صدق الله ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ
فِتْنَةٌ ) ، إنّي رأيت هذين يمشيان ويعثران فلم أملك أن نزلت إليهما ، ثمّ قال :
إنّكم لمن روح الله وإنّكم لتبجلون وتحبّبون » .
ومن مصاديق ومظاهر الاهتمام ما ورد عن أبي هريرة أنّه قال لمروان بن
الحكم : « أشهد لخرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى إذ كنّا ببعض الطريق سمع
رسول الله صلىاللهعليهوآله صوت الحسن والحسين وهما يبكيان مع أمّهما ، فأسرع السير
حتى أتاهما فسمعته يقول لها : ما شأن ابْنَيَّ ، فقالت : العطش ، قال : فاختلف رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى شنة يبتغي فيها ماء ، وكان الماء يومئذ أغدار ، والناس
يريدون الماء ، فنادى : هل أحد منكم معه ماء ؟ فلم يبقَ أحد أخلف بيده إلى
كلاَّبه يبتغي الماء في شنة ، فلم يجد أحد منهم قطرة فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ناوليني
أحدهما ، فناولته إيّاه من تحت الخدر ، فأخذه فضمّه إلى صدره وهو يطغو ما
يسكت ، فأدلع له لسانه فجعل يمصّه حتى هدأ أو سكن ، فلم أسمع له بكاء ،
والآخر يبكي كما هو ما يسكت ، فقال : ناوليني الآخر ، فناولته إيّاه ففعل به
كذلك ، فسكتا » . ومن خلال هذه الرواية نجد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد أشبع
حاجات الحسن والحسين بنفسه ، وأبدى عناية واهتماما بهما أمام مرأى الصحابة
ليبيّن عظمة هذين السبطين ومكانتهما من رسول الله صلىاللهعليهوآله.
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
المصدر
الامام الحسن السبط ع سيرة وتاريخ - سعيد كاظم العذاري
تعليق