بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين واللعن الدائم على أعدائهم أعداء الدين
وهذا الحديث بألفاظه المختلفة التي تضمنت صيغة ( لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي ) يرمي إلى إثبات الولاية والخلافة ، قال الباحث أحمد محمود صبحي في نظرية الإمامة بناء على ثبوت تلك الصيغة ( ولا شك أن هذه العبارة تجعل من الحديث نصا جليا في إمامة علي ، يحسم كل اختلاف ويضع حدا للتفسيرات المتباينة التي استخلصتها الفرق من دلالة الحديث )
واخرج الطبراني في المعجم الكبير عن البراء بن عازب وزيد بن ارقم قال ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ: «إِنَّهُ لَابُدَّ مِنْ أَنْ تُقِيمَ أَوْ أُقِيمَ» فَخَلَفَهُ ، فَقَالَ نَاسٌ : مَا خَلَفَهُ إِلَّا لِشَيْءٍ كَرِهَهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرَهُ فَتَضَاحَكَ ثُمَّ قَالَ : «يَا عَلِيُّ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي») قال الهيثمي في مجمع الزوائد (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، فِي أَحَدِهِمَا: مَيْمُونٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ ) .
فألفاظ الحديث واضحة في إثبات خلافة و ولاية إلهية خاصة لعلي عليه السلام نظير خلافة هارون لموسى عليه السلام حيث اقتضت الظروف والملابسات في المدينة أن يخلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم من يحمل خصائصه الرسالية ويكون قادرا على ملء الفراغ الذي يخلّفه خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى غزوة تبوك وأن يكون بديلا شرعيا وقانونيا ولم يكن أحد من الصحابة يمتلك هذا المقام الإلهي ألا علي عليه السلام ، وهذا ما يميز استخلاف علي عليه السلام عن استخلاف ابن أم مكتوم نيابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إقامة الصلاة واستخلاف سالم مولى أبي حذيفة .
وقد أخرج الحاكم في المستدرك في حديث طويل ورد فيه شكوى علي عليه السلام للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وما يترتب على بقائه في المدينة وعدم خروجه الى القتال فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلا : («أَمَّا قَوْلُكَ تَقُولُ قُرَيْشٌ مَا أَسْرَعَ مَا تَخَلَّفَ عَنِ ابْنِ عَمِّهِ، وَخَذَلَهُ، فَإِنَّ لَكَ بِي أُسْوَةً، قَدْ قَالُوا سَاحِرٌ، وَكَاهِنٌ، وَكَذَّابٌ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي؟ وَأَمَّا قَوْلُكَ أَتَعَرَّضُ لِفَضْلِ اللَّهِ فَهَذِهِ أَبْهَارٌ مِنْ فُلْفُلٍ جَاءَنَا مِنَ الْيَمَنِ فَبِعْهُ وَاسْتَمْتِعْ بِهِ أَنْتَ وَفَاطِمَةُ حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ الْمَدِينَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِي أَوْ بِكَ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ "
فحديث الحاكم كسابقه صريح في ضرورة بقاء علي عليه السلام في المدينة خليفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخلافة لا تليق إلا به ، خلافة من الله تعالى خلافة ربانية ومقاما ساميا في حياة النبي صلى اله عليه وآله وسلم وقبل مماته .
هذا ولم ينحصر صدور حديث المنزلة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقط في واقعة تبوك لكن الروايات الكثيرة والتي يقوي بعضها بعضا تحدثت عن صدور الكلام من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مناسبات عديدة لم يكن لها ربط بواقعة تبوك نذكر منها :
1- حديث المنزلة في قضية المؤاخاة ، حيث روى احمد بن حنبل في فضائل الصحابة باسناده عَنْ مَحْدُوجِ بْنِ زَيْدٍ، ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَالَ: " يَا عَلِيُّ، أَنْتَ أَخِي، وَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي )
وأخرج ابن عساكر في تأريخ مدينة دمشق عن محدوج بن زيد الذهلي ( أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما اخى بين المسلمين أخذ بيد علي فوضعها على صدره ثم قال يا علي أنت أخي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )
يتبع
تعليق