بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وال محمد |
قبل أن نتناول الحياة السياسيّة للإمام علي عليه السلام وطبيعة المنهج الذي اتبعه من الأحداث بدءاً من مسألة السقيفة وانتهاءاً بقصة الحكمين، لابدّ من الإشارة ولفت الانتباه الى الظروف التي حالت دون نجاح الإمام في استلام زمام الأمر والسيطرة على الأوضاع إجمالاً، على أن تبقى لكلّ مسألة واجهت الإمام خصوصياتها التي سوف نستعرضها لدى تناول منهجه من القضايا المهمة التي تصدّى لها. فالظروف التي حالت دون نجاح الإمام في استلام زمام الأمر، ترجع بحقيقة الأمر الى تركيبة المجتمع الإسلامي الذي خلفه الرسول صلى الله عليه واله وسلم هذه التركيبة التي كانت تستبطن قدراً عالياً من عدم النضوج والوعي الذي أثّر بدوره على الموقف من ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام . وقد استذكر اُستاذنا السيّد الشهيد (رض) ثلاثة موانع رئيسية تفاعلت فيما بينها لتدع الإمام عليه السلام مقصيّاً عن الخلافة، بلا أنصار يذود بهم عن حقه، سوى الثلة المخلصة القليلة من أصحابه وهم قد نالهم نفس ما نال الإمام من جهل وغمط لشؤونهم، واستخفاف بمنزلتهم وانتهاك لحقوقهم. الموانع الثلاثة هي: 1 ـ التفكير اللاإسلامي من ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام حيث كان المجتمع الإسلامي ما يزال جديد عهد بالإسلام، وما تزال الرواسب الجاهلية تعمل في أنفس الكثيرين من المسلمين، وبالخصوص رواسب التعصّب، والعشائرية والقبلية، والتي حالت دون تأييد المسلمين للإمام علي عليه السلام إذ كانوا ينظرون الى مسألة ولاية الإمام بأنّها مجرّد زعامة آثرها الرسول صلى الله عليه واله وسلم لابن عمه وقبيلته ولم يكونوا ينظرون لها من زاوية عقيدية وأنّها اختيار اللّه سبحانه وتعالى. يقول اُستاذنا السيّد الشهيد حول هذه النقطة: «وأنا أظن ظناً كبيراً أنّ علي بن أبي طالب عليه السلام لو لم يكن إبن عم النبي صلى الله عليه واله وسلم لو أنّ الصدفة لم تشأ أن يكون الرجل الثاني في الإسلام، لو لم يكن من اُسرة محمد صلى الله عليه واله وسلم ، لو كان من عدي، أو لو كان من تميم، لو كان من اُسرة اُخرى، لكان لهذه الولاية مفعول كبير جد، لقضي على هذا التفكير اللاإسلامي ... لكن ما هي حيلة محمد صلى الله عليه واله وسلم إذا كان الرجل الثاني في الإسلام ابن عمه، لم يكن له حيلة في أن يختار شخصاً دون شخص آخر وإنّما كان عليه أن يختار من اختاره اللّه سبحانه وتعالى». 2 ـ وجود قطاع واسع من المنافقين في المجتمع الإسلامي، نتيجة انفتاح المجتمع الإسلامي قُبَيل وفاة الرسول صلى الله عليه واله وسلم على مكة ودخول اُناس كثيرين الى الإسلام استسلاماً للأمر الواقع أو انتفاعاً أو طمعاً أو حرصاً على الجاه، وهؤلاء لم يكن ليروق لهم تزعّم الإمام علي عليه السلام للتجربة الإسلامية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه واله وسلم لما يعرفونه في الإمام من استقامة على الحقّ لا تدع لهم مجالاً للاستئثار بالمصالح والامتيازات التي كانوا عليها أو التي يطمعون بالحصول عليها، ولهذا عزفوا عن الإمام وتركوه وبايعوا غيره لما يمثّله غيره من تميّع ومرونة يمكن معهما ضمان استمرار الوجود الرخو للإسلام والذي به تضمن مصالح الطبقة المنافقة في المجتمع الإسلامي. 3 ـ حسد بعض الصحابة لأمير المؤمنين عليه السلام لما كان يمثله الإمام من تحد أخلاقي لهم، يقول اُستاذنا السيّد الشهيد حول هذه النقطة «علي بن أبي طالب عليه السلام كان يمثل باستمرار تحدّياً بوجوده التكويني، كان يمثل تحدّياً للصادقين من الصحابة لا للمنحرفين من الصحابة، كان يمثل تحدّياً بجهاده. بصرامته، باستبساله، بشبابه، بكلّ هذه الاُمور، ... كان رد الفعل لهذا مشاعر ضخمة جداً ضد علي بن أبي طالب صلى الله عليه واله وسلم ». هذه الاُمور وعوامل اُخرى، شكّلت موانع كبيرة أمام الإمام علي عليه السلام في تصدّيه لقيادة التجربة الإسلامية، ومن ثمَ، حالت دون تسلّمه زمام الاُمور والسلطة وإرجاع الاُمور الى وضعها الطبيعي. |
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
الامام علي (عليه السلام) الاول في الولايه بعد الرسول محمد (صل الله عليه وسلم)
تقليص
X
-
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
تعليق