إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تدبّر من آية 10 - الى آية 15 - يوم تمور السماء مورا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تدبّر من آية 10 - الى آية 15 - يوم تمور السماء مورا

    السورة تتكلم عن مواقف القيامة ، وكما نعلم من اهل البيت عليهم السلام أن القيامة قيامتان ، قيامة صغرى يوم ظهور الإمام (يوم تبدّل الأرض غير الأرض) سنشهد فيها تغييرات في الأرض من تكوّر الشمس وضمورها وتغييرات كبيرة ويوم القيامة الكبرى وهو الحشر الأكبر ويكون فيه التغيير الشامل في كل الوجود.

    (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا)

    مور يعني الإضطراب وتبادل في المكان ، بعض المفسرين يقول بالحركة الدورانية للكون ، بحيث إن جميع الكواكب تدور حول بعضها البعض ، وفي بعض الحالات السماء والأرض تدور حول بعضها ، فإذا كان هذا يحصل للجمادات في يوم القيامة ، فما حال الإنسان ؟ الجبل بعظمته وصلابته يندك ، ويتلاشى عن الوجود ، فهذا الإنسان الرقيق اللطيف بأي حال سوف يكون ؟ في الحقيقة : إن من بشارة أهوال يوم القيامة العجيبة أن عين الإنسان تسكن عن الحركة أربعون سنة ، حيرةً ودهشة ، مثلما يحصل للإنسان عندما تحضره الوفاة حيث تستقر عينه في نقطة ثابتة وتسكن وتتوقف عن الحركة ، فهذا ما يحصل للإنسان أيضاً يوم القيامة .

    (وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا)

    الجبال ترتطم ببعضها وتتلاشى ، وتتحول إلى غبار ففي ذلك الوقت يوم القيامة ماذا يحصل؟. (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) الويل معناه : العذاب الشديد أو حفرة من حفر النيران لهؤلاء المكذبين أي : المنكرين ليوم القيامة الذين كانوا يقولون : من الذي ذهب من هذه الدنيا ورجع وجاء بخبر القيامة ، والعذاب والجنة والنار !!

    يقول لقمان الحكيم : إني أعجب لذلك الإنسان الذي يموت في كل ليلة ثم يحيا وهو ينكر يوم القيامة ( ويقصد بالموت حالة نوم الإنسان واستيقاظه ) ، فالإنسان في حالة النوم تنقطع جميع حواسه عن الإتصال بالعالم الخارجي ولكن تبقى الروح متعلقة بالجسد ، ولكن في بعض الأحيان تنفصل الروح تماماً عن الجسد والإنسان في حالة النوم ، أي أن الإنسان تحضره الوفاة وهو نائم . فالإنسان المؤمن يجب عليه دائماً وفي وقت النوم أن تكون وصيته وكفنه بالقرب منه ، وإذا لم يتوفاه الله واستيقظ من نومه يقول : ( الحمدالله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه البعث والنشور).

    يوم القيامة بحكم العقل

    ما هو الشيء الذي هو أوضح من يوم القيامة في نظر أهل العقل ؟ فإذا الأنبياء والرسل لم يخبروا الناس عن يوم القيامة ، فكل عاقل يفهم ، أن بعد هذه الدنيا ، هناك عالم آخر ، فإذا كان الأمر محصور بهذه الدنيا فقط ، فإن إيجاد الخلق يكون أمراً عبثياً ، والخالق جل وعلا ، حكيم ولا يفعل العبث ، بل إن هذه الدنيا تطوى وتزول وينتقل الخلق إلى عالم آخر ، هو عالم الآخرة ، بحيث هو أفضل من هذه الدنيا بكثير ، وقد أعد هذا العالم للبقاء والخلود.
    إن لباس أهل الدنيا شاءوا أم أبوا يبلى ويفنى أما لباس أهل الآخرة فهو جديد دائماً لا يعتريه الفناء .

    المؤمن المذنب عذابه قليل

    بعض المفسرين يقول : المكذب يعني منكر يوم القيامة ، أما ارتكاب المعصية من قبل أهل الإيمان كيف يحصل ؟ فهؤلاء لا يعتبرون منكرين ليوم القيامة ، وإنما يرتكبون بعض المعاصي ، والذنوب الصغيرة .
    كلمة (ويل) التي وردت في الآية اختصت بالمنكر ليوم القيامة ، أما المؤمن فعذابه أخف بكثير . وطبقاً للروايات فإن جهنم تتألف من سبع طبقات ، فالطبقة الأولى التي فيها العذاب خفيف ، فهي مخصوصة بالمؤمنين المذنبين ، حيث إن نور الإيمان لا يترك صاحبه ينحرف كثيراً ويرجع إلى الوراء ، بل إنه يطهره من الوقوع في الخطايا ، والذنوب في الدنيا والآخرة .

    (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ)

    الخوض يعني الإندفاع في الشيء، يندفع في الباطل وتكون كل ممارساته باطلة، بحيث لا يحتاج عندها ذكر كلمة ( باطل ) ، فالخائض يعني : كل إنسان مستغرق في الباطل .

    (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ)

    أي : الشخص الذي يندفع ويغرق في الباطل ، والخوض في الباطل ورد في علم الأخلاق ثلاث أقسام منه .

    الأقسام الثلاث للخوض في الباطل

    1- المرتبة الأولى : الكفر والإرتداد .

    2- المرتبة الثانية : الحرام .

    3- المرتبة الثالثة : المكروه .


    فالقسم الأول الذي يمثل الكفر والإرتداد يرجع إلى انكار أصول الدين. مثلاً، الاستهزاء بيوم القيامة وإنكاره أصلاً، أي إنكار المعاد، وعدم الإعتقاد بالرسول الأكرم (ص)، وإمامة الأئمة عليهم السلام ، فهذا القسم من الخوض في الباطل يرجع إلى أصل التوحيد، والنبوة، والإمامة، والمعاد والآية المذكورة أعلاه تشمل هذا القسم .

    أما القسم الثاني ، الذي هو الحرام ، فيرجع إلى الإنشغال والإستغراق في الحديث حول حكايات أهل المعاصي، مثلاً يجلس شخصين معاً ثم تعرض حكايات حول أهل المعاصي مثل مجلس المعصية الكثيرة في مجتمعنا ، أمثال مجالس الرقص والسينما والمعارض والغيبة وغيرها .

    أما القسم الثالث وهو المكروه ، ويمثل الجلوس والإنشغال بالحديث عن الأغنياء وثرواتهم وتنعمهم وبحبوحة العيش التي هم فيها وهذا بشرط أن لا يكون حديثهم ((غيبة)) .

    (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا)

    يدّعون : أي : يلقون بشدة وبعنف يقال يدعون
    نقول أيضاً من يخوض بالباطل سيبقى في جهنم الأرض وهي المرحلة الأولى من جهنم الآخرة ولن يرتفع مع الإمام المهدي الى جنّة الأرض أو ما نقوله السماء الأولى . وهذه هي مرحلة التصفية الأولى ، قبل تصفية يوم القيامة .
    أي : كل إنسان يخوض في الباطل ، يكون جزاءه بأن يلقى في جهنم بشدة ، وبعنف . وهناك رواية تقول : إن أهل جهنم أول ما يفعل بهم بأن تغل أيديهم إلى رقابهم ، ثم تربط أرجلهم بشعورهم ، ويلقون في نار جهنم ، وفي الوقت الذي يلقون فيه يقول لهم خزنة جهنم : هذه النار التي كنتم بها تكذبون في الحياة الدنيا.
    حقاً ما هذا الادعاء الذي يصدر من البشر وما هذا الإنكار والجحود ، وأية جرأة هذه التي تدفع البشر إلى إنكار المعاد ويم القيامة ، حتى إنهم لا يعترفون بمجرد احتمال وجود الجنة والنار . فهل عندهم علم قاطع بعدم وجودهما؟ وفي الرواية إن أهل جهنم في الوقت التي تربط فيه أيديهم وأرجلهم ، يضجون فيقول لهم الملك المكلف بهم ، إن هذا ليس بالعذاب ، إنما العذاب في جهنم وعندها سوف ترون .

    (هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ) أي هذه النار التي كنتم تنكرون وجودها .

    هل نار جهنم من السحر ؟

    من الإتهامات التي كانت توجه إلى النبي (ص) من قبل الكفار والمشركين ، إتهامه بأنه ساحر أو شاعر . من جملة هؤلاء (عتبة) ، وكان من المشركين ، قام يوماً بتحريض سائر المشركين، وانطلقوا إلى النبي (ص) فقال عتبة: يا محمد أنشد لنا بعض أشعارك ، فاجاب النبي (ص) إن القرآن ليس من السحر ، وقرأ عليه السلام بعض الآيات ، فما أن سمع عتبة القرآن حتى إرتعدت فرائضه ، وقال : كفاك يا محمد ما قرأت ، ثم ذهب إلى منزله وأغلق على نفسه ، فما كان من المشركين إلا أن اجتمعوا حول داره وخاطبوه بالقول : لقد كنت سبباً في إسقاط هيبة الجميع . بعد ذلك اتهموا النبي (ص) بأنه ساحر ، وقالوا إنه يعمل السحر. وفي يوم القيامة يتساءل خزنة جهنم: هذا هو السحر الذي كنتم به تكذبون ( وهذا هو مصداق الوحي الآلهي الذي ورد في القرآن المجيد) ، حقاً لقد كانوا أصلاف وفاقدي الحياة أولئك الذين كانوا يسيئون إلى كتاب الله ورسوله (ص) بأي شيء يمكن أن يشبه القرآن عمل السحر ؟ أي عمل قام به محمد (ص) يشبه عمل السحرة ؟ والساحر يعتبر من أرذل خلق الله وأكثرهم سقوطاً وطمعاً، وعمل السحر يعتبر عمل دوني وساقط جداً وبشع .

    ورسول الله (ص) الذي هو أطهر البشر والقرآن الذي يعتبر معجزته ويعمل السحر ؟ ما أكثر ما يفتري البشر ويلقي التهم والبهتان العظيم دون أي إعتناء، لذا يقال لهؤلاء يوم القيامة، هذه جهنم الآن ، هل هي من السحر أم أنتم لا تبصرون، (هذه جَهَنّمُ التي كنتم تُوعدون) و (أفسحرٌ هذا أم أنتم لا تبصرون) بعد هذا وزيادة في التوبيخ وعذاب الحريق (أصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواءٌ عليكم إنما تُجزَون ما كنتم تعملون) إحترقوا بنار جهنم ، صرختم أم لم تصرخوا ، وتحملتم أم لم تتحملوا ، فليس للصبر هنا أي أثر أو قيمة ، إنما الصبر في الدنيا على العذاب أو لا يصبروا، إذ ليس هناك أي تخفيف من العذاب لهؤلاء الأشقياء، إنما الفرق الوحيد هو إن الذي يصرخ من العذاب ولا يستطيع الصبر عليه ، يكون مورد شماتة الشيطان . وفي الحقيقة كل شيء في جهنم يوحي بالعذاب الشديد ،

    وإجمالاً إن الذي يقع عليه العذاب إن صبر أم لم يصبر فهذا لا يجدي شيئاً ولا يخفف عنه العذاب ولا يعفى عنه . ولكن في الدنيا لو استطاع الإنسان أن يصبر لحظة واحدة على الخطأ والمعصية يكون دائماً مورد عناية ولطف الخالق سبحانه وتعالى. مثلاً ، هو يستطيع أن يضرب أحداً ، ولا يضربه ، يستطيع أن يعمل المنكر ، أو ينظر إلى امرأة أجنبية ولا يفعل ذلك ، أو مثلاً في الصبح الباكر أو منتصف الليل حيث تكون الرغبة في النوم شديدة، ولكنه يغالب نفسه وينهض ويؤدي الصلاة ، أو أنه يصوم ويتحمل الجوع والعطش إلى غير ذلك . وبالجملة فإن أجمل ما في الصبر هو الصبر في المصيبة ، فمن أجل رضا الله يصبر ويتحمل ، يحترق عند الله سبحانه وتعالى ، (إن الله مع الصابرين) فإن أرضة السعادة في الدنيا و الصبر، (الصبر من الإيمان) ، وهذه الآيات التي يذكرها القرآن الكريم ، فإن أهل الغيمان وأهل التقوى عندما يصلون إلى هذا النوع من الآيات ، لا يرون أنفسهم طاهرين من العيوب ، ولا يحبسون أنفسهم من الذين ابتعدوا عن واقع الدنيا، وما يدريه الإنسان هل أن يرحل من هذه الدنيا وهو على الإيمان أم لا ؟ فالمؤمن يجب عليه دائماً أن يكون متذكراً ومنتبهاً إلى نفسه ، وعندما يصل القرآن إلى الآيات العذاب يقول : إلهي نجني وتوفني على الإيمان .


  • #2


    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الاخ الكريم مشاركة متميزة ومتألقة نسال الله لكم المزيد من المشاركات

    تقبلوا مروري

    تعليق

    يعمل...
    X