بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد واله الطيبين الطاهرين .
...إن حق كل إنسان في الوصول إلى مراتب عُليا وتسامي نحو الفضيلة ، وهو حق وطموح فطري يوجد مع النفس البشرية ، ولا يختفي إلا عند من محيت عنده هذه الفطرة بفعل القبائح وتكرار المنكرات بإرادة وتصميم منه .
يولد الإحساس بالحاجة إلى الرقيّ والرغبة في الاقتداء بأمثلة رفيعة المرتبة وعظيمة المنزلة ، قد نالت شرفا في الإنسانية جراء مواقف معينة ، والذي يَردْ إلى أذهان الكثير منا إن الاقتداء مطلوب عند الأعمار المبكرة ولاسيما مرحلة المراهقة بيد أن هذا الكلام -وإن كان صحيحا- وغاية لاتنقطع فهو من افضل الغايات اذا اتخذت واقعا عمليا .
ومن المعلوم إن الحياة المادية لايمكن وصفها بأنها حياة سعيدة مهما بلغت من التقدم وخير دليل على ذلك هو التصاعد في نسبة التوتر والكآبة والأمراض النفسية بل وحتى حالات الانتحار في البلدان المتطورة تكنلوجيا . وقد ألتفت مفكروهم إلى هذه الفقرة فاخذوا يصنعون أبطالا من واقعهم في عالم الأدب والرياضة والفن ، ولمّا لم تكن تلك الشخوص بمستوى الاقتداء المطلوب صاروا يبحثون في عالم الخيال عن أساطير أبطال من الوهم .
إن من أسباب سعادة الإنسان وتمتعه بلحظات عمره وجود الانموذج الذي يتخذه في حياته ويسعى للوصول إليه ويجسده بكل تفاصيله ودقائق تصرفاته وتحركاته ، وكلما اقترب من ذلك الانموذج غمرته السعادة ، ومتى ماتشبه به أحس بالفرح حتى إن مشكلات الحياة ومنغصاتها اليومية تذوب أمام ذلك الإحساس .
ولقد راعت الشريعة السماوية هذه المسألة فأعطت للأمم الشخصيات العملاقة في الإنسانية المتمثلة بالرسل والأنبياء ، وقد أختصت الأمة الإسلامية بأعظم شخصية في الكون بل في الوجود مطلقاً وهي شخصية الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) التي ضرب الله لنا بها المثل الأعلى والاقتداء الحسن فقال جل جلاله :
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)
ولم يقف أو يصل أحد عند هذه الشخصية العظيمة ، فلعلنا نستطيع القول بأن عظمة هذا الإنسان تجعل الآخرين يشعرون بالعجز عن ملاحقة أخلاقه وأفعاله في حياتهم وربما حتى في خيالهم لذا تتابعت النماذج الفذة في عالمنا الإسلامي ، ولعل حديث الطف فيه من القدوة مايغني كل فئة وكل طائفة وكل جنس ، بل هو لكل المستويات المختلفة في همتها ، ولو اقتدينا فيها فعلاً لكان حتما علينا أن ننظر إلى الحياة من منظار آخر يخالف ماهو متعارف عليه عند كثير من الناس .
دمتـــــــم بخيـــــــر
تعليق