تويت
قراءةٌ قانونية في قرار القضاء العراقي بإعتبار
موقع التواصل الإجتماعي وسيلةٌ إعلامية
المحامي رامي احمد الغالبي
عضو اتحاد الحقوقيين العرب
موقع التواصل الإجتماعي وسيلةٌ إعلامية
المحامي رامي احمد الغالبي
عضو اتحاد الحقوقيين العرب
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والحمد حقه كما يستحقه حمداً كثيراً دائماً ابدا لا تحصي له الخلائق عددا وصلاته وسلامه على خير خلقه احمدا وعلى آله الغر الميامين صلاةً وسلاماً دائماً سرمدا.
اما بعد.
لا يخفى على الجميع ما للقضاء العراقي من مركزية كبرى في تأسيس الدولة المدنية وطرح القرارات المناسبة في كثيرٍ من الأزمات التي عصفت في البلد.
ضارباً بمواقفه عرض الجدار الكثير من الضغوطات السياسية الا ما ندر.
والسبب الرئيسي الذي جعل قضائنا العراقي الموقر يصل الى هذه المرحلة المتقدمة في عالم الحكمة والعدل هو رحابة صدره لإستقبال جميع الأبحاث والتقريرات التي تناقش القرارات القضائية بل وحتى التشريعية وأخذ المقترحات التي يطرحها كل باحثٍ بنظر الإعتبار.
ومن القرارات التي اصدرها القضاء العراقي وكانت محل مدٍ وجزرٍ بين مؤيدٍ ومخالفٍ بين محاورٍ ومهاجم هو قرار اعتبار بإعتبار موقع التواصل الإجتماعي ((فيس بوك)) وسيلة إعلامية.
فقد اصدرت محكمة إستئناف بغداد ـ الرصافة الإتحادية قرارها المرقم (( 989/جزاء/2014 )) المؤرخ في (( 29/12/2014 )) والخاص بجريمة سب وقذف وفقا للمادة (( 433 )) من قانون العقوبات العراقي وقد اعتبر القرار المشار اليه ان نشر عبارات القذف عبر مواقع التواصل الاجتماعي (( الفيس بوك)) يمثل نشر عبارات القذف عبر وسائل الإعلام وهو يعد ظرفاً مشددا على وفق حكم المادة ((433/ا)) بإعتبار أن النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ((الفيس بوك)) يعد من وسائل الإعلام لأنه متاح للجميع ويصل إلى الجميع ويوفر عنصر العلانية في الفعل وعلى وفق حكم المادة (( 19/3)) عقوبات .
حيث ان هذا القرار يخالف الفقرة الأولى ثانياً من المادة الأولى من قانون حماية الصحفيين العراقيين رقم ((22 لسنة 2011)) حيث تنص على : ـ ((كل مؤسسة تختص بالصحافة والإعلام ومسجلة وفقاً للقانون )).
وبطبيعة الحال ان موقع الفيس بوك موقعٌ لا يحمل الصفة القانونية كونه ليس بمؤسسةٍ إعلامية او مسجلة وفق القانون هذا من جهة ومن جهة أخرى انه موقع أمريكي المنشئ ولا يسري القرارات العراقية على خارج إختصاصه المكاني.
وإن فعل المدان في هذه قضايا القذف والتشهير عبر مواقع التواصل الإجتماعي ((الفيس بوك)) ينطبق واحكام الفقرة (1) من المادة (( 433)) من قانون العقوبات العراقي رقم (( 111 لسنة 1969 المعدل)).
لكن من هذا المدان ؟؟؟ , ومن قال ان هذا الحساب الذي ينشر فيه التعليقات تابع له ؟؟, فنحن نشاهد ان نسبةً ضخمةً جداً من المشتركين في موقع التواصل الإجتماعي لديهم اسماء وهمية, كذلك ومسجلين وفق ايميلات غير صحيحة, فعند رجوعنا الى المختصين في العلوم الإلكترونية, اكدوا انه يمكن وبسهولةٍ ان يؤسس اي شخصٍ ما صفحة عبر موقع التواصل الإجتماعي من دون التسجيل عبر الإيميل او حتى ادخال رقم هاتف خاص به!!!! ففي هذه الحالة كيف يمكن للقضاء ان يحاكم ووفق اي مادة وهل ستكون قضية القذف والتشهير محسومة بقرار القضاء غلق الدعوى لمجهولية الفاعل ؟؟.
ثم إن سلمنا جدلاً أن الحساب المستخدم للقذف والتشهير معرفٌ بإيميلٍ معين ورقم هاتفٍ معين, ففي هذه الحالة كيف يضمن القضاء ان هذا الإيميل لم يخترق ويسرق كما يتعرض اي شيءٍ مادي او معنوي او فكري للسرقة ؟؟؟ فخبراء العلوم الإلكترونية اكدوا وبكل صراحة إمكانية سرقة اي أيميل او حساب ما من موقع التواصل الإجتماعي ونشر ما يمكنهم نشره.
وخير دليلٍ على ذلك المئات من مقاطع الفيديو المنتشرة عبر مواقع الإنترنت والتي تبين كيفية الإختراق والمعروفة بـ((Hacker)) .
وعلى ضوء ما تقدم نطرح مقترحاتٍ بسيطةٍ إلى القضاء العراقي الموقر متمنين اخذها بعين الإعتبار :ـ
1. إعادة النظر في القرار الصادر بخصوص اعتبار موقع الفيس بوك مؤسسة اعلامية لمخالفته لقانون حماية الصحفيين.
2. الإستعانة بخبراء العلوم الإلكترونية وبيان كيفية سد الثغرات العملية لإصدار قرارٍ مناسبٍ غير قابل للطعن.
3. على هيئة الإتصالات طلب الرأي من قبل مجلس شورى الدولة في قانونية اعتبار موقع التواصل الإجتماعي مؤسسة إعلامية.
وقبل أن يجف ريق القلم اقول أن الحمد لله رب العالمين
تعليق