أشهد أن دمك سكن في الخلد...!
حيدر عاشور العبيدي
رسخ في عقول الملايين اسمك ، وطبع في قلوبهم صدى صرختك التي هزت أركان التاريخ ، وغيرت عوالم الوجود،وأثبتت أن الإيمان ليس إقراراً باللسان بل عمل وتضحية وبناء وفكر وعقيدة وأركان... وأيقنت أن كربلاءك ساحة مخلدة مع الأزمان تقابلت فيها الفضيلة والرذيلة والإيمان والكفر...وأضفْتَ عليها يا سيدي من الجلال والبهاء والجمال ؛ لتكون قرينة الجنة الإلهية،وجعلتها وحدة إسلامية خالصة لله ولرسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) لتحمل لواءك ليهبها السلام والحرية،والمساواة،والعدالة...
فأصبحت ألسنة عشاقك تترنم باسمك، وأمانيهم الاستجداء من عطرك، والأنس بحضرتك...فسرقت العبارات والكلمات من أبلغ الواصفين عند بابك ، ولم يكتشفوا بعد إلا القليل من عظمة كراماتك، ومواهب قدراتك المصدرة للوحي ، أيّ وحي على مستوى موهبة العشق القائم على الاتزان الروحي والنفسي ليثير شجن التعبير في وجودك؟! ليوقظ فيهم الضمير النائم ، فكلما حلت ذكراك ، وأدمعت عيون ملائكة السماء تبدأ من جديد مسيرة العشق نحو كربلائك معلنين فاجعة مصيبتك...فمصيبتك يا سيدي مزدوجة الفواجع وهي لا تختلط بين فاجعة الروح وفاجعة النفس ،وأي ترجمة لأحد هاتين الفاجعتين بفاجعة أخرى تكون فقيرة ليس إلا... ولا يمكن أن تلد من جديد أزمنة العالم المتكلم فاجعة نظيرة لها .
فمنذ اغتسلت الأرض بدمك الطاهر ثمة نداء لا يفتأ تردده السماء تهطله غيثاً يرطب صحراءها اللاهبة، ويسقي أديمها طوفان يقضي بصمت هائج على كل رموز الباطل الذين توطنوا على بسيطتها، وقد رسمت الأديان صورة كاملة في مقدساتها تخشع لها وتقدسها كفاجعة لا تشبهها في الكون فاجعة، فأضحى صدى صوتها يزين الملك والملكوت ويملأ الفؤاد بالحب فارتفع ذكرك...وأصبح كالجمرة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً...وسفينة للنجاة تنجي من حط في ركابها ...فأكرمك الله فأصبحت أنت نفسك (أكرم الخلائق) وباب نجاة الأمة...وكان لحديث اللوح فيك شواهد ربانية : إن الله سبحانه جعلك خازن الوحي وأكرمك بالشهادة واجتباك بطيب الولادة وجعلك سيداً من السادة وقائداً من القادة وذائداً من الذادة،ونفسك المطمئنة في يوم عاشوراء ذات بصيرة من أمرك فرسمت مشاهد من الحياة، وهي تضع النقاط على الحروف في كل مشهد منها... فقد مثلت عاشوراؤك تفاصيلها بكل دقة مع كل روح تصعد إلى السماء كان هناك إيمان مطلق بحق اليقين بأنك الإيمان نفسه وليس إقراراً باللسان بل عمل بالأركان ...فتجاوزت عاشوراؤك سجال السيوف وسجال الكلام ،لتولد نظاماً متكاملاً للحياة والوجود،يتوهج عشقاً كلما مرت عليه الدهور ، فكان ولا يزال مجلياً للإسلام ومجلياً للتوحيد ومجلياً لقيامة عظمى أنارت مشاعل الحقيقة لتبقى مضيئة لدروب العاشقين ... وحفرت للباغين والكفرة قبوراً في مزابل التاريخ ... لا تزال رائحتها العفنة تزكم الأنوف.
وستبقى حقيقتك راسخة، وفاجعة طفك رسالة كونية دائمة، تصنع على مدار الزمان حركات تداهم كل البغاة والكفرة وتحل كل عقبة وتجعل من المستحيل ممكناً ... هي رسالتك السامية التي من أجلها يعمل العاشقون المريدون أن تكون زعيماً مخلداً على الأرض وبما فيها ...هذه هي المخاطرة الكبرى الظافرة التي كتبها الله له والتقى عندها بأسرار الكون مسخرات بأمره مسرعات إلى مشيئته.
تعليق