بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
..إن استعلام الحقائق ومعرفة ماهية الأشياء يلعب دورا في تحديد التكليف الشرعي تجاه الآخرين .. ويزيل كل الشكوك التي تحيط بالمواضيع المشتركة من جهة الاستهداف .. والمبتعدة عن بعضها من جهة أخرى .. ويضع الحلول الناجحة لكل قضية على حد سواء .
وفي هذا الصدد نجد أن هنالك خلطا بين كلمتي العدو والخصم ، إذ أن من الأخطاء الشائعة اعتبار كلمة العدو مرادفة لكلمة الخصم ، ولو امعنا النظر في المعنى اللغوي والاصطلاحي لوجدنا فرقا واضحاً بينهما .
التعريف اللغوي الخصم : خصم خصما وخصاما أحكم الخصومة وجادل فهو خصم ، اخصم فلانا : لقنه حجته على خصمه ليغلبه . ((المعجم الوسيط : ص239)) .
العدو : عدا عدوا وعدوانا وتعداء وعدوانا : جرى عليه عدوا وعداء وعدوانا ظلمه وتجاوز الحد على الشيء عداء
(المعظم الوسيط ص588) .
في الاصطلاح : قال أحد العلماء الماضين (رضوان الله تعالى عليهم) في بيان الفرق بين العدو والخصم ، هنالك فهم شائع يقول إن العدو نفسه الخصم واذا مارجعنا إلى الفهم العرفي لوجدنا هنالك فرقا بين العنوانين فالخصم هو : المخالف للفرد في قضية معينة سواء كانت قضائية ام لم تكن وهو عادة يريد الكيد بخصمه .
وأما العدو : يكيد للشخص سواء كان طرفا مخالفا في قضية قضائية أو لا .. ومعه يكون بين العنوانين الخصم والعدو عموم وخصوص .
من وجه يجتمعان في من يخالف في قضية ويكيد لصاحبه فيكون خصما وعدوا في نفس الوقت .. وقد يكون خصما لاعدوا كالخصومة في أمور نظرية علمية أو في مورد قضائي خال من الكيد والاعتداء ، وقد يكون عدوا لآ خصما كالذي يكيد بدون أن يكون طرفا في نزاع أو قضية معينة وإنما لمجرد الحسد أو الشهرة أو اللصوصية أو غير ذلك من المارب الدنيئة .
وقد قال تعالى :
( إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ)
ص22
وتفسير هذه الآية المباركة : خصمان أي فريقان متخاصمان تجاوز بعضنا ظلما على بعض
( الميزان : ج17 ص193)
أقول وطلبهما للهداية دليل على نقاء سريرتهما وعدم وجود قصدية الضرر أو الإعتداء .
أما في معنى العدو فقال تعالى :
(قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)
يوسف:5
تفسير هذه الآية المباركة : فكان المعنى ، قال يعقوب ليوسف (عليه السلام) : يابني لاتقصص رؤياك على اخوتك فإنهم يحسدونك ويغتاضون من أمرك فيكيدونك عندئذ بنزغ واغراء من الشيطان وقد تمكن من قلوبهم ولايدعهم يعرضون عن كيدك فإن الشيطان للإنسان عدو مبين .
( الميزان ج11 ص81) .
إذن لابد لكل أمر من ملاك حاكم وحكمة نافعة
وفي بحثنا عن وجه الفرق بين الخصم والعدو استنتجنا وجود فارق واضح بين العنوانين
والملاك لهما هو تحكيم العقل وعدم الحكم على الآخرين بكونهم أعداء مالم تصل النوبة إلى التعدي والضرر .
دمتــــــــم بخيــــــــر
تعليق