
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدِِ واله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين من الاولين والاخرين من يومنا هذا الى يوم الدين .
سانقل لكم هنا محاورة دارت بيني وبين إبنتي فاطمة .
سألتني ابنتي قائلة : أماه هل أن كل الكائنات مخلوقة لله ؟
فاجبتها : نعم .
قالت لقد قلت لي ذات يوم إن الله سبحانه وتعالى جميل ولا يصدر منه إلا الخير والجمال .
قلت : نعم بالتأكيد .
فأستدركت كلامها بنبرةِِ متشنّحة إثر بعض المناظر المؤلمة التي رأتها من خلال التلفاز
وقالت : إذن لماذا خلق الله الأشرار الذين نراهم ينشرون في الأرض الفساد والدمار ؟
اجبتها بنبرة هادئة : هوّني عليك ياعزيزتي ، ساجيبك إن شاء الله .
أولاً : إن كل الشرور على وجه الأرض مصدرها الشيطان الذي يغوي الإنسان
ويستدرجه حتى يوقعه في المعصية .
قالت : إذن لماذا خلق الله الشيطان ؟
قلت : إن الله جل وعلا خلق المخلوقات خَيَّرةََ ، أبتداءاََ بما فيها الشيطان ، ولم يخلقها شريرة ،
إلا أن الشيطان إختار التمرد علي أوامر الله وعصيانه ، فالشيطان كان قبل المعصية يعبُد الله ويطيعه ،
إلا أنه بعصيانه أَمْرَ السجود لآدم صار ملعونا .
فقالت : فلم سُلِطَ على بني الإنسان ؟
قلت : ساجيبك بمثال من واقعك لتتضح أمامك الصورة .
قالت : تفضلي .
قلت : انتم في المدرسة عندما تقترب السنة الدراسية من نهايتها ، لماذا تُعِدَّ لكم المدرسة الإمتحان ؟
قالت : حتى نجتاز المرحلة التي نحن فيها إلى مابعدها .
قلت : ألا يمكن أن تجتازوها من غير إمتحان ؟
قالت : لا .
قلت : لماذا ؟
قالت : لأن ذلك سيؤدي إلى أن يتساوى المجتهد والمثابر مع المتقاعس وسيجتاز كلاهما المرحلة
من دون استحقاق أو تمييز وهذا يُعَدُ ظلما بحق المجتهد وهو خلاف العدل .
قلت : أحسنتِ بارك الله فيكِ ، وكذلك الحال مع الإنسان ، فإن شرط انتقال الإنسان
من هذه الحياة الى الحياة الأخرى قائم على الإمتحان والاختبار ، ولولا اغراءات الشيطان
واغواءاته لبني آدم لكان الناس كلهم على مستوى واحد ولا يتميز حينذاك المطيع الذي يقف
بوجه ذلك الاغواء ، من العاصي الذي ينخدع بوسوسة الشيطان ويسقط في الهاوية ، فيستحق
بذلك المحسن والمطيع ثواب الله تعالى وجنته ويبوء الذي عصى واستكبر واتبع الشيطان عقابه وناره ،
ولا تنسي الحكمة القائلة (عند الإمتحان يكرم المرء أو يهان) .
قالت : الآن فهمت اشكرك ياامي ولا حرمنا الله من نعمة وجودك .
دمتـــــــم بخيـــــــر
تعليق